أسامة الأزهري- دمشق:

تقع #سوريا  ضمن المنطقة شبه الجافة في دول آسية، وتعتبر من الدول التي تعاني شحاً مائياً يتمثل في ندرة الموارد المائية وتنوعها، وتدني جودتها، إضافة لانخفاض حصة الفرد دون الحد العالمي (1000 متر مكعب سنوياً) والتلوث الكبير للمياه الجوفية، خاصة ذات الطبيعة الحوضية منها، نتيجة استخدام مياه الصرف الصحي بدون معالجة.

 

وتعتبر #دمشق من أكثر المحافظات السورية معاناة في موضوع #المياه لأسباب أوَّلها ارتفاع أعداد النازحين  وصعوبة ضمان استمرار تدفق مياه الفيجة بسبب الهدنة الهشة التي تنهار بين الفينة والأخرى،  إضافة لتراجع معدلات الهطول في الآونة الأخيرة إلى النصف تقريباً.

وفي تحليله للنقص الحاد في حصة الفرد من المياه قال الخبير الاجتماعي شادي المصري لموقع #الحل_السوري: “لم يتوقع قاطنو دمشق أنهم على موعد مع معاناة جديدة تضاف إلى مشاكل المعيشة التي يعيشونها يومياً، وأن تكلفة شراء المياه أصبحت من المصاريف الجديدة التي يجب أخذها بالحسبان مطلع كل شهر، كل هذا أدى إلى تغيير في عادات المواطنين الاستهلاكية تجاه المياه، تمثلت في تراجع نسبة المسطحات الخضراء في الأحياء والنباتات المنزلية على سبيل المثال”.

ويتابع المصري فيقول: “أصبح الحصول على المياه في غالبية مناطق العاصمة وريفها أمراً ليس سهلاً، حيث يضطر الناس انتظار دورهم والذي يمتد لأيام ربما ليتمكنوا من تعبئة خزاناتهم من #الصهاريج الجوالة، وأصبح تأمين المياه مشكلة رئيسية مثله مثل الخبز والمواد الغذائية الأخرى”.

من جهته، أكد موظف في #المؤسسة_العامة_لمياه_الشرب والصرف الصحي في دمشق وريفها أن “حجم مشكلة المياه كبير وقاسي هذا العام نتيجة الظروف المناخية التي سادت سوريا، وانحسار الأمطار التي لم تصل إلى مستوى المعدلات السنوية، وإن ما تعانيه دمشق وريفها من انقطاعات طويلة لمياه الشرب خلال الفترة الحالية، لا يعود لنقص في المياه رغم انخفاض الهطل المطري خلال الموسم الحالي، ولكن لانقطاع الكهرباء لساعات طويلة وعدم توفر الوقود بالكميات الكافية لدى مراكز الضخ، وحدوث بعض الأعطال في المولدات والتجهيزات الرئيسية للعمل، نتيجة للضغط الكبير عليها”.

تضاعف ثمن خزانات المياه

تضاعف أسعار تعبئة المياه بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، ووصل سعر تعبئة خزات سعته ألف لتر من المياه إلى أكثر من 3000 #ليرة للمنزل الذي يقع في الطابق الأول، و3500 #ليرة للطابق الثاني، ويستمر في الارتفاع كلما ارتفع المنزل الذي يريد تعبئة المياه، وتأتي هذه الأسعار بعد أن كان تكلفة التعبئة لا تتجاوز 500 ليرة مطلع 2011.

وقال أحد بائعي المياه لـ”الحل السوري”: “يرتبط ارتفاع الأسعار بازدياد التكاليف وصعوبة الحصول على المياه، إضافة لصعوبة التنقل في مناطق العاصمة، واعتماد معظم سيارات نقل المياه على #البنزين في التنقل واستخدام المضخات لإيصال المياه، وبالتالي فإن ارتفاع البنزين يساهم أيضاً في رفع التسعيرة.يضاف لها “الأتاوة” التي يدفعها السائقون للحواجز واللجان الشعبية في بعض الأحياء، لامتناع المحافظة عن ترخيص تلك الصهاريج، بحجة أن خزانات المخصصة من الدولة كافية!!.

مياه المسابح للاستعمال المنزلي!

هذا ما اكده أحد الباعة، والذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن “المياه التي تباع من الصهاريج التي تجوب الشوارع غير صالحة للشرب والاستهلاك البشري، فاستخدامها يقتصر فقط على الغسيل والاستحمام وما شابه ذلك”.

وأوضح أن “البائعين يقومون بتأمين تلك المياه من مياه المسابح العامة، الآبار في أحسن الأحوال، والتي غالباً ما تكون مختلطة بمياه المجاري” حسب قوله.

ونظراً لعدم صلاحية مياه الصهاريج للشرب، فإن المواطنين مضطرون لدفع مبالغاً كبيرة لشراء المياه المعدنية الصالحة للشرب، إذ يبلغ ثمن عبوة المياه المعدنية سعة نصف لتر 175 ليرة، أما عبوة المياه سعة لتر ونصف فيصل ثمنها إلى 100 ليرة.

ومن خلال عملية حساب بسيطة لتكاليف المياه لأسرة وسطية مكونة من 5 أشخاص، وعلى فرض أن خزان المياه يكفي ليومين تكون التكلفة الشهرية نحو 15 ألف ليرة، يضاف لها ثمن مياه الشرب والتي تقدر بنحو 15 ألف ليرة يكون المجوع 30 ألف، لكن الضائقة المالية تدفع العديد من الأسر إلى الاعتماد على مياه الآبار ودعمها بأقراص تنقية من الشوائب وهنا تكمن الخطورة بانتظار ظهور امراض ناتجة عن تلوث المياه.

في حين تسد مياه #مؤسسة_الفيجة حاجة بعض الأحياء مثل المزة رغم أن بعض الأهالي اشتكوا من وصول المياه “العكرة” بدل مياه الفيجة، حيث توقع الأهالي أن المياه تم خلطها بمياه آبار، كذلك الأمر بالنسبة لأحياء ركن الدين والجسر الأبيض والزاهرة والميدان إلا أن ارتفاع ساعات تقنين الكهرباء التي وصلت في الآونة الأخيرة إلى 16 ساعة جعل من مسألة صعود المياه إلى الخزانات شيء مستحيل، حيث يكتفي الأهل بملء ما يملكون من أوعية في المطابخ.

إلا أن أحياء نهر عيشة، الدحاديل، القدم، السبينة، التضامن، وبعض الأحياء من الزبلطاني إضافة لغالبية مدن ريف دمشق تعتمد بشكل شبه كامل على مياه الصهاريج.

وسائل بدائية

لجأ القاطنون في بعض المناطق الشعبية – الدحاديل، نهر عيشة، برزة، عش الورور- والذين لا يستطيعون تحمل تلك الأعباء الاقتصادية، إلى وسائل بدائية لتأمين المياه، إذ اعتادوا في كل صباح على حمل ما تيسر من عبوات كبيرة والتوجه بها إلى المدارس والمساجد، وأي منطقة أخرى من الممكن أن يجدوا بها حاجتهم من المياه.

وبيّن علي الصالح أحد سكان منطقة بيادر نادر لـ”الحل السوري”، أنّ قاطني تلك المنطقة لا يستطيعون تحمل تكاليف شراء المياه المعدنية أو تعبئة خزانات مياههم من الصهاريج، وبالتالي فهم مجبرون لتأمين مياههم من المناطق المجاورة عند توفرها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.