“الفيلق الخامس اقتحام” رواتب شهرية 13 مليون دولار وتكلفة نفقات سنوية 40 مليون دولار

“الفيلق الخامس اقتحام” رواتب شهرية 13 مليون دولار وتكلفة نفقات سنوية 40 مليون دولار

فريق التحقيقات

يستمر فريق التحقيقات في موقع #الحل_السوري بتقصي المعلومات حول قضية إنفاق القوى العسكرية الفاعلة في #سوريا، في محاولة لاستنتاج تكاليف الحرب المستمرة، ونتناول في هذا التحقيق واحدًا من أبرز وأحدث التشكيلات العسكرية التي تديرها #روسيا وهي #الفيلق_الخامس_اقتحام.

 

في يوم الثلاثاء 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، نقل التلفزيون الرسمي، في خبر عاجل، بياناً صادراً عن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة، دعت فيه “جميع المواطنين الراغبين بالمشاركة في إنجاز الانتصار النهائي على الإرهاب، إلى مراجعة مراكز الاستقبال في قيادات المناطق العسكرية بالمحافظات”، قبل أن يظهر بيان مصور لاحقاً، تلاه المتحدث باسم قيادة جيش النظام، حدد فيه المراكز التي يستطيع الراغبون بالالتحاق مراجعتها، لتسجيل أسمائهم، مع تعداده الشروط التي يجب توافرها فيهم.

قبل أسابيع، وقف خطيب المسجد الأموي بدمشق على منبره وصاح بالمواطنين داعياً إياهم للانضمام إلى كيان عسكري جديد يشكّله النظام السوري، لدمجه في الجيش النظامي تحت مٌسمّى “الفيلق الخامس اقتحام”.

حتى الآن وبعد حوالي 6 سنوات من الحرب في سوريا، لم يشهد أي جناح في جيش النظام الضخ الإعلامي والمادي والدعائي الذي شهده هذا الفيلق خلال الأشهر الماضية، فالنظام لم يترك استمالةً عاطفية أو عقلية إلا واستخدمها، بدايةً من المغريات المادية بالرواتب والحوافز والحماية الامنية،مروراً بحث الموظفين داخل مؤسساتهم والعسكريين المتخلّفين عن الخدمة.

الحملة الدعائية الأضخم

تجاوز حجم الحملة الإعلامية التي حظي بها “الفيلق الخامس اقتحام”، حملة رئيس النظام السوري بشار الأسد في الانتخابات الأخيرة والتي حملت شعار “سوا”، فحيثما ولّى المواطن السوري وجهه يجد إعلانات تحفيزية وتعبوية.

من ناحية أخرى وصلت مئات آلاف الرسائل على الهواتف المحمولة للسوريين، وتدعوهم لـ “تحقيق النصر الأخير والانضمام للفيلق”، وذلك بحسب شهادات من مواطنين جمعها موقع الحل.

يقدّر خبير الحملات الإعلانية عمر صمّادي لموقع الحل الكلفة الإجمالية للحملة الدعائية التي تم العمل عليها لترويج الفيلق الخامس بما يتراوح بين 50 – 80 مليون ليرة سورية.

وقال صمّادي: “يتوزّع الرقم بين الحملة عبر شركات الاتصال ووسائل الإعلام الخاصة والحكومية التي تبث رسائل تحفيزية، إضافة لتكلفة تصميم وطباعة وتعليق الإعلانات الطرقية التي تديرها المؤسسة العامة للإعلان التابعة للنظام، علاوة على حملات وسائل التواصل الاجتماعي، ويضاف إليها تكاليف الزج برجال السياسة والعسكرة والدين والخطباء بالمجتمع للالتحاق بالفيلق”.

واعتبر أن “النظام حقّق غرضه بكل جدارة من هذه الحملة، وذلك من خلال أن الشعب السوري داخل وخارج سوريا عرف بالفيلق الخامس والأجور التي يدفعها وآليه عمله”.

سوق الموظفين

حصل موقع الحل على ثلاثة وثائق تثبت إقدام النظام على دعوة موظفيه في الجهات الحكومية للالتحاق بالفيلق الخامس بموجب دعوة رسمية.

حيث أرسل النظام برقية إلى الموظفين في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، جاء فيه “استناداً إلى كتاب وزارة الثقافة بتاريخ 23/12/2016 للتطوّع في الفيلق الخامس أن يراجعوا مديرة الشؤون الإدارية والقانونية”.

الكتاب ذاته وصل إلى الموظفين في وزارتي الأوقاف والزراعة، في هذا السياق قالت مصادر في العاصمة السورية دمشق، إن: “هذه الوثائق هي ما تم تسريبه للإعلام فقط”، مؤكّدةً أن “التعميمات ذاتها وردت إلى جميع الموظفين في الجهات الحكومية”.

اعتقالات ومزايا

رصد الحل السوري منطقتين في سوريا اقتحمهما النظام وساق مئات الشباب إلى الخدمة في الفيلق شمال وجنوب سوريا.

تزامناً مع إعلان تشكيل الفيلق الخامس، بدأت قوات النظام حملة أمنية واسعة لسوق عدد من المطلوبين للاحتياط في المناطق الخاضة لسيطرته في أحياء درعا المحطة وشملت عدداً كبيراً من المطلوبين، بعضهم في سن تجاوز 42 عاماً، وهو السن المنصوص عليه في القانون السوري للسوق للخدمة.

في التاسع من شهر كانون الثاني الحالي، انسحبت وحدات حماية الشعب الكردية من مناطق كانت قد سيطرت عليها خلال معارك في مدينة حلب، وقال مقاتل من الوحدات فضل عدم ذكر اسمه لموقع الحل: “إن الأحياء شملت الحيدرية والهلّك وبعيدين والشيخ خضر والشيخ فارس”، لافتاً إلى أن “مقاتلي الوحدات بدأوا منذ يوم التاسع من كانون الثاني (يناير) بالانسحاب تدريجياً نحو مدينة #عفرين في ريف حلب”، وأوضح أن “قوات النظام دخلت إلى هذه الأحياء واعتقلت كل من يقدر على حمل السلاح من الشبّان والرجال الموجودين”، مؤكّداً أنه “تم سوقهم للخدمة في الفليق الخامس”.

الانتقال من الميليشا إلى النظامي

ويبدو أن #روسيا التي تموّل العملية تحاول تمييع جميع الميليشيات ضمن هذا الفيلق بما فيها ميليشا #الدفاع_الوطني و #كتائب_البعث، “بغية إضفاء بعض الشرعية على النظام السوري” وفق تصريحات لخبراء ومحللين عسكريين تحدث معهم موقع الحل.

يقول العقيد محمود ابراهيم الباحث في القضايا الاستراتيجية إن “الفيلق الخامس هو جزء أصيل من القوات النظاميّة السوريّة ويخضع لِقيادة رئاسة أركان النظام، ويشمله قانون الترفيعات والتبعات العسكريّة التي تشمل كافة اختصاصات وقطاعات الجيش السوري النظامي”.

واعتبر أنه “بهذا الشكل يختلف عن باقي الفرق المُشكّلة بقرارات غير واضحة الهيكليّة القانونيّة والإداريّة،  كالحرس القومي التابع للقيادة القوميّة في حزب البعث، أو الدفاع الوطني، أو المليشيات المتنفّذة على الأرض السوريّة”.

وتابع: “سيكون الفيلق الخامس (لو كُتب له النجاح) بديلأ يضم كل المرتزقة السابقين، من السوريين، أو الممنوحين الجنسية السوريّة مؤخراً من عراقيين وإيرانيين”، لافتاً إلى أن “عديد قوات هذا الفيلق يتراوح من 25000 إلى 50000 ألف حسب الهيكليات المُعتمدة من قبل الجيش السوري، لقوام قواته العاملة، مع ترجيح احتمال نشره في نطاق العاصمة السوريّة، وحلب التي استطاع النظام مؤخراً فرض سيطرته عليها”.

وتوقّع ابراهيم أن “الدعم المالي واللوجستي المُقدّم للفيلق لن يؤثر، كون النظام قد يتجه في حال تحقيق اتفاق في آستانة إلى تخفيض عديد قواته النظامية، إضافة لكون أغلب قواته المتبقية هي من (الإلزاميين) أي المجبرين على الخدمة في جيش النظام”.

يشاطره الرأي من حيث العدد المحلل العسكري العقيد حاتم الراوي، الذي أكّد أنه “بمجرد دخول مصلطلح فيلق، فإن عدد القوات يزيد عن 45 ألف مقاتل”.

وقال الراوي: “إن الفيلق يتكوّن من ثلاث فرق وكل فرقة عددها يزيد عن 15 ألف مقاتل”.

13 مليون رواتب الفيلق شهرياً

من ناحية الدعم المادي فقد أكد بيان جيش النظام الذي تم الإعلان عن تشكيل الفيلق خلاله، أن الدعم سيكون ممن سماهم (الدول الصديقة)، في إشارةٍ إلى #روسيا التي تشرف على تأسيس هذا الفيلق من الألف إلى الياء حسبما يتضح.

ويتراوح راتب المقاتل الواحد بين 200 إلى 400 دولار أمريكي، وهو رقم كبير مقارنة مع باقي الميليشيات، ما يزيد فرص توسّع هذا الفيلق وتبديد الميليشيات الأخرى.

وإذا افترضنا أن عدد المقاتلين يبلغ 45 ألف في الفيلق براتب 300 دولار شهرياً فإن مجموع الرواتب يبلغ 13 مليون وخمسمئة ألف دولار شهرياً، علماً أن هذا المبلغ يشمل فقط الرواتب ولا يشمل كلفة تدريبات المقاتلين وألبستهم العسكرية وأسلحتهم ومأكلهم ومشربهم وغيرها من مصاريف دوران الآلة العسكرية والمقاتلين فيها.

40 مليون دولار الكلفة السنوية للنفقات الأخرى

يوضّح العقيد خالد الراوي أن “الأسلحة الفردية لا تندرج ضمن النفقات، لأن النظام يمتلك الكثير من هذه الأسلحة التي تكفي لمقاتلي الفيلق، ولا سيما في مستودعاته في #القطيفة و #قطنا”، لافتاً إلى أن “أعداد الجيش النظامي كانت وفق السجلات 320 ألف مقاتل و120 من قوى الأمن ويوجد أسلحة تكفي جميع هؤلاء”.

من جهته قال العقيد أحمد حمادة في حديث لموقع الحل: “إن العسكري الواحد بحاجة إلى بدلتين عسكريتين وكنزتين اثنتين، إضافةً إلى لباس صوفي داخلي وخوذة ودرع وجعبة وعبوة مياه ونطاق وحذائين وجوارب وبطانيات وأغراض النوم سنوياً”، مضيفاً أن “من احتياجات العسكري الدواء والطبابة، إضافة إلى حاجة كل عشرة عناصر إلى سيارة تحت خدمتهم غير الطعام”.

وقدّر حمادة هذه التكاليف بـ 10 آلاف ليرة للطعام شهرياً، و10 آلاف ثمن وقود وطبابة، ليكون هذان المبلغان 240 ألف سنوياً، ويضاف إليها 200 ألف ليرة سنوياً ألبسة يحتاجها العناصر ليكون المبلغ 440 ألف ليرة للمقاتل الواحد، وعلى هذا الأساس فإن التكلفة السنوية لنفقات الفيلق البالغ عدده 45 ألف حوالي 19 مليار و800 مليون ليرة، أي ما يقارب 40 مليون دولار.

ولفت حماده إلى أن “الفيلق بوضعه الحالي بحاجة إلى 1500 عربة عسكرية بما فيها مصفحات ودبابات وغيرها”، متابعاً أن “الفيلق سيستوعب عدداً كبيراً من الموظفين الذين سيتركون وظائفهم ويوفعون عقوداً معه لمدّة سنة قابلة للتجديد، ويكون المقابل بأنهم يحصلون على راتبٍ من الفيلق وراتبٍ من وظيفتهم الأساسية”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.