“المعركة من أجل وطن” كتاب للمهندسة المعمارية مروة الصابوني تبين فيه أثر الهندسة المعمارية على الحرب في #سوريا، وتشرح فيه الكثير من المواقف التي واجهتها وعائلتها المحاصرة في مدينتها #حمص، كما تقدم مقترحات لإعادة إعمار حمص بالشكل الذي تحافظ من خلاله على شيء من روح المدينة التاريخية والأبنية التقليدية القديمة. عن هذا الموضوع أعد ستيفن هايمان تقريراً نشرته صحيفة النيويورك تايمز بتاريخ 3 أيلول 2016.

يتساءل هايمان في بداية تقريره قائلاً: “هل العمارة الحضرية في سوريا ساعدت أن تكون وقوداً للحرب الأهلية التي دمرت البلاد وراح ضحيتها مئات الآلاف من الناس؟” هذه النظرية “الاستفزازية” اقترحتها المهندسة المعمارية مروة الصابوني، التي قضت عامين محاصرة في شقتها في حمص مع زوجها وطفليها بينما كان قلب المدينة التاريخية يتحول إلى ركام.

“روّج هذا المكان للغضب، روّج للانتقام” قالت في مقابلة لها عبر سكايب من حمص بينما كانت الكهرباء تومض وصوت الطائرة المقاتلة يُسمع بينما تحوم في الأفق. وأضافت: “بالطبع لا أقول بأن الهندسة المعمارية هي السبب الوحيد للحرب، لكن بطريقة واقعية جداً سرّعت من وتيرة الحرب وأدامت النزاع “.

وجاء في التقرير: كان من المستحيل على السيدة صابوني المغادرة خلال فترة القتال (معظم حمص الآن تقع تحت سيطرة النظام بعد مفاوضات الانسحاب مع القوات الثائرة العام الماضي)، لذلك قابلت محررها في التايمز وهدسون ولوكاس ديتريتش عبر السكايب.

يطرح كتاب السيدة صابوني تساؤلات عن سبب انهيار التسامح بين الأجيال المختلفة طائفياً إلى هذه الحد، في عدد من المدن السورية فيما أطلقت عليه اسم “كابوس المجزرة الحيوانية”. واتخذت من مدينتها حمص (ثالث أكبر مدينة سورية) والتي تمثل نموذجاً مصغراً للبلاد حيث يعيش فيها غالبية مسلمة ومسيحية وأقلية علوية مثالاً أسندت نظرياتها إليه.

تقول: “عاشت هذه المجموعات في البلدة القديمة في انسجام نسبي، وهو الحالة التي عكستها وعززتها الهندسة المعمارية المحلية. احتلت الأماكن المقدسة والسكنية والتجارية مساحات مشتركة، توضعت الكنائس والمساجد جنباً إلى جنب. وكان السوق عبارة عن خلية من النشاط الاقتصادي الذي دفع الجماعات المتنافسة للعمل مع بعضهم البعض. تشابكت البيوت لتتصل بواسطة أزقة توفر مأوى من الشمس”.

وكتبت صابوني “كان يوجد توافق إنساني في هذه المدن، الناس كرماء بسبيل المياه، المقاعد وظل الأشجار الذي يمنح البهجة على مدار السنة بعطر أزهارها وثمارها.. لكن، ومع مرور الوقت، فسحت الهندسة المعمارية الكلاسيكية المجال لتعاقب الأفكار المستوردة تحت راية التقدم إلى سوريا. فمن ضمن خطط الهندسة العصرية المُستعمرة والتي مزقت الهندسة المعمارية التقليدية مخططات الشارع والعمارات السكنية الضخمة التي عزلت ساكنيها عن مركز المدينة”. وبحسب السيدة صابوني فإن هذه الأخطاء ارتكبت بفعل الفساد وسوء الإدارة ومشروعات التنمية الطائشة من قبل الدولة السورية.

دُمّرت الكثير من المعالم المعمارية القديمة في المدينة حيث دمّر السوق القديم، كما تضرر مسجد خالد بن الوليد بشكل كبير.

وبحسب التقرير، فإن السيدة صابوني نجت من العنف بأعجوبة، فالمرسم الذي تشاركته مع زوجها تحطم، وهددت الدبابات والقناصة الحي الذي تقطنه, ما جعل من عملية الخروج لشراء الطعام لعبة خطرة.

واستذكرت صابوني أول هجوم بقذائف الهاون الذي بدأ على حد وصفها وكأنها “كرات البولينغ العملاقة تهبط في البيوت المجاورة” حيث حطم الانفجار الذي أحدثته نافذتها. تقول: “رأيت الأطفال الذين كانوا يلعبون كرة القدم في الشارع المغبر والأناس الذين فقدوا محلاتهم وتحولوا لكسب العيش من خلال بيع النثريات والمتفرقات على الأرصفة، رأيتهم جميعهم ممددين موتى”.

وسجلت في كتابها ملاحظة عن الغضب الغربي من تدنيس التراث المعماري في سوريا، وخصوصاً مواقع اليونسكو للتراث العالمي مثل الآثار الرومانية في تدمر وقلعة الحصن، تعترف صابوني بوجود تناقض في الاهتمام الذي عنيت به الأماكن المتضررة. فهي تتساءل هل تدمير عمود في تدمر مخزي أكثر من تدمير الجملة المعمارية السورية؟ وتضيف بأن الكثير من هذه المواقع التاريخية كانت مهملة في وقت السلم، فلا عجب أن تدمر وتسلب في وقت الحرب.

وأضافت: “تشعر وكأن سلسلة من الأحداث المأساوية قادتنا لنصل إلى هذه النقطة”.

وضعت السيدة صابوني في كتابها خططاً لكيفية إعادة بناء المدينة. وتركز إحدى الأفكار على حي #بابا_عمرو الذي كان شرارة القتال والذي دمر في نهاية المطاف إثر الحصار الوحشي الذي شبّه بمعركة ستالينغراد.

تحاول السيدة صابوني وزوجها غسان جانسيز استرداد شيء من حياتهما الطبيعية وفق التقرير، فقد حوّلا مرآباً قديماً لهم إلى مكتبة “نور الشام” لبيع الكتب، وهي تُدرّس في جامعة خاصة في #حماه، بينما يعمل زوجها في برنامج الأمم المتحدة للإنماء وإعادة أعمار سوق حمص القديم.

وتقول السيدة صابوني: “إذا لم تُنهكك الحرب، فإن الخدمات والكهرباء وتأمين الغذاء واختيار المدرسة التي ترسل أطفالك إليها كفاح بحد ذاته”.

وتقول “إن التحدي الحقيقي يكمن في القدرة على عدم الإساءة إلى هؤلاء الناس المنهكين، فكيف يجرؤ شخص على الحلم ببيئة مبنية بشكل أفضل، في حين كل ما يريده هو القدرة على سد فتحات الجدار بالنايلون ليتمكن من النوم خلال الليل”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.