بالعودة إلى مجريات الأحداث خلال عام الـ 2016، نلاحظ بوضوح أن “الحرب الأهلية السورية تجري في صالح الرئيس بشار الأسد”.. ورد ذلك كخلاصة تقرير أعده آرون لوند نُشر على موقع منظمة The Century Foundation . حيث يرى الكاتب أن العام 2016 حمل خمسة أحداث هامة في #سوريا كانت جميعها في صالح الرئيس السوري #بشار_الأسد. رتّب تلك الأحداث تنازلياً وبدأ بالأقل أهمية:

5- فشل الأسد في إنعاش الاقتصاد

4- تقسيم الغوطة الشرقية

3- أعادت #تركيا ترتيب أولوياتها في سوريا.

2- فوز #دونالد_ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.

1- استعاد الأسد شرقي حلب.

في حديثه عن الاقتصاد ورد: واصل الاقتصاد السوري انخفاضه البطيء عام 2016، فتراجع سعر الليرة السورية بشكل واضح مطلع العام. ففي شهر مايو، تجاوز سعر الدولار 620 ليرة ليصل إلى 700.. ارتفاع مثير لسعر الدولار الذي كان 47 ليرة قبل اندلاع الثورة و400 ليرة مطلع عام 2016. استطاع المصرف المركزي التدخل لتخفيض سعر الدولار لكن ذلك لم يدم طويلاً، حيث تراجعت الليرة مجدداً في الصيف ليصل سعر الدولار إلى 500 ليرة وبقي على هذا الحال.

ويرى الكاتب أن الحكومة السورية “تخفي وجهها خلف قناع الشجاعة بإعلانها ميزانية الدولة لعام 2017 بمبلغ 2660 مليار ليرة سورية”، فهي أكبر ميزانية إنفاق على الإطلاق كما أنها أضخم بـ 34 بالمئة من سابقتها، ذلك بالرغم من أن قيمة عملتها مقابل الدولار أقل بكثير منها في العام 2016. لكن الحكومة تجد صعوبات متزايدة في الحفاظ على استمرارية تقديم الخدمات. لم يكن هناك انهيار مالي كارثي في العام 2016، لكن على المدى الطويل سوف تكون تلك أخباراً سيئة عن الأسد.

أما عن تقسيم الغوطة فيرى أن مقتل #زهران_علوش  “زعيم الثوار السلفي” وفق توصيفه، خلق فراغاً في السلطة في الغوطة الشرقية، وزعزع محاصرة القطاع الشرقي من دمشق، الأمر الذي لطالما كان شوكة في خاصرة الأسد، ويهدد سيطرته على العاصمة. فخلال أشهر من مقتله في يوم عيد الميلاد من عام 2015، خرج القسم الشرقي من دمشق عن السيطرة، كما تحاربت الفصائل الثائرة المتحالفة سابقاً فيما بينها للسيطرة على السلطة. كما جاء في تقرير جديد لـ Century Foundation  إن الحكومة السورية استغلت المشاكل الداخلية بين الفصائل الثائرة بشكل ذكي جداً. وقد تمكن الجيش منذ الربيع استعادة مساحات واسعة من الأراضي في الغوطة الشرقية، ويضغط الآن لتحقيق اتفاقيات وقف إطلاق النار التي تجبر المقاتلين على إلقاء أسلحتهم أو الانسحاب من المنطقة.

بعد سقوط معقل الثوار في #حلب الشرقية في كانون الأول 2016، سوف يضمن انتصار الحكومة في شرق الغوطة سيطرة النظام عملياً على مدينتين رئيسيتين في سوريا، مطلقاً القوات لتنفيذ مهام أخرى، وإبقاء المعارضة في مناطق ريفية ذات قيمة وأهميه أقل. بالرغم من أن إعلان وقف إطلاق النار الذي جاء بوساطة #روسيا و #تركيا أعلن فقط قبل نهاية العام، فمن المرجح أن يسعى الأسد لقتل التمرد في الغوطة الشرقية في وقت ما من الـ 2017.

وفي حديثه عن تركيا أور أنها بدأت في ربيع 2016 بإحداث تغيرات رئيسية في سياستها الخارجية. حيث رفعت قرار التجميد بشأن علاقاتها مع روسيا وإسرائيل. وأشار المسؤولون الأتراك أيضاُ إلى أنهم كانوا يفكرون بشكل عملي بشأن التدخل في سوريا، مركزين أكثر على احتواء “التوسع المدعوم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية للجماعات الكردية الصديقة لحزب العمال الكردستاني”.

أرسلت تركيا قواتها إلى سوريا في 24 آب، “لتبعد الدولة الإسلامية عن حدودها وتمنع الأكراد من إنشاء أرض  لهم شمال حلب المتاخمة لـ PKK التركي”، بينما يتجنبون المواجهة مع قوات الأسد. ابتهجت المعارضة السورية في بادئ الأمر لهذا التدخل، ظناً أنه سيقلب الطاولة إلى صالحهم. وبالرغم من أن الرئيس التركي رجب طيب #أردوغان واصل دعمه للمقاتلين الإسلاميين في #إدلب، إلا أنه ما يزال يرفض تدخل قواته في منطقة حلب ضد الأسد. في الحقيقة، ساهمت العملية التي قادتها تركيا في سحب الثوار السوريين بعيداً عن معركة حلب في حين تفاوض أردوغان مع عدوهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.  في 29 كانون الأول، تمخض عن تلك المحادثات إعلان وقف إطلاق النار في سوريا إلى جانب وعود بإجراء محادثات سلام في #كازاخستان.

وبطبيعة الحال فإن وجود قوات تركيا على الأراضي السورية يعتبر عصباً داعماً للأسد الذي يرى إمكانية قيام حلفائه في #موسكو و #طهران بعقد صفقات مباشرة مع #أنقرة التي جاء قرارها في تفضيل مصالحها على مصالح الثوار السوريين ورقة رابحة لصالح بشار الأسد في عام 2016.

وعن الانتخابات الأمريكية كتب: صوت نحو 63 مليون أمريكي في 8 تشرين الثاني لجعل دونالد ترامب الرئيس المقبل للولايات المتحدة الأمريكية. رسم ترامب قبل انتخابه خطة مبهمة بشأن سياسة سوريا التي أظهرت الولايات المتحدة منفصلة عن جهود الإطاحة بالأسد لصالح علاقات جيدة مع روسيا ومعركة ضارية ضد الدولة الإسلامية. ولم يبقى سوى أن نرى ما سيفعله وماذا سوف تكون العواقب. ومن المرجح أن “يعجل انتخاب ترامب التغيرات الدولية بعيداً عن المعارضة السورية حيث تبدأ الجهات الفاعلة الأخرى التكيف مع الواقع الجديد”. تزايدت الضغوط في أوربا من قبل الأحزاب اليمينية المتطرفة المعادية للمسلمين، و “غضب عام ضد الشرق الأوسط والإرهاب الجهادي الذي أدى إلى تدفق اللاجئين مما خلق ظروف متغيرة مماثلة في بلدانها”، وقد أمرت المملكة المتحدة مراجعة سياستها في سوريا ومن المحتمل أن انتخابات #فرنسا سوف تسفر عن علاقات ودية مع روسيا والأسد ورئيسها الجديد في نيسان، وربما في شخص فرانسوا فيون. القادة العرب والترك أيضاً يراقبون واشنطن، وكذلك سوف يُجبرون بطريقة أو بأخرى على التأقلم مع التغيرات والمعطيات الجديدة.

ويرى في النهاية، من غير المرجح أن تسمح جهود المجتمع الدولي باعتبار بشار الأسد حاكماً شرعياً، لكن يمكنه تخفيف الضغوط العسكرية والاقتصادية على نظامه بشكل ملحوظ تماماً. وإن فوز ترامب يجعل ذلك أمراً ممكناً جداً.

استعادة حلب من قبل الحكومة السورية كان الحدث الأهم في العام 2016 باعتبارها المنطقة الأكثر أهمية لدى الثوار. بعد سنوات من القتال العنيف ونصف عامٍ من الحصار الخانق، استطاع جيش الأسد أن “يُركع الثوار في كانون الأول 2016″، خلفت تلك العملية العسكرية 111000 مشرداً على الأقل 70 بالمئة منهم تحت سيطرة الحكومة كما تم إجلاء 36000 شخص من قبل الهلال الأحمر نحو منطقة إدلب الواقعة تحت سيطرة الثوار وبضعة آلاف من المقاتلين المسلحين.

ويرى من المحتمل أن تُسرّع اتفاقية الإخلاء في شرق حلب من عملية المصالحة المحلية باعتبارها الخاتمة. أصبحت حلب مضرباً للمثل في الوحشية ضمن الصحافة الدولية، كما ظن الكثير من المعلقين الغربيين أن الظروف التي سقطت من خلالها حلب سوف تزيد من عزيمة الثوار وإصرارهم على عدم الاستسلام. وليس بالضرورة أن تكون تلك قراءة كيفية سقوط حلب ضمن سوريا، فالعديد من المدنيين في المناطق التي تعاني من خطر التعرض لنفس مصير شرق حلب قد تلقوا رسالة الحكومة الواضحة التي أرسلتها من خلال وحشيتها في حلب وهي أن المقاومة عقيمة ولن تجدي نفعاً، ستؤدي بكم إلى الموت، لكن الجيش يقدم لكن فرصة الاستسلام الآمن بدون مجازر. ومن خلال ما جرى في حلب، نجد أن خيار الاستسلام في الواقع ليس خياراً، إنماً أمراً مفروضاً لا بديل له.

ويؤكد التقرير أن الجيش السوري يبقى ضعيفاً، فأعداد مقاتليه في تناقص مستمر وقواه منهكة، الأمر الذي أوضحه فشله في التمسك بتدمر خلال معركته في حلب. هذا يطرح سؤالاً مفتوحاً فيما إذا كانت الحكومة السورية قادرة على التوسع بشكل ملحوظ من غرب سوريا وتستعيد المناطق التي فقدت السيطرة عليها خلال السنوات القليلة الماضية حتى في حال استمرت المعارضة في الضعف.

ولكن، بالرغم من أن احتمالات النصر النهائية للأسد لا تزال غير مؤكدة، إلا أنه من الواضح أن المعارضة السورية خسرت حربها الآن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.