سارة العمر

لا توفر قوات #النظام_السوري وسيلةً واحدةً للضغط على أهالي حي #الوعر، آخر منطقة خاضعة لسيطرة المعارضة في مدينة حمص التي يسيطر النظام على أحيائها الباقية. في محاولة منه لإخضاع الحي لسلطته من جديد.

 

الموقع الجغرافي للحي ساعد النظام على إطباق الحصار عليه من جميع الجهات، فالحي محاصر بمناطق سيطرة النظام، ويحده من الجنوب #نهر_العاصي الذي كانت مياهه تغذي بساتين حمص المشرفة على الحي.

في مطلع عام 2012 قامت قوات النظام، بردم مجرى النهر، وهو ما تسبب بارتفاع منسوب المياه فيه تدريجياً، كما تسبب بحدوث فيضانات ربيعية، أغرقت الأراضي الزراعية المحيطة، ومع ربيع هذا العام، أغرقت مياه النهر حوالي 70% من الأراضي الزراعية في الوعر،  والتي كانت تشكل مصدراً رئيسياً للمزروعات في الحي خلال السنوات الماضية، فتحولت اليوم إلى  مستنقعات وحلة تكثر فيها الحشرات، وماتت كل أشجارها المثمرة.

وبعد أن كانت بساتين الوعر تمتاز بتربتها الخصبة والصالحة لزراعة كافة أنواع الخضراوات أمست اليوم مستنقعات لا تصلح لزراعة شيء، ويصل عمق المياه الراكدة فيها إلى مترين. في حين أن البساتين التابعة لمناطق النظام مثل بساتين بابا عمرو والبساتين المطلة على أوتستراد طرابلس مازالت الأرض فيها خصبةً، وتزرع بكافة أنواع الأشجار المثمرة.

ووفقاً للناشط الإعلامي رضوان الهندي فإن “محاولات فتح مجرى النهر لحسر المياه عن البساتين شبه مستحيلة بسبب انتشار قناصة النظام في المناطق المطلة على مجرى النهر” ومع استمرار هذا الوضع على هذا الحال يتوقع أهالي الحي أن المياه ستصل لأطراف حي الوعر مع بداية عام 2017.

وكان النظام وبعد توقف هدنة الوعر المبرمة مطلع العام الماضي، عاد لإطباق الحصار على السكان الذين يعيشون اليوم ظروفاً إنسانية صعبة جداً في ظل نفاذ المواد الغذائية والطبية من الحي. إذ يحاصر الحيّ  قناصة النظام المتوزعون على عدة ثكنات منها الكلية الحربية والمشفى العسكري ومشفى حمص الكبير وبرج الغاردينيا،  ومن الجنوب بات الحي محاصراً بالمستنقعات والنهر المرصود بالقناصة أيضاً.

 

تراجع الزراعات

محمود جمعات أحد المزارعين في المنطقة، وكان يملك أرضاً في بساتين الحي، يؤكد أن النظام قام بردم مجرى النهر بالحجارة والتراب، ليدمر البساتين ويحرمهم من الاستفادة منها، يقول: “كنا نستفيد من مياه النهر في سقاية البساتين التي كانت المصدر الأساسي للخضراوات التي نتغذى عليها نحن وأبناؤنا، والتي كانت تخفّف علينا وطأة الحصار، واليوم خسرنا الأرض والمياه”.

تسبب إغراق البساتين في حرمان أهالي الحي من توفير بدائل زراعية للحصار المفروض عليهم، وتراجع وجود المنتجات الزراعية في الأسواق، حيث تقتصر المساحات المزروعة في الحي اليوم على بعض الأراضي المحيطة بالمنازل، والتي يعمد البعض لزراعتها بالقليل من الخضراوات. في الوقت الذي تمنع فيه قوات النظام من إدخال أية مواد غذائية إلى الحي.

asiيقول جمعات “بذور الخضراوات نشتريها مهربةً وبأثمان مرتفعة جداً، ونظراً لانقطاع الكهرباء فإن عملية سقاية المزروعات تتطلب جهداً كبيراً لسحب المياه من الآبار التي بتنا نعتمد عليها بشكل كلي في تأمين المياه منذ بدء الحصار”.

ويعاني اليوم نحو  100 ألف سوري في الوعر  من نقص حاد في المواد الغذائية الأساسية، مع منع النظام دخول الطحين وحليب الأطفال، وهو ما يعرض قرابة 1900 طفل لحالات سوء التغذية.

وكحل مؤقت لنفاذ الخبز من بيوت الحي يقوم السكان بطحن الأرز والبقوليات وغيرها من مواد متوافرة لديهم، وصنع الخبز منها لسد جوع أطفالهم، أم محمد وهي والدة لخمسة أطفال، تقول: “خرج ابني لتأدية الامتحان الاعدادي، ولم يسمحوا له بأن يدخل ربطة خبز معه. . يريدون أن يقتلوا أطفالنا جوعاً كما فعلوا بمناطق أخرى، أطحن ما تبقى لدي من أرز وعدس وأصنع الخبز منها، على الرغم من قساوته فهو يسد جوعنا، شارف الأرز على النفاذ ولا أدري ماذا سأطعم أطفالي عندها”.

خطر بيئي

أبو علي وهو ممرض في الوعر قال إن المستنقعات الناتجة عن فيضان النهر تشكل خطراً إضافياً على صحة السكان، فهي مكان لتكاثر الحشرات والجراثيم تفوح منها الروائح الكريهة وتنتشر الحشرات في الأماكن المجاورة لها.

يضيف “نخشى من انتشار #اللشمانيا وغيرها من الأوبئة في الحي، في ظل غياب الأدوية اللازمة لعلاجها ما ينذر بكارثة بيئية وإنسانية قريبة في حال لم يتم فتح مجرى النهر وعودة المياه لمجراها الأصلي”.

من جانب آخر، تزامن ظهور حالات سوء التغذية في الحي مع نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية نتيجة لمنع النظام دخول أية مواد طبية إلى الحي، وعلى الرغم من إدخال وفود الأمم المتحدة عدداً من السلل الصحية إلى الحي، إلا أن هذا العدد كان قليلاً ولا يتناسب مع عدد المرضى المتواجدين في الحي، إضافة إلى أن “أغلبها كانت منتهية الصلاحية أو قريبة من ذلك، وبالتالي لا تؤمن الفائدة العلاجية المرجوة، وخاصة أدوية الأنسولين واللشمانيا الضرورية مع انتشار الحشرات المختلفة من المستنقعات في الآونة الأخيرة” وفق المصدر.

محمد الطويل أحد سكان الحي يعاني من مرض السكر والقلب، يقول: “الدواء ضروري لي جداً ولا أتمكن من الحصول عليه مع استمرار الحصار، حيث نفذت الأدوية من الصيدليات، ولا يسمح لأحد بإدخال أي نوع من الدواء”.

حالات سوء التغذية تتزايد في الحي يومياً دون أن يتمكن الأطباء من تقديم العلاج اللازم فأغلب الأدوية المتوافرة في الحي منتهية الصلاحية وغير فعالة. ما يهدد صحة الأطفال والشيوخ الذي يحتاجون للأدوية بشكل كبير.

وفي محاولة للفت نظر العالم الدولي لمعاناة أهالي حي الوعر، قام 13 ناشط من الوعر وناشط من حمص مقيم في اسطنبول بالإضراب عن الطعام، في “إضراب الكرامة” ضمن حملة #أنقذوا_الوعر التي أطلقها النشطاء على صفحاتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي للتضامن مع أهالي حي الوعر، وذلك لحث الجهات الدولية للتدخل وإنقاذ أهالي حي الوعر من كارثة إنسانية وشيكة في ظل الحصار الخانق الذي يفرضه عليهم النظام. إلّا ان كل الجهود لم تؤت ثمارها بعد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.