فتحي أبو سهيل – دمشق:

رغم انخفاض سعر صرف #الدولار مقابل #الليرة السورية حوالي 300 ليرة سورية خلال اسبوع واحد فقط، إلا أن أسعار #المواد_الاستهلاكية مازالت على حالها وكأن سعر الصرف مازال 650 ليرة سورية، ما أشعل موجة من الانتقادات اتجاه حكومة النظام حول السياسات الاقتصادية التي تتبعها في الشق النقدي.

 

ليس فقط بقاء أسعار السلع التجارية على حالها كان محل استياء المواطنين، بل أيضاً، كان توجه النظام نحو رفع أسعار خدماته والسلع التي تنتجها مؤسساته على مدار عقود محط جدل واسع، وخاصة وأن الحجج التي كان يتذرع بها هي ارتفاع سعر الصرف، بينما كانت حكومته تعلم مسبقاً أنها قادرة على خفض السعر متى شاءت وخلال أيام فقط، ماشكل مؤخراً ضربة اقتصادية هزت المواطنين  والتجار في آن واحد بدلاً من أن تكون النتائج ايجابية كما يتم الترويج له في اعلام النظام.

المركزي يضارب بالمواطن

مؤخراً هبط سعر صرف الدولار الواحد مقابل الليرة إلى 350 ليرة بعد أن سجل سعره 650 ليرة سورية منذ اسبوع تقريباً، وعلى هذه العملية يقول فداء وهو موظف في القطاع الخاص أنه “خسر نسبة كبيرة جداً من قيمة مدخراته التي اشتراها بالقطع الاجنبي من مؤسسات الصرافة خلال الفترة الماضية بقيمة مرتفعة كان قد حددها المركزي ذاته”.

ويتابع “كان المصرف المركزي التابع للنظام يرفع اسعار الصرف تباعاً، وكنت أضطر سابقاً لاستلام #الحوالات الخارجية بالليرة السورية عبر شركات الصرافة، ومن ثم شراء الدولار من ذات الشركات رغم خسارتي نتيجة فارق سعر صرف الحوالات مع سعر الشراء، لكن هذا الاسلوب كان الضامن الوحيد لبقائي في مأمن من انهيار الليرة”.

التوجه للتعامل بالدولار بدلاً من الليرة!

وأردف “قبل انخفاض سعر الصرف الأخير، سمح المركزي بتحويل الحوالات بالقطع الاجنبي إلى ودائع في المصارف أو الحصول على قيمتها بالليرة السورية وفقاً للتسعيرة الرسمية، حتى لجأت شركات الصرافة مؤخراً بعد انخفاض سعر الصرف إلى تسليم الحولات بالدولار مباشرةً ماكان مفاجئاً جداً، وينذر بما هو أسوأ، كالاستعاضة عن الليرة السورية بالدولار بعد احتكار الأولى من قبل المركزي”.

ويؤكد عصام وهو تاجر في سوق الحريقة، أنه كتب شيك لأحد عملائه بقيمة 500 ألف ليرة سورية، لكن العميل تفاجأ بأن البنك رفض تسليمه الشيك إلا بالدولار مارفضه العميل، وهنا دار سجال بين العميل وموظف البنك الذي كانت حجته بأن “المصرف المركزي يسحب يومياً كل مايأتينا من ليرة سورية”.

ذات المشكلة بمنحىً آخر حصلت مع ثائر وهو صاحب محل ألبان في #دمشق، فقد توجه إلى #البنك لسحب جزء من مدخراته من الليرة السورية، إلا أن البنك رفض تسلميه المبلغ الذي يريد وهو 600 ألف ليرة سورية، وأكد له الموظف أنه لايستطيع تسليمه سوى 100 ألف ليرة سورية فقط لعدم توفر الليرة، وإنما يمكن تسليمه كامل المبلغ بالدولار.

خبير اقتصادي مقرب من دوائر النظام، برر لـ “موقع #الحل_السوري” مايحدث، بأنه “عملية احتكار لليرة السورية من قبل مصرف سوريا المركزي”، وعلى حد تعبيره “سيؤدي هذا بالضرورة إلى خفض سعر الصرف وليس تحسين قيمة الليرة التي فقدت قدرتها الشرائية والدليل هو أسعار السلع”.

وشبه الخبير هذه العملية “بعمليات الاحتكار التي يقوم بها تجار السلع الذين يقومون بتخبئة نوعية معينة من السلع الأساسية بالنسبة للمواطنين لإحداث أزمة بزيادة الطلب عليها وندرة عرضها، ومن ثم توفيرها بقدر معين بالسعر الذي يريدون”.

كذبة متفق عليها

وأردف الخبير مفضلاً عدم ذكر اسمه، أن “المركزي يعلن يومياً بأنه يلزم #شركات_الصرافة بشراء مبلغ مليون دولار والمكاتب 100 الف دولار، وبيعها للمواطن مباشرة دون تقاضي اي عمولات تحت طائلة المسائلة على حد تعبيره، لكن ذلك عبارة عن حيلة متفق عليها بينه وبين شركات الصرافة التي لا تملك هذه المبالغ، فهل يعقل أن يملك مكتب صرافة مرخص يعمل بشكل شرعي 100 ألف دولار بشكل يومي؟، ولو فرضنا أنه يملكها فلماذا يتخلى عنها للمصرف المركزي مقابل الليرة السورية ويخسر!؟”.

ويشكك الخبير بـ”حسن نية المركزي”، الذي وصفه “بالشريك المضارب”، الذي اتبع الاسلوب الاخير بعد أن شعر بحاجة لليرة السورية في هذه المرحلة، قائلاً أن المصرف المركزي اعترف مؤخراً أنه غير قادر على جعل سعر الصرف مستقراً بعد خفضه حيث أعلن بإحدى نشراته إن “سياسة المركزي تضمن استقرار سعر الصرف على المدى المتوسط”.

تعويم

من جهته، يقول المحلل الاقتصادي زاهر أبو فاضل لموقع #الحل_السوري، أنه “بعد انهيار قيمة الليرة السورية والذي كان أحد أسبابه تهريب الليرة خارج البلاد من قبل بعض المصارف والشركات، مقابل إحداث توازن بين سعر الصرف الذي يريدونه في السوق السوداء وكميات الليرة السورية المتوفرة، وبهذا كانوا المتحكمين الأساسيين بسعر الصرف”.

وأردف، “العملية التي قام بها المصرف هي (التعويم)، حيث قام بسحب مابأيدي الشركات من الليرة السورية وحبسها من قبله مقابل اغراق السوق بالدولار، ماينشأ طلباً على الليرة واشباعاً من الدولار، وهذا مايبرر امتناع بعض شركات الصرافة والبنوك على تسليم الحولات والأرصدة بالليرة السورية لعدم توفرها”.

سياسة “دنيئة” قد توقعه بورطة

ويؤكد  أبو فاضل أن سياسة  “الاحتكار” التي يتبعها المركزي قد ضرت بالمواطنين قبل التجار، وخاصة الذين فقدوا قيمة مدخراتهم بالعملة الصعبة نتيجة السياسة “الدنيئة” التي اتبعها عبر  مساهمته مع شركات الصرافة برفع سعر الصرف طيلة السنوات الماضية مقابل الحفاظ على انخفاض سعر الحوالات، مادفع العديد من المواطنين الى استجرار الحوالات بالدولار عبر قنوات غير شرعية، أو تبديل مدخراتهم إلى العملة الصعبة، حتى قام مؤخراً بخفض سعر صرف الدولار في السوداء أكثر من السعر الرسمي، ورفع سعر الحوالات في شركات الصرافة، ليجبر المواطنين على بيع ما ادخروه من عملة صعبة لشركات الصرافة وتحويل الحوالات عبر القنوات الرسمية، وبالتالي خسارة المواطنين كونهم يبيعون ما اشتروه بسعر مرتفع بعد خفض السعر.

هذه العملية على حد تعبير أبو فاضل لن تثمر طويلاً، وخاصة وأن المركزي يضخ كل مالديه من دولارات إلى شركات الصرافة التي قد تقوم بلعبة مشابهة عبر تهريب #الودائع خارج البلاد أو احتكار #القطع_الأجنبي لإحداث الطلب عليه في فترة معينة يكون بها المركزي طرح كل مالديه من الليرة السورية، وعندها سيكون المركزي في ورطة كبيرة.

الخبيران توقعا عودة ارتفاع سعر الصرف حينما أراد التجار الذين لن يقبلوا بأي شكل من الاشكال خسارتهم، مايعني “خطة عكسية قد تودي بالمركزي والمواطن السوري إلى الحضيض اقتصادياً”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.