تسببت الحرب في #سوريا بتغيير مصير الكثير من الأجيال، الأطفال والناشئون منهم بشكل خاص. فالكثير منهم استبدل مقاعد الدراسة بشتى مراحلها بزاوية في خيمة في إحدى دول الجوار، ومن كان منهم محظوظاً استطاع الوصول إلى المدن في الدول ذاتها والحصول على عمل يكسب منه ما يسد شيئاً من أعباء عائلةٍ حملت أرواحها كممتلكات ووصلت بها إلى الجوار لتبدأ بتأسيس حياة جديدة لا حجر أساس لها.

بعض أرباب الأعمال لم يراعوا طبيعة هؤلاء الأطفال الضعيفة بطبعها، وراحوا يستغلون طاقتهم لساعات طويلة من العمل اليومي، هذا ما فعله أبو زكور “على الأقل” في ورشة الخياطة التي يملكها في #أنطاكيا، حيث أعدت الدايلي ميل تقريراً عنه كتبه كل من إيزابيل هنتر وسالم رزق نشر بتاريخ 6 حزيران الحالي.

 

أبو زكور السوري ذي الـ 35 عاماً يشغّل لديه أطفالاً بعمر التاسعة كعامل درزة بالإضافة إلى فتاتين صغيرتين يخفيهما في الطابق العلوي من الورشة، أما عن طبيعة ما يقومون بصناعته فهو بدلات عسكرية لمقاتلي #داعش، بالإضافة إلى مجموعات عسكرية أخرى مثل #جبهة_النصرة و #أحرار_الشام و #الجيش_السوري_الحر. وعندما سئل باستغراب عن تصنيعه بدلات لمقاتلي داعش أجاب أنه ليست لديه مشكلة في ذلك فقال “ليس مهماً من أين هم زبائني”.

أما عن تشغيله أطفالاً بعمر الدراسة فأسهب قائلاً إن أطفاله يدرسون في مدرسة تابعة لمنظمة غير حكومية، وأنه “بإمكان هؤلاء الأطفال أن يذهبوا للمدرسة لكن آبائهم يريدونهم أن يعملوا لكسب المال، فماذا أفعل أنا؟”.

يعمل لدى أبو زكور عشرة أطفال غير الفتاتين، جميعهم في سن الدراسة ولولا الحرب في #سوريا لكانوا على مقاعدهم الدراسية يتلقون الدروس، لكن انتهت بهم الحال للعمل اثنتي عشرة ساعة لكسب ما يسد من رمق عيشهم بعيداً عن براءة طفولتهم وفرص الاستمتاع بشيء منها.

ليس لدى أبو زكور ميول ثورية أو تعاطف مع #داعش، إنما يبدو أنه غير متأثر بآداب المهنة فيجهز مستلزمات داعش ويستأجر الأطفال للعمل دون الشعور بأي ذنب، في الوقت الذي لا يبدو عليه أنه رجل سيء فقد عاش معاناة قاسية بعد سيطرة داعش على #الرقة التي لجأ إليها هرباً من القصف على مدينته #حلب، إلى أن استطاع الفرار بعائلته إلى #تركيا قبل بضعة أشهر.

وأضاف إنه كان يشغل الأطفال في مصنعه في الرقة أيضاً، فلم يشأ الأهالي إرسال أطفالهم إلى المدارس الشرعية التي فرضتها داعش وفضّلوا إرسالهم للعمل.

وعن معاناته في هذا العمل تحدث عن الطرق التي يوصل بها بضائعه إلى مستلميها، فكل الطرق بين سوريا وتركيا مغلقة.

وعند سؤاله عن اعتماد ورشته تجهيز الملابس العسكرية عوضاً عن الملابس المدنية أجاب أن الملابس المدنية لم تدر عليهم أرباحاً كبديلتها العسكرية، معتبراً الربح الأكثر السبب في اختياره لهذا الصنف.

وعن الفرق بين بدلات كل من المجموعات أوضح أبو زكور أن أحرار الشام والجيش السوري الحر يفضلون البدلات المائلة للسمرة الخفيفة، بينما يفضل جناح القاعدة السورية “جبهة النصرة ” الزي الأخضر العسكري. أما داعش فيفضل الزي الأقرب للزي الأفغاني، حيث يجلب كل فصيل نموذجاً للبدلة التي يريدها فينسخ النمط مع اختيار لون القماش المطلوب من تلك الأقمشة التي يجلبها من #اسطنبول.

إلا أن داعش هي أكثر من لديه نماذج حيث يستخدمون نماذج مختلفة للتفريق بين وحداتهم، فالأسود يستخدم للاستعراض، والزي الأفغاني لفرق الإعدام الوحشية أما الزي المموه والأسود المسمر سيئ السمعة يستخدمه مقاتلو الجبهات .

لكن عمله هذا توقف من شهرين بسبب إغلاق الحدود فلا سبيل لزبائنه للوصول إليه وأخذ احتياجاتهم.

وأكد أبو زكور أنه استقبل أطفالاً آخرين في مصنعه الجديد في #غازي_عنتاب لأنه بذلك يساعدهم على كسب المال الذي يعينهم على الحياة حيث يدفع لهم 40 ليرة تركية على الأقل خلال اليوم، وأنه لن يهتم ببيعه الملابس لداعش وغيرها لأنه في النهاية يجب أن يصرّف بضاعته ليكسب لقمة العيش.

أما اليونيسيف فقد كانت قد أكدت أن 80 بالمئة من الأطفال السوريين في تركيا لا يرتادون المدارس، وأن نصف أطفال سوريا محرومون من التعليم داخلها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.