سارة العمر

ثلاثة أعوام مضت على مجزرة الكيماوي التي قامت بها قوات النظام السوري في غوطة #دمشق والتي أودت بحياة آلاف المدنيين، جلهم من النساء والأطفال، مستخدمة غازات سامة محرمة دولياً، وهو ما أثر على قرابة  3600 شخص تمت معالجتهم وفقاً لمنظمة #أطباء_بلا_حدود. إلا أن نجاة هؤلاء لا يعني تخلصهم من تبعات الغاز السام التي بقيت حاضرة بعد الهجمة،  ومنها ما يزال يؤثر على سكان الغوطة حتى اليوم..

تشوهات خلقية وإجهاضات متكررة

أكدت مصادر طبية محلية من #الغوطة_الشرقية لموقع #الحل_السوري” أن “الكثير من حالات التشوهات الخلقية ظهرت عن أطفال حديثي الولادة في المناطق التي تعرضت للقصف بالأسلحة الكيميائية، في السنة التالية للهجوم”، علاوة على الولادات التي تمت خارج سوريا في مناطق نزوح أبناء الغوطة كمنطقة #عرسال اللبنانية  التي شهدت ولادات مشابهة لأطفال مشوهين وفق ما أعلنت الهيئة الطبية فيها، واعتبر الأطباء أن هذه التشوهات نتيجة مباشرة لاستنشاق  المواد الكيميائية السامة بعد أن تم نفي الأسباب الأخرى.

وتراوحت هذه التشوهات وفقاً للطبيب أبو محمود برهان وهو طبيب يعمل في الغوطة الشرقية، بين “تشوهات هيكلية وعصبية، وتشوهات عظمية وقلبية، إضافة لتشوهات في الأطراف، وصولاً للتشوهات الدماغية كغياب عظم الجمجمة وصغر حجم الرأس وغيرها”.

يقول برهان  للحل السوري “التشوهات الجنينية التي رأيناها تظهر طبياً نتيجة للأدوية أو المواد السامة، ونظراً لعددها و للمكان والزمان الذي ظهرت فيه،  يرجّح أنها من تأثير غاز السارين الذي استعملته قوات النظام منذ ثلاثة أعوام، أولى هذه التشوهات ظهرت في أدمغة الأجنة كون الحوامل تعرضوا للمواد السامة في الأشهر الأخيرة من الحمل،  معظم هؤلاء المواليد توفوا بعد فترة قصيرة”.

من جانب آخر، أكدت دراسة قامت بها الباحثة البريطانية كريستين غوسدن وقدمت للكونغرس الأمريكي عام 2014 حدوث تشوهات خلقية بين الأطفال الناجين من الهجمات الكيميائية في #سوريا،  ونوهت تلك الدراسة إلى ارتفاع حالات الإجهاض وارتفاع حالات الوفيات بين الرضع علاوةً على ولادة أطفال ميتين، وذلك “إثر تعرض أحد الأبوين لغاز #السارين المستخدم في الضربة على الغوطة”.

normal-photoالطفلة سما ذات العامين ولدت في #معضمية_الشام بتشوهات واضحة في القدمين تعيق السير لديها، تقول والدتها: “عندما نجوت من الموت شعرت بأنني ولدت من جديد. أخذت احتياطي ولم أحمل لفترة خوفاً من أن يكون تأثير ذلك الغاز المشؤوم مازال في جسدي. بعد ولادتي بسما قال لي الأطباء أن سبب التشوه هو تعرضي لغاز السارين، خاصة أني لم أتناول أية أدوية خلال فترة الحمل ولم يكن هناك أسباب أخرى تؤدي للتشوه إلا ذلك الغاز الذي قتل ثلاثة من عائلتي، وحطم أملي في أن أرى ابنتي تمشي وتلعب كبقية الأطفال”.

دراسة أخرى محلية قام بها أطباء في مشفى الغوطة التخصصي في معضمية دمشق شملت 211 امرأة ممن تعرضن للغاز، قام الأطباء من خلالها بمراقبة مرحلة الحمل  والحالة الصحية للنساء المشاركات طيلة فترة دامت شهرين ونصف من بداية  أيلول عام 2014 وحتى 15 تشرين الثاني، أظهرت الدراسة ارتفاعاً في حالات الإجهاض، إذ تعرضت  53 امرأة حامل للإجهاض  في الثلث الأول من الحمل مقابل 17 حالة  لحوامل أجهضن في الثلث الثالث من الحمل، كما تمت ولادة خمسة أطفال بتشوهات خلقية مختلفة، وخلصت الدراسة إلى  أن معدلات الإجهاض كانت مرتفعة جداً. وعزت ذلك لتأثير غاز السارين السام على فيزيولوجية المرأة أو زوجها.

سليم شاب من مدينة معضمية الشام يسكن في مدينة عرسال اللبنانية تعرضت زوجته لحالات إجهاض مبكر متكررة وتوفي طفله بعد فترة حمل طويلة وشاقة، لم يكن سليم يعلم أن تعرضه للغاز الكيماوي قد يكون السبب في ذلك. يقول للحل السوري: “نحن متزوجون منذ ثلاثة سنوات ولم نرزق بطفل. عانت زوجتي من أربع حالات إجهاض متكررة، وفي الحمل الخامس رزقنا بطفل ولكنه توفي بعد الولادة بأسبوعين”.

صدمات نفسية واكتئاب

يلفت أبو الفداء وهو ناشط إعلامي من الغوطة إلى أنّ الصدمات النفسية هي أكثر أثر جليّ رافق الآلاف من أهالي الغوطة الناجين بعد تعرضها للضربة، خاصةً أولئك الذين خسروا أقاربهم أمام أعينهم، يقول “تلك المأساة تسببت للكثيرين بأمراض نفسية كالاكتئاب وانعدام الأمل وحتى الفصام”.

الطبيب سامر الدمشقي أحد الكوادر الطبية في مشافي #الغوطة يروي قصة أحد الأشخاص الناجين من المجزرة والذي أشرف على علاجه بنفسه، ويدعى محمود، يقول “تعرض محمود  لصدمة نفسية استمرت لأكثر من عام إثر مقتل أطفاله الأربعة اختناقاً بالغاز أمام عينيه فيما بقي هو وزوجته على قيد الحياة”، يضيف “حال محمود هو حال مئات الأشخاص الذين شهدوا مصرع عائلاتهم أمام أعينهم. تعرض محمود لصدمة نفسية قوية عزلته عن الناس والمحيط. ولم يتماثل للشفاء إلا بعد أن أنجبت زوجته مولوداً جديداً ينسيه ألم فقدان أطفاله الأربعة”.

محاصيل محروقة وحيوانات لا تتكاثر

لم يتوقف تأثير الأسلحة الكيميائية التي استخدمها النظام منذ ثلاثة سنوات والتي لازال يستخدمها حتى الآن في مناطق مختلفة من سوريا على قتل الناس والتأثير على صحتهم فقط، بل شمل البيئة التي استخدمت فيها هذه الأسلحة،  كالتربة والمزروعات والحيوانات، فوفقاً لمكتب توثيق انتهاكات الكيماوي في سوريا،  فإن الغاز الذي استخدمه النظام في قصف الغوطة والذي يرجّح بأنه غاز السارين خلف آثاراً مدمرة على النباتات، إذ احترقت بشكل كلي ولم تعد تنمو منذ ذلك الحين في العديد من المناطق، وأشار المكتب لوجود تراجع في تكاثر الحيوانات التي تعيش هناك، مؤكداً أنه هذه الآثار قد تدوم لفترة طويلة.

بدوره، لفت الناشط أبو البراء الدوماني للحل أن “النظام عمد إلى قصف العديد من المناطق التي ضربها سابقاً بالأسلحة الكيميائية لإخفاء دليل جريمته، فمع القصف المستمر الذي يطال تلك المناطق يصعب دراسة التأثيرات المدمرة طويلة الأمد لمواده المميتة التي استخدمها سواء على المزروعات أو على الحيوانات، فالعديد من تلك المناطق باتت مناطق خالية من السكن ومهجورة”.

#كن_شاهدا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.