في قضية النساء السوريات اللاتي حملن نتيجة اغتصاب.. جدل حول الإجهاض الآمن

في قضية النساء السوريات اللاتي حملن نتيجة اغتصاب.. جدل حول الإجهاض الآمن

محمد عوض

رغم الخلاف المجتمعي والشرعي في #سوريا حول قضية الإجهاض، إلا أن هذا الموضوع بحسب الكثيرين يعتبر خلال “الحرب” استثناءً، لاسيما بخصوص نساء اللاتي حملن نتيجة تعرضهن للاغتصاب في المعتقلات السورية (سجلت مئات حالات الاغتصاب في معتقلات تابعة للنظام السوري)، أو بخصوص نساء حملهن كان ناجماً عن الإكراه أو الترهيب أو العوز الشديد، وتماشياً مع هذه الظروف القاسية حضرت من جديد قضية الإجهاض الآمن في الساحة السورية.. وسيحاول موقع الحل السوري، البحث في هذا الموضوع والتعريف بهذه النوعية من الإجهاض.

مع أو ضد

الإجهاض ممنوع قانوناً في غالبية الدول العربية، ولكن هل يجب تشريع الإجهاض للنساء اللاتي تعرضن للاغتصاب؟

موقع الحل السوري، استطلع آراء بعض السوريين عبر سؤالهم عن مدى معرفتهم بالإجهاض الأمن، وهل يؤيدون فكرة الإجهاض إذا ما كان الحمل سيؤثر سلباً على حياة المرأة، حيث رفض الكثيرون ممن تم استطلاع آرائهم الفكرة بسبب تحريم الدين لهذا الموضوع كونه “مبني على قتل روح”، في حين ذهب فريق آخر إلى أن الموضوع بيد الأم فهي من يقرر إن كانت تريد الاحتفاظ بالمولود أم لا، لذلك “يجب أن تخيّر بذلك، حتى وإن كانت الحمل ناتجاً عن اغتصاب”، مشترطين وجود جهة تتكفل بالمولود بعد القدوم.

وأيدت نسبة قليلة فكرة الإجهاض الأمن، سواء للمغتصبات أو الحمل العادي، مرجعين السبب إلى الظروف اللإنسانية التي يعيشها السوريين، فإنجاب طفل في هذه الأيام “ظلم للطفل والأهل”.

 حملات

منظمة نساء على الشبكة Women on Web””، نظمت خلال العام الماضي في #تركيا حملة للتعريف بالإجهاض الأمن، وبحسب المنظمة الهولندية، تم تنفيذ جولة على ثلاث مدن تركية هي #إستنبول و #غازي_عنتاب و #أورفا، والمنظمة بالإضافة لنضالها مع النساء في تركيا كي يصلن إلى حق المعرفة الطبية الصحيحة بالإجهاض الآمن، فإنها تعتقد وفق القائمين عليها بأنه من حق النساء السوريات تحديد احتياجهن من خدمات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة وحقهن في الحصول على المعرفة العلمية اللازمة والإسناد الطبي الكافي كي لا تلجأن إلى الإجهاض غير الآمن الذي يهدد حياتهن، خاصة في ظروف الحرب الدموية في سوريا والاغتصاب في السجون، وتشوهات الأجنة الناجم عن الأسلحة الكيماوية والعيش في حصار خانق لفترات طويلة بدون أدوية أو غذاء أو حد أدنى للرعاية الطبية للأم وجنينها، وكذا الأمر في حالات عدم القدرة على إتمام الحمل بسبب الأمراض المهددة للحياة كقصور القلب والكلية والكبد وسوء الامتصاص والأمراض النزفية وغيرها.

تطمح المنظمة لملاقاة هذه الحاجات وتقديم ما تستطيع من معرفة وخبرة وعون طبي للنساء السوريات، وتؤمن أن الإجهاض غير الأمن الذي يقتل كل عام ٤٦ ألف امرأة حول العالم دون أي إحصاء للضحايا من النساء السوريات يجب أن يتوقف.
من منظمة نساء على الشبكة تحدث نور سعدي (عضو في المنظمة) لموقع الحل السوري بالقول: “يتم التخطيط لحملة جديدة ستكون أوسع وتشمل كل من #تركيا و #الأردن و #مصر، وحالياً ننتظر التمويل اللازم من الجهات الداعمة للقيام بها” مضيفةً أن المنظمة ستشارك في اليوم العالمي للإجهاض وستأحدث كطبيبة سورية ضمن الشبكة عن المرأة السورية في ظل الحرب، لا سيما المرأة المغتصبة وحقها في الوصول إلى مثل هذه الأدوية التي توزعها الشبكة للإجهاض الآمن قبل إتمام اليوم الأربعين من الحمل”.

وعن الخدمات التي تقدمها المنظمة أوضحت سعدي، “إن القسم العربي في موقع منظمة وومن أون ويب أضاف عنصر helpdesk  للرد على طلبات الخدمة للنساء العربيات، وأصبح بالإمكان التواصل عبر الفيسبوك باللغتين العربية والإنجليزية، كما يمكن التواصل عبر السكايب الخاص بالمنظمة في حال كان الطلب خاصاً أو عاجلاً، هذا غير الخط الساخن الذي يعمل في بعض المناطق دون غيرها لاعتبارات مختلفة”.

توثيق وتشريع

اللجنة السورية لحقوق الإنسان وفي تقرير لها، وثقت اعتماد النظام السوري سياسة اختطاف واغتصاب النساء لمعاقبة المنخرطين في الثورة السورية وعائلاتهم، حيث أوضح التقرير أن عدد حالات الخطف والاغتصاب اللي تم توثيقها لا تقل عن 1500 حالة.

وقال التقرير الذي حمل عنوان “جرائم خطف النساء واغتصابهن والاعتداء عليهن في سوريا”، إن النظام “عمد إلى اتباع سياسة العقوبة الجماعية في عمليات الخطف والاغتصاب لنساء المدن والقرى والحارات الثائرة وجند لهذا الشي الكثير ممن يسمون بالشبيحة”.

بدوره، عضو الرابطة الطبية للاجئين السوريين الدكتور محمد النعيمي أفصح في وقت سابق عن إجراء الرابطة عمليات إجهاض لمئات السوريات اللذين تعرضن للاغتصاب على يد قوات النظام، وذلك بعد حصول الرابطة على استشارات دينية من علماء دين أباحوا هي العمليات.

وأوضح النعيمي، أن الرابطة “لم تحصل على فتاوى دينية تبيح الإجهاض حتى الآن، وإنما حصلت على استشارات دينية في بعض الحالات اللي أجازت الإجهاض”.

حكم الدين

بدوره تحدث الشيخ أسامة شومان عن شرعية إجهاض المرأة الحامل نتيجة ترضها للاغتصاب قائلاً: “ينبغي أن يعلم أولاً أن المرأة التي أكرهت على الزنا لا إثم عليها شرعاً لقول الله تعالى (وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)”.

وأضاف الشيخ شومان: “الأصل في الإجهاض الحرمة والمنع، بدءاً من عملية التلقيح حيث ينشأ الكائن الجديد، ويستقر في القرار المكين وهو الرحم ، ولو كان هذا الكائن نتيجة اتصال محرم كالزنى”.

وأشار الشيخ إلى وجود فقهاء “يجيزون الإجهاض إذا كان قبل الأربعين الأولى من الحمل، وكلما كان العذر أقوى كانت الرخصة أظهر، وكلما كان ذلك قبل الأربعين الأولى كان أقرب إلى الرخصة”.

واستشهد الشيخ شومان بكلام نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عضو المجامع الفقهية عبدالله بن بيه، والذي قال: “لا حرج على السيدات من الإجهاض ولو وجدن ذريعة أخرى للستر عليهن فهو الأفضل والأولى من الإجهاض”.

وبحسب كلام ابن بيه، فإن “الأصل الشرعي أن الإجهاض حرام في كل الحالات إلا إذا كانت حياة الأم في خطر عندها يجوز الإجهاض، لكن فيما يحدث لبعض نساء سوريا من ظلم واضطهاد واغتصاب من قبل عناصر النظام وغيره فلا بأس من الإجهاض”.

وأشار شومان إلى أن “ما يحصل اليوم للنساء السوريات سبق وحصل لنساء البوسنة وبعض المناطق اللي اعتدى فيها الظلام على النساء”، مشدداً على “ضرورة المسارعة بالإجهاض قبل إتمام أربعين يوم، وإنه من الأفضل أن تبحث النسوة عن وسيلة أفضل من الإجهاض كشرب الأدوية وخلافه”.

من جهته افتتح الباحث الإسلامي ابراهيم جمال افتتح حديثه مع موقع الحل السوري بذكر آية قرآنية تقول (وَإِذَا الْمَوْؤدَةُ سُئِلَتْ بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ)، موضحاً أن “الموؤدة كل شيء يختفي عن العين وأداً وهناك من العلماء من ألحق الجنين بالمولد بكلمة الموؤدة، والجنين الذي يقتل في رحم أمه يأخذ حكم الموؤدة”.

وقال الباحث، “إن الجنين عندما يصل لعمر 40 يوم يصبح كائناً بشرياً بدأت فيه الروح، وقتله ممنوعاَ شرعاً وقانوناً”، موضحاً أن “اغتصاب المرأة وحدوث حمل نتيجة هذا الفعل لا يبرر قتل الجنين إذا تجاوز عمره في رحم أمه 40 يومياً”.

وبحسب جمال، “ما يحدث حالياً من إسقاط للأجنة، ناتج عن وجود مشكلة في المجتمع الذي لا يتقبل هذه الحالات، وبالتالي هو المسؤول عن جريمة قتل الجنين”، مشيراً إلى أن  “المجتمع في حال احتضن المغتصبة في سجون النظام ومعها جنين، لحلت المشكلة”.

وتطرق الباحث إلى الحديث عن الإجهاض الآمن، قائلاً “إن المنظمات التي ترعى مثل هذا الموضوع وتسميه القتل الرحيم للجنين، لا تقوم بإرسال الأدوية لطالبيها في حال كان المولود تجاوز عمر الأربعين يومياً”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.