حمزة فراتي – دير الزور

اختلفت أجواء وطقوس شهر #رمضان في مناطق #دير الزور و #الرقة الواقعتين تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية #داعش شرق #سوريا، عما كانت عليه سابقاً، سواء ما يتعلق منها بأمور العبادة وفريضة الصيام نفسها، أو ما يتعلق بالعادات الاجتماعية والحياة الرمضانية وكذلك النشاطات التجارية التي اعتادها الناس سابقاً في رمضان.

 

من وجهة نظر بعض أنصار التنظيم في مدينة الرقة، والتي تعتبر عاصمة #الخلافة ، أن الدولة الإسلامية “تسعى لأن يمر شهر رمضان على المسلمين وقد غفر الله لهم، وتزوّدوا بالطاعات والأعمال الصالحة من خلال الالتزام بالشريعة الإسلامية وضوابطها على النهج الصحيح والتخلص من البدع والشرك”.

عقوبة المفطر

تنقل مصادر مدنية من دير الزور والرقة لموقع #الحل_السوري بعض ما تغير في عادات الناس في رمضان، لتبدأ بالحديث عما يقوم به التنظيم في مناطق سيطرته من “جلد للمفطرين خلال هذا الشهر، ووضعهم داخل الأقفاص الحديدية التي نشرها على مداخل المدن والبلدات، أو تعليقهم أحياء على أسوار الحدائق والأماكن العامة وذلك للتشهير بهم”، وبعض المخالفين يخضعون لدورات شرعية أيضاً، كلها عادات لم يشهدها السوريون قبل دخول تنظيم #داعش.

أبو خالد ( أحد سكان حي المشلب، في مدينة الرقة )، يقول في حديث لموقع الحل “قام التنظيم باعتقال شابين من الحي في نهاية الأسبوع الماضي بتهمة الإفطار خلال شهر رمضان، حيث قام بجلد كل منهما 70 جلدة، وبعد ذلك تم وضعهما داخل قفص حديدي عند مدخل الحي لتشهير بهما”.

برّر هذا الأمر ودافع عنه أحد خطباء #داعش في مدينة #الميادين بريف دير الزور، قائلاً “إن هؤلاء بإفطارهم جهراً ومن دون عذر شرعي يستهترون بركن عظيم من أركان الإسلام، وبالتالي هم يستهزئون من ديننا ومجتمعنا المسلم، فوجب معاقبتهم والتشهير بهم”.

رمضان بلا تلفزيون

نفذ التنظيم قراراً أصدره في وقت سابق بإزالة أجهزة الاستقبال الفضائي (الدش) من كافة المنازل في مناطق سيطرته في مدة أقصاها أول يوم من شهر رمضان الحالي، حيث يغرم ويعاقب من يخالف ويمتنع عن ذلك، كما قام بإغلاق معظم مقاهي الإنترنت في ريف دير الزور حتى انتهاء شهر رمضان ليتم فتحها بعد ذلك، مع إبقاء ثلاث منها تعمل خلال هذا الشهر، ما أسفر عن ردّات فعل سلبية لدى الأهالي وعدد كبير من عناصر التنظيم خصوصاً المهاجرين من جنسيات أخرى نتيجة تلك القرارات.

قيود على صلاة التراويح

أكد التنظيم هذا العام قراراً كان قد أصدره العام الماضي بألا تتجاوز ركعات #صلاة_التراويح الثماني امتثالاً للسنة النبوية، وجاء في القرار أن ذلك “امتثال للحديث الشريف الذي روته عائشة رضي الله عنها بقوله إنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم في ليلة أكثر من ثلاث عشرة ركعة”، ولقد ترك هذا القرار استياءً وبلبلة لدى الكثيرين، إذ يقول المدرّس خضر أحمد من حي #الحميدية في دير الزور مستنكراً: “هل كنّا نخالف السنّة الشريفة طوال تلك السنين؟ وهل يعقل أنّ المسلمين على خطأ والتنظيم وحده على صواب؟!”.

وقال الشيخ خطاب خطاب ( أحد سكان مدينة #البوكمال بريف ديرالزور الشرقي) في حديث لموقع الحل السوري، “يتمسّك تنظيم الدولة بحديث، ويترك آيات قرآنية وأحاديث نبوية تحث على قيام الليل وتثبت جواز زيادة ركعات التراويح دون الالتزام بعدد معين، وهذا الفهم الصحيح سارت عليه الأمة منذ عصر الصحابة حتى عصرنا الراهن، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: ومن ظنَ أن قيام رمضان فيه عدد موقت عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يزاد فيه ولا ينقص منه فقد أخطأ”.

أضاف الشيخ أن التنظيم “منع جميع الأذكار والأوراد التي يتعارف عليها الناس في سوريا بين كل ركعتين وأربع ركعات، كنحو الصلاة على النبي والتسبيح وقراءة سورة الإخلاص، وذلك بدعوى أنَّ هذه الأذكار بدعة في الدين، لكن مثل هذه الأذكار ليست بدعة لكونها غير داخلة في الصلاة بل خارجة عنها، وهي أذكار واردة في السنة الشريفة”.

بالمقابل تركت بعض القرارات التي أصدرها التنظيم استحساناً لدى البعض، كقرار منع الأئمة من قراءة أقل من صفحة من القرآن كحد أدنى في كل ركعتين. ويقول سامي وهو طالب شريعة من ريف ديرالزور الشرقي: “قد يكون هذا القرار الوحيد المصيب عند التنظيم، إذ تحولت الصلاة لدى كثيرين لحركات رياضية، وباتت أشبه بنقر الديك الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم”.

كما قام التنظيم هذا العام بتوزيع كتب على المساجد ليقوم إمام كل مسجد بإعطاء دروس دينية منها عقب صلاة العصر يومياً خلال شهر رمضان المبارك بهدف نشر التوعية الدينية كما يدّعي التنظيم.

شائعات

من جهة أخرى، مهدت هذه القرارات لسلسلة من الشائعات لا وجود لها في الواقع وفق المصادر، ومن هذه الشائعات منع التنظيم صلاة التراويح في بعض المدن، ومنع خروج النساء إلى الأسواق خلال شهر رمضان، وإشاعة منع أصحاب المحلات فتح محلاتهم قبل صلاة التراويح وأثناء الصلاة. ويقول أبو أمين صاحب أحد المحلات التجارية في مدينة الميادين : “كل هذا غير صحيح، فالصلاة تقام لكن بثماني ركعات، ولا تغلق المحلات إلا أثناء صلاة الفريضة، فبإمكانك فتح محلك بمجرد صلاتك فرض العشاء”.

أثرت القرارات الجديدة التي أصدرها التنظيم، والتشديد الذي يفرضه على الأهالي في مناطق سيطرته، على العادات والعلاقات الاجتماعية بين الأهالي في شهر رمضان، حيث انحسرت الزيارات ضمن العائلة الواحدة والأصدقاء المقربين فقط، وحرم أغلب الأهالي من رؤية أبنائهم وذلك لسفرهم للعمل أو الدراسة خارج مناطق #داعش، وعدم تمكنهم من العودة لأنهم يخشون أن يمنعهم التنظيم من السفر ثانية، كما أن قسماً كبيراً من أبناء المنطقة مطلوب للتنظيم .

وأثرت انقطاع الكهرباء على السهرات الرمضانية كثيراً، إذ بات معظم الناس يخلد للنوم عقب صلاة التراويح، وتقول أم ياسر من ريف ديرالزور الغربي: “كانت السهرات تمتد إلى وقت السحور، ولا سيما في الصيف إذ كنا نعد طعام للسحور وبعدها نصلي الفجر، ثم نخلد إلى النوم”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.