قرض لـ”بسطة دخان” وآخر لـ “غرفة في العشوائيات”.. النظام لم يرفع سقف القروض!

قرض لـ”بسطة دخان” وآخر لـ “غرفة في العشوائيات”.. النظام لم يرفع سقف القروض!

فتحي أبو سهيل- دمشق:

حاولت أم حمادة التحايل على حكومة النظام، حينما سمعت “بقرض السجادة” الذي أعلنت عنه المؤسسة الاستهلاكية مؤخراً، بمقدار 90 ألف #ليرة بمدة سداد 18 شهراً. هي لا تريد السجادة كما قالت، وإنما تريد الحصول على المبلغ لتأمين #مازوت التدفئة وشراء ملابس شتوية لطفليها، إلا أن آمالها تحطمت حينما توجهت إلى المؤسسة.

 

من شروط الحصول على “قرض السجادة”:  أن يكون الشخص موظف حكومي، وهنا كانت صدمتها الاولى كونها ليست كذلك، وعلى هذا، حاولت البحث عن موظف  من أقاربها لتكمل العملية، لكن الصدمة الأخرى كانت بأن الـ “90 الف ليرة” لن تسلم نقداً، وانما ستحصل على سجادة بهذه القيمة، ليتم اقتطاع ثمنها من راتب المقترض بعد حصوله أولاً على موافقة الجهة التي يعمل بها.

سيكون بيع السجادة بعد الحصول عليها بذات قيمة #القرض صعب جداً، لذلك، عزفت أم حمادة عن الفكرة، وباتت هي وأطفالها رهناء لما يقدمه لهم “أصحاب الخير” مع راتب الأب الزهيد الذي لا يتعدى الـ 30 ألف ليرة.

قروض “عديمة الفائدة”

أم حمادة عزفت عن فكرة حصولها على قرض مهما كان شكله نهائياً، وخاصة حينما صدمت بالواقع، فمؤخراً، روجت مصارف النظام لرفعها قيمة #القروض التي تقدمها، وأخذ هذا الإعلان ضجة في وسائل اعلام النظام، وكأنه بمثابة المنقذ لحال الكثير من السوريين، إلا أن الواقع كان مختلفاً تماماً، حيث كانت تلك القروض بمثابة “دعاية” ليس إلا، فهي “غير ذات جدوى، وبشروط تعجيزية” كما أكد العديد من المواطنين لموقع “#الحل_السوري”.

أغلب من التقاهم موقع “الحل السوري” بحاجة إلى قروض تشغيل تتيح لهم إنشاء #مشاريع_صغيرة علها تنتشلهم من الوضع الاقتصادي المزري الذي يعيشونه نتيجة سياسة النظام الاقتصادية التي أثبتت فشلها على مدار سنوات الحرب على الأقل، إلا أن قيمة القروض المعلن عنها بعد رفع السقف، والشروط المفروضة للحصول عليها، والشريحة المسموح لها أن تستفيد منها، جعلت منها “عديمة الفائدة”.

#مصرف_التسليف_الشعبي، أكد مؤخراً أنه رفع سقف قرض ذوي الدخل المحدود إلى 500 ألف ليرة سورية، في حين تم رفع مدة سداد القرض وفق السقف الجديد إلى 60 شهراً، بقسط شهري نحو 11430 ل.س، مضيفا أنه “تم رفع نسبة المنح إلى 40% من الراتب المقطوع والتعويضات الثابتة على راتب طالب القرض، على حين تم تحديد قيمة الفائدة على القرض المذكور بمبلغ 185 ألف ل.س”.

مايعني بداية أن هذه القروض لن يستفيد منها سوى موظفي القطاع الحكومي، بينما الشريحة الأوسع والتي هي بحاجة إلى هذه القروض لن تستفيد منها، وحتى موظفو #القطاع_العام سيعانون من اقتطاع أكثر من ربع الراتب شهرياً، وسيكون حصولهم على هذا القرض صعباً جداً نتيجة الشروط “التعجيزية” على حد تعبيرهم، وهي أن يكون هناك كفيلان للمقترض من العاملين في الدولة لمدة تتجاوز 10 سنوات، وهذا شبه مستحيل التحقق.

وأيضاً، يتبع مصرف التسليف الشعبي، نظام الدور، الذي يجعل المتقدمين للحصول على القروض ينتظرون وقتاً طويلاً للحصول على طلبهم، ماقد يجعل قيمة القرض تتلاشى مع الارتفاع المستمر بالأسعار.

وعدا عن ذلك، فإن قيمة القرض زهيدة جداً، وهي “غير كافية لتحقيق شيء مفيد نهائياً” وفقاً لحديث من استطلع “الحل السوري” آراءهم، فمبلغ الـ 500 الف غير كافي إلا لفتح بسطة دخان ومعسل والتي لا يزيد رأس مالها عن 200 ألف ليرة سورية، بينما لاترتقي عائدات هذه “البسطة” لتسميتها بـ “المشروع”، حتى راح أحدهم لوصف القرض بـ “قرض بسطة الدخان”.

ومن يحاول الإستفادة من قرض الـ 500 ألف  (حوالي 950 دولار) لشراء حاجيات معينة، فلن يكون هذا المبلغ كافياً لشراء غسالة أو براد أو حتى غرفة نوم.

قرض غرفة لشخصين

وبالتزامن مع رفع سقف قروض مصرف التسليف الشعبي ومصرف توفير البريد، أكدت مصادر صحفية، أنه تم رفع سقوف القروض الواردة في ملحق نظام عمليات #المصرف_العقاري لتصبح 5 ملايين ليرة لشراء عقار جاهز أو لم يكتمل بناؤه للمودع المدخر، و5 ملايين ليرة أيضاً لإنشاء عقار جاهز للمودع المدخر، و 3 ملايين و 600 ألف ليرة لاكمال عقار منجز بكامل هيكله للمودع المدخر.

في حين، تم رفع سقف قرض شراء مسكن جاهز للمكتبين لدى المؤسسة العامة للإسكان إلى 5 ملايين ليرة، و3 ملايين ليرة لإكمال عقار منجز على الهيكل، و3 ملايين و300 ألف لإنشاء عقار جاهز، و2 مليون و300 ألف لإنشاء توسع مسكن معد للسكن، ومليون و600 ألف لاكمال توسع مسكن معد للسكن، و2 مليون ليرة لإعادة إكمال السكن المعد للسكن، ومليون و300 ألف ليرة لتدعيم السكن متصدع معد للسكن، و2 مليون و600 ألف ليرة لإنهاء العلاقة الإيجارية.

وتم رفع سقف قرض إنشاء عقار للجمعيات إلى 4 ملايين ليرة، و2 مليون ليرة إنشاء عقار على الهيكل مع المرافق العامة للجمعيات، و2 مليون و600 ألف ليرة لإكمال عقار كامل هيكله المنجز للجمعيات، و5 ملايين قرض لشقق الجمعيات التي تعتبر مشاريعها ضاحية مستقلة.

وبناء على الارقام الواردة اعلاه، فإن أعلى قيمة قرض، هي 5 ملايين ليرة سورية، وهي لا تكفي سوى  لشراء غرفة في العشوائيات، حيث قام “موقع الحل السوري” بسبر أسعار المنازل في العشوائيات بدمشق مثل ركن الدين وعش الورور ووادي المشاريع، حيث تراوح سعر المنزل 80 متر مابين 7.5 مليون ليرة سورية و8.5 مليون، في حين وصل سعر الغرفة مع منتفعات إلى 4.5 و 5.5 مليون ليرة، بمساحة بالكاد تكفي شخصين فقط.

هكذا رفع السقف ولم ترفع القيمة

مدير التسويق في أحد المصارف الخاصة ، قال لـ “الحل السوري”، إن مصارف النظام لن تستطيع في الوقت القريب تقديم قروض لغير الموظفين في #القطاع_العام، فهي تعمل على مبدأ اقتطاع الراتب من المؤسسة التي يعملون بها، وأيضاً، هي قادرة على ضمان تحصيل حقوقها من هذه المؤسسات التي لها بالتأكيد ودائع لديها”.

وتابع “النظام حصر ادخار ودائع مؤسسات ووزارات القطاع العام في المصارف العامة، ومنع ادخارها في المصارف الخاصة، وعدا عن ذلك، فإن مشاريع القطاع العام لا تتوقف حتى لو تضررت، بينما توقفت كل مشاريع مصارف #القطاع_الخاص، وبهذا الشكل، ضمنت المصارف العامة كتلة من النقد تتيح لها تقديم القروض”.

وأكد أن ” مصرف التسليف الشعبي وتوفير البريد تحديداً، لم يرفعوا قيمة القروض عملياً رغم رفع السقف”، مضيفاً “كان مجلس النقد والتسليف قد سمح في أيار عام 2015, للمصارف العامة باستئناف منح القروض بمدة استيفاء 3 سنوات، وبدأ مصرف التوفير حينها بمنح قروض لذوي الدخل الممحدود سقفها 300 الف ليرة، وفي أيار 2015 كان سعر الصرف حوالي 270 ليرة سورية، واليوم يفوق الـ 540 ليرة سورية، وبالتالي الـ 300 ألف ليرة سورية العام الماضي كانت تساوي تقريباً 1.111 دولار، بينما الـ 500 الف ليرة سورية تساوي اليوم حوالي 925 دولاراً فقط”.

وأشار إلى أن “المصارف الخاصة حالياً لا تملك سيولة كافية، وهي غير قادرة على منح قروض المشاريع الصغيرة أو غيرها”، مؤكداً أن “بعض المصارف الخاصة تعجز بعض الأحيان عن تقديم مبالغ ضخمة يطلبها أصحابها نتيجة قلة الودائع لديها وبالتالي قلة السيولة”.
ونوه المصرفي إلى تخطيط النظام لتوجيه ضربة “قاضية” للمصارف الخاصة، عبر حصر التأمين الالزامي للسيارات قريباً بالمؤسسة العامة للتأمين، وبالتالي ستنتقل ودائع شركات التأمين الخاصة التي تعتمد على التأمين الالزامي بشكل كبير في وارداتها، إلى المصارف الحكومية، أي أن المصارف العامة ستحرم من جزء كبير من ودائعها.

وأخيراً، ستبقى أم حمادة وكل من يشاطرها الحال الاقتصادي السيء في سوريا (وهم الشريحة الأوسع)، دون فرصة للحصول على مبلغ مالي ينتشلهم من الفقر المتقع الذي يعيشون به، وسيبقون بانتظار “أصحاب الخير” ومساعدات المنظمات والجمعيات الخيرية حتى يحصلون على ماقد يسد الرمق.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.