تحدى الجيران الدمشقيون مخاطر الرحلة من #سوريا إلى #السويد وصعوبة إنشاء عمل جديد، ليبدؤوا مشروعهم الفريد الذي أعد عنه ريتشارد أورانج تقريراً نشرته الـ DW ابتدأه بالقول: “بحركة رشيقة، ملأ مهند صبّاغ مجرفة نحاسية من القدر الدائر أمامه، وسحب بها كمية من الملح الساخن، ليقول مبتسماً وهو يمرر كفه برفق عليه: يدي هي مقياس الحرارة !”.

يُحمّص صباغ اللوز والفستق والحمص وبذور البطيخ بهذه الطريقة منذ أن أرسله والده بعمر الـ 12 للعمل في محمصة الأسرة الكائنة في #باب_توما في مدينة دمشق القديمة، يسخّن المرجل على لهب الديزل، هي الطريقة التي اتبعها جدّه عندما أطلق عام 1913 محمصته القائمة إلى الآن وبقوة في مدينة دمشق.

لكننا لسنا في سوريا الآن، نحن في مدينة #مالمو السويدية، المدينة التي جاء إليها صباغ وشقيقه مؤمن  في كانون الأول وتشرين الأول من العام 2015 خلال المواجهة الأخيرة لأزمة للاجئين في أوربا.

تمنى الأخوان صباغ مع جاريهم جهاد ومأمون أبو ركبة جلب نكهة الوطن إلى 112000 سوري لجؤوا إلى السويد منذ اندلاع الحرب في سوريا قبل خمسة سنوات.

وبحسب التقرير فإن السوريون أحبّوا محلهم وكأن مشروع الأحلام قد افتُتح. يقول صباغ إن المحمصة اللذيذة افتتحت قبل ثلاثة أسابيع في ساحة موليفانجن وسط السكان المهاجرين في المدينة على أنغام الموسيقى الغربية والدفوف والدبكة الشعبية.

يبيع المتجر أكثر من 90 نوع من المكسرات الموجودة في أدراج خشبية، ويقول صباغ: “من يعرف المحل من دمشق سوف يأتي معتمداً على الاسم، فهو مثل الوكالة “، يتمنى الأخوة أيضاً أن يخدموا بقية سكان المدينة العرب وجذب السويديين في بعض الأحيان.

وعن سر التفرد بالنكهة بعيداً عن تقنيات التحميص الحديثة كتب أورانج “اشتم صباغ رائحة الحمص النصف محمص في المرجل، وأعرب في وجهه عن فرحة مبالغ بها، وأوضح بحماس: ليس اللهب ما يحمص المكسرات، إنما الملح لحار، لأن البذور ستحترق إذا تعرضت إلى اللهب المباشر أو المعدن الحار، وأضاف: عندما تُحمص المكسرات، يجب أن تباع بسرعة لتحتفظ بنكهتها وقيمتها الغذائية.

شحن والده كل المستلزمات من سوريا بما فيها ماكينة التحميص وبراميل التدوير لتنكيه المكسرات، والمغرفة النحاسية وحتى السلال المطاطية. كل ذلك لأنهم يريدون أن تحتفظ المحمصة بنكهة المدرسة القديمة على حد تعبيره، وأضاف: “تفتقر تقنيات التحميص الحديثة إلى النكهة، نريد أن يتذوق الناس النكهة ذاتها التي تذوقوها قبل 50 عاماً “.

كان الإخوة وشركائهم في عجلة من أمرهم لإنجاز المشروع، استأجروا المباني، واستوردوا المعدات خلال شهور من وصولهم إلى المدينة، ليكتشفوا أن السلطات السويدية لم تنظر بعين العطف على حرق الديزل مع اللهب في مكان مغلق. استغرق الحصول على الرخصة ثمانية أشهر من الإحباط وتطلب أيضاً تركيب نظام تهوية عالي التكلفة.

وعن مشقات الإعداد لإطلاق المشروع جاء في التقرير أنه عندما ذهبوا إلى بنك ألمي الحكومي والذي يمول المهاجرين الراغبين في البدء بأعمال تجارية صغيرة، كما يقدم لهم النصح، أخبروهم بأفضلية التخلي عن فكرة المشروع بحجة “إن مشروعكم لن يعمل “، القول الذي تجاهله مأمون أبو ركبة وذهب مباشرة إلى ورشة العمل وبدأ بتنفيذ المشروع .

ما جعل أبو ركبة والإخوة الصباغ يحققون مشروعهم هو دعم عائلاتهم الناجحة في دمشق، فتمتلك عائلة الصباغ خمسة محامص، بينما يدير أبو ركبة شركة استيراد أجهزة طبية. الأمر ليس غريباً على السوريين في السويد، حيث أن “معظمهم أغنياء ومتعلمون بشكل أفضل من العراقيين الذين جاؤوا إلى السويد في أعقاب احتلال #العراق عام 2003”.

كما أن العائلة التي تدير مطعم ياسمين الشام الذي افتتح في منتصف شارع رئيسي في المدينة في شهر نيسان الماضي تمتلك أربعة مصانع للمناديل الورقية في مدينة حمص السورية. وكلّفهم تحويل الفرع القديم من بيتزا هت إلى نسخة حقيقية لبيت دمشقي مئات الآلاف من اليورو.

وأفصح أبو ركبة عن مشروع جديد لإطلاق محمصة في برلين، كما يفكر في إضافة القهوة العربية إلى خط الإنتاج.

“السوريون لا يرغبون البقاء في بيوتهم وانتظار ما سيحصل، لن يحصلوا على وظيفة ولا يريدون البقاء عبئاً على أحد.. إنما يريدون أن يكونوا جزءاً فاعلاً في المجتمع” يختتم الكاتب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.