شاهد على مجزرة الكيماوي: “كنا نعرف كيفية التعامل مع القصف.. لكن الكيماوي كان جديداً علينا”

شاهد على مجزرة الكيماوي: “كنا نعرف كيفية التعامل مع القصف.. لكن الكيماوي كان جديداً علينا”

سلسلة شهادات عن مجزرة الكيماوي 21 آب 2013 – الحل السوري

“يوم الأربعاء الساعة الثالثة إلا ربع .. يوم صيفي حار لكن حرارته ليست كأي يوم من أيام شهر آب التي مرت علي منذ 33 عاماً”، هكذا بدأ أبو سليم أحد سكان مدينة سقبا الذين شهدوا #مجزرة_الكيماوي رواية شهادته عن ذلك اليوم لموقع #الحل_السوري.

يقول سليم عوض، “صحوت من النوم والعرق يتصبب مني وبالكاد أستطيع أن اتنفس رغم أننا نبقي كل نوافذ المنزل مفتوحة، خوفاً من تكسر الزجاج على رؤوسنا من ضغط القصف”.. مضيفاً “لكن في تلك الليلة تمنيت لو أنني كنت قد أغلقت النوافذ التي كانت سبباً بفقدان والدي ووالدتي”.

يتابع عوض، “بالكاد كنت أستطيع المشي ووالدي بين يدي، وأمي مع أخي مسرعين باتجاه النقطة الطبية، والتي لم يكفل قربها من منزلنا إنقاذ والدي، خلال طريقي إلى النقطة التي تبعد 500 متر عن منزلي، كانت أصوات السيارات تضج أكثر من هدير الطائرات مقلةً المصابين، في البداية ظننت أن قصفاً وقع في أحد الأماكن رغم عدم سماعنا لأي صوت، إلى أن صاح أحد الأشخاص “الله لا يوفقه ضربنا بالكيماوي”، لأدرك بعدها أن العرق ووجه أبي وأمي المبيضين والجحوظ في العيون كانت سببه تلك الروائح الغربية والتي تسمى غاز السارين”.

normal-photoوبحسب عوض، “الذي فاقم المأساة في منطقتنا عدم وجود نقاط طبية كافية، والتي غصت بالمصابين، إضافةً إلى نقص الإسعافات الأولية والكادر الطبي”، موضحاً “ما فاقم المصيبة أيضاً هو عدم معرفة الأهالي بكيفية التعامل مع مثل هذه الحالات، فنحن تعلمنا كيفية التعامل مع القصف وكيف نختبئ في الملاجئ أو الأماكن الآمنة، أما التعامل مع الكيماوي فلم نعهده من قبل، لذلك كل شخص بدأ بابتداع طريقة، فمنهم من أشعل إطارات السيارات لإبطال مفعول الغازات الكيماوية، والبعض طلب اللجوء إلى أماكن مرتفعة، وغيرها من النصائح التي كانت بعضها صحيحة وبعضها الأخر مجرد ارتجال”.

ويتابع مستذكراً ما عاشه بالثواني خلال ذلك اليوم، “أبقينا والدي ووالدتي في المشفى إلى جانب العشرات من الضحايا بعد أن صعدت روحهما إلى السماء، وهرعت مع أخي لمساعدة المسعفين قدر المستطاع، المشهد الذي أرويه الآن ليس فقط لأنني فقدت والدي فحسب بل لأنني أصبحت شاهداً على مئات القتلى من بلدتي التي كانت يوماً من الأيام منبعاً للحياة، ولا أعرف فقد أموت في أي لحظة سواءَ بالغاز السام أو بقذيفة تجد مستقرها في المكان الذي أسكن”.

ويتابع عوض حديثه عن ذلك اليوم، “لم يكتف النظام ببث الغاز الذي حصد مئات الأرواح، بل استأنف بمدفعيته القصف مع بزوغ الشمس، لتنهال الصواريخ والبراميل والقذائف علينا، وليزداد الذعر أكثر خوفاً من أن تكون محملةً بغاز جديد”.

ويختم الشاهد حديثه قائلاً، “نعم إنه فجر الـ21 من شهر آب، يوم يمرُّ مجدداً دون أن يحاكم الفاعل، يوم صعدت فيه أرواح المئات من المدنيين ذنبهم فقط أنهم صرخوا في وجه الطغاة، الذي يحاول إخراس صوتهم بأي وسيلة، لكن في هذا اليوم كان اسكاتهم بلا دماء”.

#كن_شاهدا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.