فايز سارة

يتشارك السوريون في عدم الرضا عن سياسة #الأمم_المتحدة في القضية السورية، بل قسم أساسي منهم يصل حد الاستنكار لسياسة الأمم المتحدة ومنظماتها في الموضوع السوري بإجماله، وفي بعض تفرعاته وموضوعاته. فنظام #الأسد أظهر أكثر من مرة عدم رضاه عما تتبعه الأمم المتحدة من سياسات وما تتخذه من مواقف يرى أنها لا تتناغم مع مواقفه في القضية السورية، والتي تعكس رغبته في القضاء على ثورة السوريين وتطلعاتهم للتغيير بما يلبي طموحاتهم في إقامة نظام ديمقراطي، يوفر الحرية والعدالة والمساواة لكل السوريين، وهو كما حلفائه من الروس والإيرانيين، ووسط سعيه لإلحاق الهزيمة بكل من يسعى في إطار جهود الأمم المتحدة وسياساتها لدعم طموحات السوريين من أجل وقف سياسات النظام وحلفائه ومعاقبتهم على الجرائم التي يواصلون ارتكابها قتلاً واعتقالاً وتهجيراً للسوريين، وتدمير إمكانياتهم وقدراتهم الفردية والاجتماعية.

أما موقف أغلبية السوريين وخاصة قوى المعارضة السياسية والمسلحة، فإنه أميل إلى معارضة وإدانة السياسات والمواقف التي تتابعها الأمم المتحدة وأغلب منظماتها في القضية السورية، ويأخذون على المنظمة الدولية عجزها عن القيام بواجبها في حمايتهم ومساعدتهم وفق مقتضيات قواعد عمل المنظمة الدولية ومنظماتها المتخصصة ولاسيما محتويات القانون الدولي والإنساني وشرعة حقوق الإنسان، التي تمثل الأبرز في المنطلقات، التي يقوم عليها عمل المنظمة الدولية، وهم يأخذون عليها تقصيرها في معاقبة نظام الأسد وحلفائه على جرائمهم ضد السوريين غير المسبوقة، ويذهب قسم من السوريين إلى حد اتهام الأمم المتحدة بالتواطؤ مع نظام الأسد وحلفائه في موضوعات كثيرة منها استفادة النظام وبعض رموزه من أموال المنظمة، التي تحصل عليها مؤسسات تابعة للنظام وشخصيات مقربة منه وكلاهما موضوع على قوائم العقوبات الدولية، ويشير البعض إلى التواطؤ من خلال دور فريق المبعوث الدولي في عمليات التهجير القسري، التي يتابعها نظام الأسد، وبالتزامن مع عجز الأمم المتحدة عن القيام بإيصال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة وفق القرارات الدولية، بل وسكوتها عن قصف قافلة المساعدات الإنسانية إلى #حلب المحاصرة، وعدم ذهابها إلى إجراء تحقيق في ذلك حتى.

وسط عدم رضا السوريين الذي يصل حد الاستنكار والإدانة لدورها في القضية السورية، تبدو مناسبة نهاية ولاية الأمين العام #بان_كي_مون في كانون الثاني القادم، ومجيء أنطونيو غوتيريش أميناً عاماً جديداً، فرصة لتقويم سياسة المنظمة الدولية حيال القضية السورية، لاسيما وأن مناسبة كهذه، تترافق مع قيام كبار موظفي الأمم المتحدة وبينهم المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان #ديميستورا بتقديم استقالاتهم للأمين العام الجديد، ليأخذ قراره في استمرارهم في أعمالهم أو استبدالهم بآخرين وفق القواعد المعمول بها في تعين كبار موظفي الأمم المتحدة.

انتقاد السوريين وخاصة المعارضة وحواضنها الاجتماعية في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، لا يتركز على المنظمة ككل وعلى أمينها العام المنتهية ولايته بان كي مون الذي توج عجزه عن التعامل بجدية ومسؤولية مع القضية السورية وتطوراتها، بإبداء قلقه في أغلب الأحوال، قبل أن يختم تعامله معها بتكريم #بشار_الجعفري مندوب نظام الأسد في احتفال عام، رغم خروقاته المتكررة للتقاليد الدبلوماسية وصلفه في التعامل مع المنظمة الدولية والعاملين فيها ومندوبي الدول الأعضاء في مرات كثيرة.

ويشمل الانتقاد السوري مبعوث الأمم المتحدة ستيفان ديميستورا وفريقه، ليس لعجزه عن تحقيق أي تقدم نحو حل القضية السورية وإنهاء معاناة السوريين، إنما أيضاً من خلال سياساته، التي أثبتت مسايرته لكل من الولايات المتحدة وروسيا، وتواطؤه مع نظام الأسد، وعمله على تشتيت المعارضة وسعيه لتعددية مراكز القرار فيها، مما يهمش دورها، ويجعل إمكانية التوصل إلى حل سياسي في سوريا أصعب.

ولا يحتاج إلى تأكيد، أن تصحيح سياسات ومواقف كل من الأمم المتحدة ومبعوثها الدولي إلى سوريا، ليست المهمة الوحيدة أمام الأمين العام الجديد الذي سيباشر مسؤولياته بداية العام 2017، بل إن ثمة قضايا، لابد وأن تحظى بأهمية بالغة في عمل المنظمة الدولية في المرحلة المقبلة، بينها الكف عن سياسية غض النظر عن جرائم نظام الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين وميليشياتهم، والتي تمثل عملياتهم في #حلب نموذجاً لها، وكذلك وقف عمليات التهجير القسري، التي تتواصل ولاسيما في محيط دمشق وريفها، حيث يجبر مقاتلو المعارضة على الرحيل مع عائلاتهم إلى إدلب حصراً، وينقل بقية السكان إلى مراكز إيواء أشبه بالمعتقلات، ويساق شبابهم إلى التجنيد الإجباري أو الاحتياطي في جيش النظام، وكله يتم وفق سياسة “المصالحات المحلية” التي ينفذها النظام وحلفائه الروس تحت الضغط العسكري – الأمني.

وبين القضايا، التي ينبغي الاهتمام بها من جانب الأمم المتحدة قضية المناطق المحاصرة، وقد باتت أشبه بمعتقلات تحت القصف الجوي والبري والاقتحام، يمنع الدخول إليها أو الخروج منها، كما يمنع دخول أي نوع من المساعدات الغذائية والطبية إليها. وثمة قضية أخرى، تندرج في السياق نفسه، وهي قضية المهجرين واللاجئين سواء في الداخل السوري أو في بلدان الجوار، ويقارب عددهم نصف سكان سوريا، بينهم أكثر من خمسة ملايين لاجئ في بلدان أبرزها #لبنان و #الأردن و #تركيا، وأغلب هؤلاء، يعيشون ظروفاً غير إنسانية في المستويات الغذائية والطبية وفي مجالات السكن والتعليم، إضافة إلى تعرضهم للانتهاكات الإنسانية.

وإذا كان من الصحيح القول، إن الأمم المتحدة تتأثر بسياسة دولها الأعضاء ولاسيما الدول الكبرى، مما ينعكس سلباً أأو إيجاباً على سياساتها وقراراتها، فإن من الصحيح أيضاً، أن مسؤولي الأمم المتحدة بما يتمتعون به من خبرات وقدرات ومن إحساس عال بالمسؤولية في وظائفهم، إنما يتحملون قدراً كبيراً في وقف تدهور الأمم المتحدة ودورها، والعمل على تصويب سياسات الدول بما فيها الكبرى، وجعلها أكثر انسجاماً واستجابة لاحتياجات المنظمة الدولية ومسؤولياتها، وهذا ما ينبغي أن يركز عليه الأمين العام الجديد للأمم المتحدة في المرحلة المقبلة من تعامله ومنظمته وموظفيه مع القضية السورية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة