بينما يشن كل من نظام الأسد والقوات الروسية مرحلة نهائية ومميتة من الحرب في #حلب، تبدو القوى العالمية الأخرى عاجزة عن إيقاف تدمير ثاني أكبر مدينة في #سوريا مخلفةً بذلك “وصمة عار على جبين الإنسانية”.

تشن القوات الروسية والسورية غارات جوية وحشية على حلب، لم تستثنى منها المستشفيات أو إمدادات المياه في المدينة، ولا المنشأت الخاصة بعمال الطوارئ ذوي الخوذ البيضاء. بالإضافة إلى قافلة المساعدات الإنسانية للأمم المتحدة التي استهدفت بتاريخ 19 أيلول. وكل ما ورد من ردود فعل دولية حيال هذا كان الغضب والاستنكار، وكأن لا وجود لقوة أخرى بإمكانها ردع هاتين القوتين من تدمير مدينة فوق رأس ساكنيها من مدنيين بما فيهم أطفال ونساء وشيوخ. في هذا الصدد كتب  سمير بوري مقالاً نشرته الغارديان بتاريخ 2 تشرين الأول، وصف فيه صور الجثث المسحوبة من تحت البناء المنهار إلى أرضية مدماة لغرفة طوارئ تحت الأرض، بأنها كانت مروعة حقاً.

ويستنكر الكاتب، كيف يمكن لمثل هذه المأساة أن تحدث وفي هذا الوقت؟ كيف يمكن استخدام السلاح الجوي لتدمير مدينة تاريخية! أين المساءلات القانونية لتسمح لهذا بأن يحدث على الأرض في القرن الحادي والعشرين؟ يتضح عجز #الأمم_المتحدة والهيئات المرتبطة بها عندما تواجه أنظمة مثل نظام #بشار_الأسد و #فلاديمير_بوتين حيث يتبعون سياسة الأرض المحروقة كرد على التمرد مع انعدام أدنى إحساس بالندم.

ويرى الكاتب أن “من المقرف التفكير باستراتيجيات في هكذا ظروف بينما يوجد هناك استراتيجية خاصة بهم يشتهر تاريخهم بها.. حيث العقاب الجماعي للشعب جزء من تراثهم المتجهم الخاص المحفور في الذاكرة، فلكل من الأسد وبوتين سابقته الخاصة”.

تطرق الكاتب في مقاله إلى الرئيس السوري السابق حافظ الأسد والذي “تصدى بوحشية لانتفاضة حماه عام 1982 متسبباً بقتل عشرات الآلاف من الناس.. وردّ بوتين على تمرد الشيشان بهدمه لغروزني واستخدم هذا النصر لدعم سلطته مطلع الـ 2000”.

ما زالت السلطة تحكم اليوم، والمشكلة هي أن الولايات المتحدة اختارت استخدامها بالكاد. ففي الأسبوع الماضي، كان اتهام السفير الأمريكي سامنثا باور في مجلس الأمن للقصف في حلب واضحاً. أما ممثل المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة ماثيو رايكروفت فاتهم القوات الروسية والسورية بالتواطئ في جرائم حرب، وعبر قائلاً:  “ما تتبناه روسيا ليس مكافحة الإرهاب، إنها الهمجية.. فبدلاً من السعي لتحقيق السلام، يشن كل من الأسد وروسيا الحرب، وبدلاً من المساهمة في إيصال المساعدات للمدنيين، يقصف كل من الأسد وروسيا قوافل المساعدات الإنسانية والمستشفيات والمنقذين الذين يحاولون إنقاذ الناس من تحت الركام”.

ويرى الكاتب أن “الحرب الأهلية السورية عند اندلاعها في عام  2011، كانت مؤطرةً بدايةً في دوائر السياسة الأمريكية كجزء من موجة واسعة من احتجاجات الربيع العربي، وكانت الحروب التي شنها جورج بوش الابن بقيادة الولايات المتحدة لتغيير الأنظمة في كل من #العراق و #أفغانستان قد زعزعت الثقة الأمريكية بالنفس. وفي محاولة لاستعادة الثقة الدولية بالولايات المتحدة كممثل أخلاقي، وعد أوباما بإنهاء عهد سلفه في شن الحروب في البلدان الإسلامية. وبينما اختار الأسد الصمود ومحاربة المتمردين السوريين، وبدأ يستنجد بالمساعدة الإيرانية والروسية.. في الوقت الذي كانت فيه خطط خلع الأسد ألغيت في البيت الأبيض”.

ومن الجدير بالذكر أن عدداً من المحاولات قدمت من قبل الغرباء لجلب بعض من مظاهر السيطرة على الحرب السورية المتصاعدة، فورد من ضمنها المحاولات المبكرة الفاشلة لجامعة الدول العربية، قبل أن تنتقل جهود متعددة الأطراف إلى مستوى الأمم المتحدة، من ضمنها تولي كل من كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي منصب المبعوث العام لجامعة الدول العربية لدى الأمم المتحدة، وكخطوة أولى كانت محاولة الفلندي مارتي أهتيساري الفاشلة لتلطيف الخلاف الروسي الأمريكي على المصير النهائي لرئاسة الأسد. ويتوقف كل شيء في النهاية على العلاقات بين الكرملين وواشنطن واتفاقيات جون كيري لوقف الأعمال العدائية”.

يرى الكاتب أن روسيا بارعة في استخدام السياسة بشكل مبهم تجاه الحرب، فنشرت بشكل علني قواتها في سوريا 2015. وتعتقد كل من سوريا وروسيا أنهما ستحتفظان بحرية التصرف بالحصانة، حتى يحل هناك ساكن جديد في البيت الأبيض، على الأقل. فيما السوريون العاديون يدفعون ضريبة ذلك كما لو كانوا بيادق في لعبة شطرنج سياسية مبللة بالدماء، فليس هناك قوة عسكرية كافية ولا دعم سياسي صحيح لإيقاف جيش الأسد المدعوم خارجياً.

يقول الكاتب “بالعودة إلى سنوات الحرب القليلة الأولى، كان بإمكان تحالف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة و #تركيا وحتى قوات #السعودية العربية أن تطيح بالأسد. لكن منذ أن دمرت الدولة الإسلامية سوريا والعراق وساقتهم إلى حالة عدم الاستقرار لغاياتها الخاصة في 2014 تركز الاهتمام الغربي على محاربة الجهاديين”.

لم يسعف الحظ أيضاً #حلب بالاستفادة من #تركيا الواقعة في صراع داخلي إثر محاولة انقلاب، ففي الوقت الذي كانت فيه #غازي_عنتاب المدينة التركية التي تبعد 100 كيلو متر شمال حلب محطة طريق لجهود الإغاثة الدولية إلى سوريا، “ركزت القوات السورية بشكل خاص على قطع شريان الدعم هذا، والذي يقولون أنه يسمح باستمرار وصول الإمدادات للثوار المدعومين من قبل الحكومة التركية”.

يؤكد الكاتب أن التاريخ سيدون هذه الحرب في سوريا على أنها “حرب متعددة الرؤوس، وستكون بمثابة وصمة عار على جبين الإنسانية. فقد أججت الأرواح التي فقدت في هذه الحرب الأحقاد الطائفية، وعدم الاستقرار، بشكل مؤلم لنتساءل كيف وصلنا إلى هنا؟ في ظل غياب واضح لنظام دولي قادر على وقف مثل هذه الأزمات”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة