حسام صالح – دمشق:

ارتفع #الدولار أم انخفض؟؟.. أسئلة تتكرر بشكل يومي على لسان السوريين، بعد أكثر من خمس سنوات على #الحرب التي خلفت أزمة اقتصادية وإنسانية ومعيشية، فمسألة الارتفاع والانخفاض والسؤال عنها لا يكون مجرد سؤال عابر، بل التخوف من ارتفاعه لينعكس بذلك على كل مناحي حياة السوريين بدءاً من ربطة الخبز مروراً بالمواد الغذائية وليس نهاية بـ #الأدوية و #المحروقات التي لازالت نار الدولار ترفعها.

سوق سوداء

ظهر مصطلح “#السوق_السوداء” في #سوريا ليس للدلالة على الدولار أو “الأخضر” كما يسميه السوريين، بل أصبح للبنزين والمازوت والغاز والدواء وحتى الخبز تجارة ترتبط بأشخاص يتعاملون بها بعيداً عن الاقنية الرسمية، أو ربما بعلم وبمباركة من شخصيات مسئولة في النظام، بحسب رأي العديد من الخبراء والمحللين.

فالدولار الذي أصبح يمسك عصب حياة السوريين لم يعد بأيدي الحكومة وأصبح خارج سيطرتها بالشكل الظاهري، بعد أن وصل خلال الأشهر الماضية لحوالي 650 ليرة سورية، ومن ثم عاود الانخفاض ليصبح حالياً عند حاجز الـ 500 ليرة سورية بعد أن كان في عام 2011 حوالي 50 ليرة.

وفي هذا السياق، أوضح خبير اقتصادي مقرب من دوائر النظام فضل عدم ذكر اسمه لموقع #الحل_السوري، أن “هناك عدة أمور زادت من نشاط السوق السوداء وخصوصاً سوق #القطع_الأجنبي خلال فترة الحرب السورية أولها، زيادة نشاط سوق القطع السوداء خلال فترة الحرب، حيث يلجأ الكثير من السوريين إلى تحويل أموالهم من الليرة السورية إلى الدولار ما يؤدي إلى نقص المعروض من العملات الأجنبية في مقابل رفع سعرها وهبوط في قيمة الليرة”.

وبحس الخبير الاقتصادي فإن “زيادة عملية الاستيراد وحاجة المستوردين للقطع الأجنبي مقابل انخفاض التصدير وعدم وجود مورد للقطع الأجنبي ساهم في قلة الدولار في السوق وبالتالي لجوءهم إلى السوق السوداء لتلبية أغراضهم في الاستيراد، إضافة للتعقيدات التي يفرضها #مصرف_سوريا_المركزي الذي يجبرهم للحصول على إجازات استيراد وشروط أشبه بالتعجيزية للحصول على القطع الأجنبي”.

لعبة الصعود والهبوط

في كل مرة يرتفع فيها الدولار بشكل كبير، يبقى مصرف سوريا المركزي في حالة المتفرج لبضعة أيام ليضع السوق في حالة تخبط، ويسارع الناس للطلب على الدولار بشكل كبير عبر قنوات السوق السوداء الذين يتحكموا بالسعر والكميات التي تباع، إلى أن يعقد مصرف سوريا المركزي جلسة تدخل في السوق ويضخ المزيد من العملات في السوق لخفض السعر، وبالتالي ينخفض السعر ليجبر الناس مرة أخرى على بيع مدخراتهم التي اشتروها بسعر مرتفع خوفاً من الهبوط وبالتالي فإنهم خسروا في حالة البيع والشراء، فهل هي لعبة من المركزي ؟.

الجواب يأتي على لسان، الخبير الاقتصادي والخبير بالأسواق المالية محمد عكاشة والذي أكد لموقع الحل السوري أن “المصرف المركزي غالباً ما يكون متعامل مع ما يشبه (مافيا السوق السوداء)، وهم عبارة عن شركات ومكاتب صرافة ورجال أعمال مقربين من النظام يكونوا تابعين بشكل أو بآخر له، يتم الاتفاق على رفع الدولار أو خفضه في كل مرة والدليل أنه عقب كل تدخل من المركزي ينخفض سعر الصرف حتى في السوق السوداء على الرغم من أن ضخ المركزي للعملة الصعبة لا يوازي حاجة السوق اليومية من القطع”.

عكاشة لفت في حديثه أنه “حالياً لا تتوافر إحصائية حجم السوق السوداء ونسبتها إلى السوق الرسمية، لكن تقديرا فإن الطلب على القطع يقدر لغايات غير تجارية بما بين 3-10 ملايين دولار يومياً، ولغايات تجارية خارج المسموح بتمويلها رسمياً بنحو 30 مليون دولار يومياً”.

الليرة مفقودة!

من الطرق التي يلجأ إليها المصرف المركزي أيضاً للتلاعب في السوق هو جعل الليرة السورية “شحيحة” في السوق، في الآونة الأخيرة وقبل ثلاثة أشهر ارتفع سعر صرف الدولار لمقدار 650 ليرة سورية، وسط حالة عدم استقرار، حيث لجأ المركزي وفقاً لشهادات العديد من المواطنين المودعين لمبالغ مالية في المصارف بامتناع هذه المصارف عن صرفها بالليرة السورية، بالتزامن مع ضخ كميات ضخمة من الدولار في السوق، فأصبح المعروض من الدولار أكبر من الليرة السورية وبالتالي أصبح السوق يطلب الليرة ولا يجدها، ما أدى لانخفاض مدوي في الدولار وصل لـ380 ليرة.

هذا الانخفاض الكبير صاحبه ترويج إعلامي كبير من قبل النظام، بعزمه على تثبيت سعر الدولار عند 200 ليرة، ما أجبر فئة كبيرة من الناس لبيعه بالسعر الحالي خوفاً من هبوطه، لكنه لم يستمر سوى ليومين ومن ثم عاود الدولار ارتفاعه بعد أن أصبح هناك ما يشبه “التخمة” من الدولار في السوق وقلة الطلب عليه.

للمعارضة يد في خفض ورفع الدولار!

في هذه السياق، وعن تأثير دور المعارضة بكافة أشكالها السياسية والعسكرية والمنظمات التابعة لها، كشف مفتش مالي منشق عن النظام فضل عدم ذكر اسمه أن “للمعارضة دور ولو جزئي في ارتفاع أو انخفاض سعر الصرف، فمع كل دعم يأتي للمعارضة على شكل منح من الدول الداعمة يصبح هناك توافر في الدولار في مناطق سيطرة المعارضة وبالتالي هذه المناطق تتعامل بشكل أو بآخر بالليرة السورية، وأسعار صرفها تكون متقاربة من مناطق النظام وبالتالي توافر الدولار في هذه المناطق سيشكل حالة من الاستقرار في سعر الصرف، لكن في حالة توقف ضخ العملة إلى هذه المناطق فتشهد طلباً عليه بالتالي رفع سعره بشكل عام”.

كلام المفتش المالي، قلل الخبير الاقتصادي محمد عكاشة من أهميته واعتبره غير دقيق، حيث قال ” أنه قبل شهرين وعندما ارتفع سعر الدولار لنحو 650 ليرة ارفع في كل مناطق سيطرة النظام والمعارضة، وعندما انخفض تراجع في بعض مناطق المعارضة لحوالي 380 ليرة سورية، وبالتالي فإن النظام لازال يتحكم في سوق الصرف حتى في المناطق الغير خاضعة لسيطرته، وبالتالي هذا يثبت وجود مافيات تتعامل مع النظام من داخل مناطق سيطرة المعارضة وتكون متحكمة بالسوق بشكل أو بآخر”.

خطة لتغطية نفقات الحرب

كما هي حال كل الحروب التي تعصف بالدول وتؤثر على حياة المواطنين اقتصادياً ومعيشياً، فإن #سوريا التي لازالت منذ خمس سنوات ترزح تحت وطأة الحرب، فكان لا بد للنظام من إتباع سياسة توفر له القطع الأجنبي لتغطية تكاليف الحرب الغير منتهية.

يقول المفتش المالي السابق والمنشق عن النظام، “إن احتياطات سوريا من القطع الأجنبي تأثرت بشكل كبير خلال سنوات الأزمة وهبطت لأدنى مستوياتها أن #البنك_الدولي، أعلن قبل فترة انهيار احتياطي #مصرف_سوريا_المركزي من العملات الأجنبية، بعد أن سجّل تراجعا من 20 مليار #دولار قبل النزاع إلى 700 مليون دولار.”

ولفت إلى أن ” حكومة النظام تعاني تراجعا للعائدات #النفطية من 4.7 مليارات دولار في العام 2011 إلى 0,14 مليار دولار في 2015. وبات #تنظيم_الدولة يسيطر على غالبية #آبار_النفط في سوريا”.

ورأى المفتش المالي أن “رفع سعر صرف الدولار بات حاجة ملحة لدى النظام ومستفيد منها، لتغطية تكاليف الحرب المرتفعة وذلك عبر إعطاء رواتب الموظفين بالليرة السورية ورفع أسعار المواد وكان آخرها المحروقات، بعد أن أصبح راتب الموظف لا يتعدى 60 دولار في أحسن حالاته، وأن مسألة الزيادة على الأجور لا تكلف النظام شيئ خصوصاً أن مقدار الزيادة لا يتعدى 15 دولاراً والعملة المتداولة حالياً هي بدون أرصدة وتطبع في مطابع روسيا، والدليل أن جميع الدول لا تقبل فئات العملات الجديدة التي يصطحبها السوريين معهم إلى الخارج”.

مضاربة بين المركزي وكبار تجار العملة

يشير الدكتور عبد الصمد اسماعيل في دراسة له حول “الانخفاض الوهمي للدولار والقادم أعظم” بأن ما يحدث في سوق الصرف من ارتفاع وانخفاض ما هو إلا نوع من المضاربة في السوق من قبل المصرف المركزي وكبار تجار العملة المتضامنين معه والمستفيدين من سياساته خلال سنوات الأزمة الماضية.

وجاء رداً على تقرير البنك الدولي الأخير الذي جاء فيه أن احتياطيات المصرف المركزي السوري وصلت لحدود 700 مليون دولار فقط، مضيفاً أن ما قام به المصرف لم يكن إلا رد فعل غير عقلاني تجاه هذا التقرير بدلاً من الوقوف عنده واتخاذ الإجراءات الاقتصادية والنقدية اللازمة والكفيلة بتصحيح مسار الليرة ووقف تدهورها على أقل تقدير.

وختم دراسته بالقول أن “البلاد تعيش حالة فوضى اقتصادية مريعة تدل مؤشراته الاقتصادية على الحالة المرعبة التي وصل إليها الاقتصاد السوري والذي وصلت خسائره حسب آخر تقرير للأمم المتحدة مبلغ 259.6 مليار دولار ولم تقدم الحكومة على أية إجراءات من شأنها إحداث استقرار نسبي في سوق الصرف، فالصادرات لم تعد لسابق عهدها وحقول النفط ما زالت خارج سيطرتها والجهاز الإنتاجي يعمل بأقل من طاقته بكثير والعقوبات الغربية مستمرة كما أن الأسعار ما تزال تحلق عالياً عالياً. كل هذا أمام تراجع حجم الناتج المحلي لمستويات متدنية يتوقع أن تصل لحدود 15 مليار دولار فقط هذا العام وبالتالي نستطيع القول بأن الدولار سيعاود ارتفاعه مرة أخرى والهاجس الوحيد الآن أن يتصاعد سعره بتواتر أعلى مما كان”.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.