محمد عوض- دمشق:

دفع غلاء المعيشة الذي فاق طاقة آلاف الأسر في #سوريا لاسيما التي فقدت معيلها إلى زج أطفالها في سوق العمل، للحصول على قوت اليوم، رغم الأجور “الغير معقولة” التي يحصل عليها الطفل والتي هي في بعض الأحيان لا يمكن أن تغطي مصاريفه، والسبب استغلال التجار لذلك بحجة عدم امتلاكهم الخبرة، وعدم وجود الرادع القانوني، في ظل الفلاتان بكافة المناحي التي تعيشها البلاد.

 

مهن خطيرة

يقول د.عبد الصمد اسماعيل في دراسة سابقة نشرها موقع #الحل_السوري، “إذا كانت سوريا تعيش عامها الخامس في حالة حرب تتزايد فيها المعارك، فقد أودت بالكثير من الأطفال نحو العمل في ظروف قاسية لتتزايد أعدادهم في ورشات الحدادة وتصليح السيارات”.
(أحد الأطفال الذين التقيتهم في المنطقة الصناعية بالقامشلي لم يتجاوز 12 من عمره، قال، أحلم أن تصبح لي زوجة وأطفال لأرسلهم للمدارس وألبسهم ملابس نظيفة غير هذه التي ألبسها الآن).

كما أدى الصراع الدائر إلى انخراط الأطفال في أعمال خطيرة مثل #تهريب البضائع عبر الحدود أو كبائعين للمشتقات النفطية على الطرقات أو في مجال استلام وبيع #النفط وتكريره ما يجعلهم عرضة للأبخرة والغازات الناتجة عن عمليات التكرير التي تتم بالأساليب البدائية إلى جانب الإتجار بهم وجرهم في بعض الأحيان إلى التجنيد لصالح بعض المليشيات المقاتلة على الأرض.

كلام حكومي

عميد المعهد العالي للدراسات والبحوث السكانية أكرم نقاش، أعترف أن  “التقديرات الحالية تشير إلى تضاعف نسبة عمالة الأطفال منذ 2011 حيث ارتفعت النسبة من 10 إلى 20%، في حين، تعتمد 50% من الأسر في دول اللجوء على أحد أطفالها في مصدر عيشها، أي أن أكثر من طفل في الأسرة الواحدة يعمل حسب زعمه، وبالتالي فإن النسبة الحقيقية أكبر من التقديرات”، مؤكداً “عدم وجود أية إحصائيات دقيقة حول الموضوع”.

ووفقاً لقانون العمل رقم 17 للعام 2010، “يمنع تشغيل الأحداث قبل إتمامهم 15 عاماً، ويحظر تشغيل الحدث أكثر من 6 ساعات يومياً، على أن يتخللها فترات راحة.”

كما ينص القانون رقم 17 لعام 2010، على “التغريم بمبالغ مالية تتراوح بين 25 – 50 ألف ليرة سورية، كل من يخالف أحكام القانون، ويشغل الأطفال”.

إعلانات

ورغم حديث حكومة النظام عن قوانين وغرامات لمنع عمالة الأطفال، إلا أن الطلب عليهم اليوم في العاصمة #دمشق أصبح كبيراً، وكذلك الفتيات، حيث تنتشر على واجهات المحال التجاري والوروش الصناعية إعلانات تطلب “عامل صغير”، رغبة من رب العمل لدفع أجور أقل وضمان استمرار العامل في عمله وعدم تعرضه للاعتقال أو السوق للخدمة الإلزامية.

“يومية” بـ400 ليرة

خلال رصد قام به موقع #الحل_السوري لأماكن عمل الأطفال في دمشق والتي تتركز في مناطق ( #البرامكة – #جسر_الرئيس – #كراجات_الست)، تبين أن العائد المالي للطفل في أحسن الأحوال لا يتجاوز 400 #ليرة بساعات عمل تصل إلى 10 ساعات أو أكثر في بعض الأحيان.

وخلال الجولة، تبين أن أغلب الأطفال الذي يعملون في مهن مختلفة (بائع جوال – مكانيكي سيارات – صانع في محل أو مطعم)، هم من #النازحين، الذين لجؤوا إلى العاصمة، ما دفع عائلاتهم لإقامهم في سوق العمل لتأمين قوت العائلة، والسبب غياب الأب، وتعرضه للإعاقة بسبب #الحرب.

أطفال سوريا خارج المدارس

يشير تقرير لـ #المركز_السوري_لبحوث_السياسات إلى أنه خلال العام الدراسي 2014-2015 إلى إن نحو 50% من الأطفال في سن المدرسة لم يلتحقوا بالتعليم.

كما يقيس تقرير المركز السوري، الفاقد في رأس المال البشري نتيجة خسارة “سنوات التمدرس”، وبحلول نهاية العام 2015 قدرت الخاسرة من سنوات التمدرس بحوالي 24.5 مليون سنة دراسية، والتي تقدر كلفتها بنحو 16.5 مليار #دولار مشكلة خسارة في رأس المال البشري المرتبط بالتعليم.

الباحثة الاجتماعية رولا شالة وفي تصريح لموقع “الحل السوري” قالت، “كل البلدان التي تشهد حروب يكون الأثر الأكبر على الأطفال فيها سواء من ناحية تحولهم إلى أرباب أسر أو تسربهم خارج المدارس، لكن في #سوريا التجربة كانت أكبر، ويعتبد تدمير شامل لمستقبل الأطفال في سوريا، فهم سيكبرون دون أدنى حد من التكوين العلمي والمهني والصحي، وستسفر هذه الظاهرة على المدى الأبعد عن جيل من العمالة المهنية ضعيفة التعليم والمهارة والإنتاجية، وستشكل كتلة كبيرة من القوة العاملة السورية(لاسيما القادمة من دول الجوار التي حلو فيها)، تفتقر إلى العلم سواء من الناحية المهنية أو التعليمية، الأمر الذي سيعتبر عائقاً كبيراً أما مستقبل سوريا”.

لجوء وعمل

#اليونيسف وفي تقرير مشترك مع منظمة save the children حذرت من تفاقم العمالة بين الأطفال السوريين التي وصلت لمستويات خطيرة.

وقالت المنظمتان في تقرير حمل عنوان “أيد صغيرة وعبء ثقيل”، إن أربعة أطفال سوريين من أصل خمسة يعانون من الفقر، بينما يقبع 2.7 مليون #طفل_سوري خارج المدارس، فيما يعمل ثلاثة أرباع الأطفال السوريين في #العراق لتأمين قوت عائلاتهم.

أما في #الأردن وجد التقرير، أن نصف الأطفال اللاجئين يعتبرون المعيل الأساسي في العائلة، وفي سوريا فإن ثلاثة أرباع العائلات تعتمد على الأطفال في تأمين دخلها.

بدورها مؤسسة “كير” وفي تقرير لها، قالت إن الأطفال اللاجئين في #لبنان يعملون ما يزيد على 12 ساعة يومياً، وغالباً تحت ظروف بائسة واستغلالية بشكل خطير دون توفير معدات السلامة الملائمة لهم، ما يزيد الآثار المؤلمة للأطفال الذين لا يزالون يعانون للتأقلم مع ذكريات الحرب واللجوء، حتى إن بعضهم يجمعون المخلفات المعدنية والقوارير البلاستيكية، بينما يعمل آخرون في مقاه أو مواقع بناء.

أما في #تركيا فلا احصائيات محددة عن عمالة الأطفال السوريين فيها، إلا أن دراسة صادرة عن مركز الجمهورية الديمقراطية للدراسات، بيّنت أن مدينة #غازي_عينتاب التركية هي من أكثر المدن عمالة للأطفال السوريين، وذلك لأن المدينة تعتبر تجمعاً كبيراً للسوريين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة