بينما تتجه أنظار العالم لتلمّس معالم إدارة #ترامب في #سوريا، تظهر تقارير توضح اقتراح البنتاغون رفع مستوى التدخل في #سوريا وإرسال قوات برية إليها. وقد واجه باراك #أوباما اللوم لعدم بذله مزيداً من الجهود “حيث قارب عدد القتلى منذ بدء الانتفاضة في آذار 2011، والتي أدت إلى إشعال الحرب، الـ 500000 قتيل”.

لكن كيف ينظر التاريخ إلى سياسة أوباما في سوريا؟

في مقالة تحليلية للجهود التي بذلها باراك أوباما وتقييم المسؤولين والمحللين لها، كتب المحلل في السياسة الخارجية الأمريكية آدم جاليغير مقالاً تحليلياً نشرته صحيفة ذا هيل بتاريخ 21 شباط 2017 جاء فيه: “على خلاف العديد من الحالات، وخلال فترة رئاسته، تحدى أوباما قواعد اللعبة التي تمارسها #واشنطن عندما تعلق الأمر بسوريا، وحافظ على الولايات المتحدة من الغوص في صراع آخر في الشرق الأوسط تجنباً للعواقب غير المقصودة”.

انتقد أوباما العام الماضي ما سماه قواعد اللعبة التي تمارسها مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن والتي وصفت ردود الفعل بأنها تميل إلى أن تكون عسكرية، وقد اعتمد في موقفه على مجموعة بارزة من مستشاريه في السياسة الخارجية والذين شاركوه نفس الميول طوال فترة رئاسته من ضمنهم هيلاري #كلينتون ومستشارة الأمن القومي سوزان رايس وسفير أمريكا لدى الأمم المتحدة #سامانثا_باور.

وبحسب الكاتب، قاد كل من كلينتون ورايس وباور الضغط للتدخل في #ليبيا عام 2011، وكانوا الأبرز في الدعوة من أجل مشاركة أكبر للولايات المتحدة في سوريا. لكن الضغط من أجل زيادة دعم الولايات المتحدة للثوار السوريين لم يمارس فقط من داخل الإدارة الأمريكية، إنما معظم مؤسسات السياسة الخارجية في واشنطن (سواء الديمقراطيين أو الجمهوريين ) طالبوا بجهود أكبر في سوريا.

دعا أوباما الرئيس السوري #بشار_الأسد إلى التنحي عام 2011، وما إن تزايدت وتيرة “الحرب الأهلية” تعقيداً ودموية حتى تزايدت دعواته إلى التدخل بشكل ملحوظ. ومع ذلك، وجد الكثير من المنتقدين أن قدرة الولايات المتحدة على تشكيل الأحداث في سوريا مبالغ بها. وبحسب جوش لانديز، أحد المحللين السابقين في الشأن السوري لدى الولايات المتحدة: “لا توجد وسيلة تثبت أن الولايات المتحدة كانت سوف تحل المشكلة السورية بأي شكل من الأشكال البنّاءة، ومن منعنا من التورط في ذلك هو أوباما، فهو نعمه للولايات”.

وبعد ضغوط كبيرة، رضخ أوباما بعض الشيء، وطلب من الكونغرس عام 2014 تمويل وتجهيز ما يقارب 15000 من الثوار في #الأردن، البرنامج الذي فشل بشكل ذريع، واضطرت الولايات المتحدة على الاعتراف بأن أربعة أو خمسة فقط من المجندين في البرنامج عادوا للقتال في سوريا.

الفشل في بناء قوة ثائرة ذات مصداقية في سوريا ليس أمراً غريباً، فنادراً ما تنجح جهود الولايات المتحدة في تسليح المجموعات الثائرة، وغالباً تعود عليها بالفشل، بحسب الكاتب.

وباعتماده على عدة تقارير لوكالة المخابرات المركزية بدءاً من 2012، فإن المحاولات السابقة للوكالة لتسليح الثوار كان لها تأثير صغير، لا سيما مع غياب الدعم الأمريكي المباشر على الأرض. حيث كان أوباما يشكك دوماً بقدرة الثوار على تشكيل قوة قتالية فعالة معتبراً المعارضة المعتدلة تتكون من الأطباء والصيادلة والمزارعين السابقين فكيف لهم مواجهة دولة مسلحة تسليحاً جيداً بدعم من #روسيا و #إيران و #حزب_الله.

يرى الكاتب أن من أيّدوا فكرة تقديم مزيد من الدعم للثوار السوريين فُتنوا بمفهوم “الثوار المعتدلين”. لكن المشكلة تكمن في أن مثل هذه المجموعة لم تكن فعالة أبداً. فرد الفعل العنيف لنظام الأسد نحو الاحتجاجات السلمية في بداية الثورة ساهم في قمع الأصوات المعتدلة بسرعة.

وبحسب لانديز “فشل أمريكا لم يكن بسبب عدم محاولتها، إنما بسبب عدم شعبية المعتدلين وقلة كفاءتهم “، عموماً، يرى لانديز أن المجموعات المتطرفة تفوقت في سوريا لأن كفاءتها القتالية كانت أفضل كما أنهم يتمتعون برؤية إستراتيجية أفضل من غيرهم.

بالرغم من أن الرئيس شجب بقوة إفساد الولايات المتحدة للمصداقية بعدم إتباعها تعليمات “الخط الأحمر” بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية، فإن لاتفاقية أمريكا وروسيا عام 2013 لتدمير ترسانة سوريا للأسلحة الكيميائية أهمية كبرى بشأن استقرار المنطقة على المدى الطويل. تعليمات “الخط الأحمر” لم تكن إعلاناً سياسياً، والاتفاق كان يتطابق تماماً مع تأكيد أوباما عدم بقاء الأسد إذا ما استخدم النظام السلاح الكيماوي.

بينما جاءت مهمة تخليص سوريا من جميع الأسلحة الكيميائية مختصرة وفي فترة وجيزة، إلا أنها خففت ترسانة النظام بشكل ملحوظ. ويفترض الكاتب أنه بدلاً من التوصل إلى اتفاق مع روسيا، لو بدأت الولايات المتحدة محاولة جادة لإسقاط نظام الأسد لكانت ملأت الفراغ الذي شغلته الميليشيات المتطرفة، كالدولة الإسلامية التي تصاعدت وتيرة ظهورها عام 2013، ولكانت سيطرة الآن على ترسانة الأسلحة الكيميائية مما يزيد من تهديدها للشرق الأوسط بأكمله.

ويرى الكاتب أن “أوباما فشل في اتخاذ قرار التدخل في ليبيا عام 2011 حيث كان بإمكانه الاستفادة من الدروس المستخلصة من حرب #العراق. فبالرغم من رحيل معمر #القذافي، إلا أن البلاد الآن في حالة أسوأ مما كانت عليه أثناء حكمه. ففي كافة أنحاء المنطقة _ باستثناء تونس _ تغييرات الأنظمة التي أثارتها صحوة الربيع العربي أدت إلى تجديد أو تعزيز الأنظمة الاستبدادية وظهور نزاعات وحشية وغياب للمعايير الأخلاقية والإنسانية. في ظل هذه النتائج لماذا سوريا كانت ستصبح مختلفة؟ لو أسقطت الولايات المتحدة نظام الأسد.. من كان سيملئ الفراغ؟ فالمعارضة السورية كانت ضعيفة ومنقسمة بشكل ميئوس حتى قبل الحرب الأهلية، وما كان من الصراعات التي أعقبت ذلك إلا تعميق هذه الانقسامات”.

تخفق مؤسسة واشنطن للسياسة الخارجية باستمرار في تعلم درس مهم ألا وهو: “إن للقوة الأمريكية حدود، ولا يؤدي الانخراط الأمريكي بالضرورة إلى النتائج المرجوة. إنها القاعدة المفقودة لدى هؤلاء الذين يدعون باستمرار لمشاركة الجيش الأمريكي في حل جميع مشاكل العالم”.

ويؤكد الكاتب أن “الحرب الأهلية السورية مأساة مطلقة. كان على إدارة أوباما بذل الكثير من الجهود لمعالجة أزمة اللاجئين التي تعيث فساداً في أنحاء مختلفة من الشرق الأوسط وأوربا. إغراءات التدخل الإنسانية في حالات مثل الحرب الأهلية السورية مفهومة، ولكن في مثل هذه الحالات الشائكة يحاول الزعماء تجنب الخوض بعمق لضمان عدم زيادة اشتعال المنطقة. لحسن الحظ، كان الرئيس أوباما قادراً على فعل ذلك وحفظ الولايات المتحدة من التورط في سوريا”.

الآن، ومع وعود الرئيس ترامب التعاون مع روسيا لمحاربة الدولة الإسلامية، يرى الكاتب أن “كل ما بالإمكان هو فقط التمني ألا تورّط أمريكا نفسها في المستنقع السوري أثناء تقدمها في هذا الشأن”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.