2 كيلو لحمة بربع راتب موظف.. وغذاء الأسرة المتوسطة بـ 100 ألف ليرة شهرياً

2 كيلو لحمة بربع راتب موظف.. وغذاء الأسرة المتوسطة بـ 100 ألف ليرة شهرياً

حسام صالح

لم تعتد رهام (ربة منزل) على صنع طبخاتها اليومية بدون وجود العديد من المقادير التي تعتبر أساسية، واليوم “أطبخ البامية والكوسا محشي وحتى الكبة بدون لحمة، فكيلو اللحمة يتراوح بين 4 و 5 آلاف ليرة، وبهذا المبلغ يمكن أن أشتري 5 كيلو رز و 5 كيلو سكر، وأطعم عائلتي المكونة من 5 أفراد لمدة أسبوع بدلاً من صرفها على أكلة واحدة”.

السوريون اليوم باتوا يبحثون بشكل دائم عن بدائل وخيارات أوفر وأرخص، لخفض نفقاتهم المعيشية المتراجعة أصلاً، مع ارتفاع سعر الدولار وانخفاض قيمة الليرة، وارتفاع أسعار غالبية المواد الأساسية أضعافاً مضاعفة، في ظل بقاء الدخل ثابتاً عند حد أعظمي هو 40 ألف ليرة، في حين أشارت دراسات حديثة أن متوسط دخل الأسرة العادي في #سوريا يجب أن يكون بين 150 و 175 ألف ليرة سورية (مركز مداد للدراسات).

كيلو اللحمة بـ5 آلاف ليرة

لو ألقينا نظرة سريعة على اللافتات المنتشرة في الأسواق الشعبية في العاصمة دمشق، لوجدنا أنها عبارة عن بورصة ولكنها ترتفع ولا تنخفض، فكيلو لحمة الخروف المسوفة بـ 5300 ليرة، والهبرة بين 5800 و 6000.

ولو حاولنا إيجاد بديل عن لحم الخروف لوجدنا لحم العجل، حيث كيلو الهبرة منه بـ 3500 ليرة وللشرحات بـ 3800 ليرة، وعلى اعتبار أن هذه الأسعار مرتفعة، انتشرت ظاهرة بيع لحم الجاموس المجمد، حيث يصل سعر الكيلو المسوف منه الى 2000 ليرة، وسعر كيلو الهبرة فخذ 2500 ليرة، أما كيلو الشرحات والشقف فيصل إلى 3000 ليرة.

العديد من الأسر السورية عزفت عن شراء اللحوم الحمراء بأنواعها المختلفة، نتيجة ارتفاع أسعارها، فلجأت إلى اللحوم البيضاء، والتي بدورها تشهد ارتفاعاً مستمراً، فأصبح كيلو الفروج الكامل بين 1100 و 1300 ليرة، وكيلو الشرحات بـ2000 ليرة.

تكاليف الطبخات

“من النادر أن تجد عائلات تحضّر طبخات دسمة، كالكبة والشاكرية والملوخية اللحم والمشاوي، فأكلة الكبة في حال أردنا صنعها، أقل تكلفة لها لأسرة مكونة من 5 أشخاص ستكون حوالي 15 ألف ليرة، أي نصف راتب موظف”، بهذه الكلمات عبرت أم فراس (ربة منزل في دمشق) عن وضعها الحالي.

وأضافت “أكلة الشاكرية أيضاً أصبحت تكلف بين 7 و 8 آلاف ليرة، فهي تحتاج إلى لحم وأقل كيلو يصلح لها سعره 4 آلاف ليرة، وكيلو اللبن 250 ليرة، وتحتاج أرز والكيلو بـ550 ليرة”، مشيرة إلى أنه “تم الاستغناء عن عنصر اللحوم الحمراء في الطبخات لخفض تكلفة الطبخة الواحدة، والاعتماد على بدائل كلحوم الدجاج”.

على الجانب الآخر، يقول عصام (موظف في وزارة النقل) “حتى لحم الدجاج أصبح مرتفع، والكيلو منه بـ 1200 ليرة وسطياً، وأي طبخة تحتاج إلى 2 كيلو دجاج وبالتالي دفع 2400 ليرة فقط كثمن لحوم ناهيك عن مكونات الطبخة الأخرى، فأكلة الكبسة مثلاً لعائلة مكونة من 5 أشخاص تحتاج إلى فروج وزن 3 كيلو وكيلو ونصف ورز وسلطة أو لبن”.

وتابع “لو فصلنا سعر كل مادة على حدى فإن 3 كيلو فروج سعرهم 3600 ليرة، وكيلو ونصف أرز 800 ليرة وكيلو لبن 250 ليرة، فإجمالي تكلفتها 4650 ليرة، وبالتالي فهو مبلغ ليس بالقليل، ومن الممكن أن نقوم بعمل نصف الكمية ومرة واحدة شهرياً”.

أكلات دراويش والمقالي بـ 1200 ليرة

لم يفقد السوريين الأمل في إيجاد بدائلهم من الطعام، فحاولوا التأقلم مع ظروفهم الحالية ودخلهم المتدني المصنف بأنه تحت خط الفقر العالمي حيث لا يتجاوز 70 دولار شهرياً (37 ألف ليرة وفق سعر صرف 530)، فحاولوا إيجاد بدائل للأطباق المعروفة لديهم، فأصبحت أكلات كـ “المجدرة والمقالي والبطاطا، هي السائدة على الرغم من ارتفاع أسعار مكوناتها لكنها مقبولة نوعاً ما مقارنة بباقي الطبخات”.

في المقابل، هناك بعض البدائل للحصول على البروتينات الحيوانية يتبعها البعض، من الدجاج واللحوم الحمراء، كما هو حال ابو زياد (سائق تكسي) وأبـ لأربعة أطفال يقول “مع ارتفاع أسعار اللحوم بمختلف أنواعها، اتجهت لشراء رؤوس الدجاج أو الجناحات كونها أرخص، إذ يبلغ سعر الكيلو من رؤوس الدجاج بين 90 و 110 ليرات سورية، وفي حال رغبنا في تناول اللحوم الحمراء أشتري العظام وبعض المحال تعطيني إياها مجاناً”.

وتابع أبو زياد في حديثه لموقع الحل “اليوم أرخص طبخة تكلف بين 700 و 1000 ليرة سورية لعائلة بسيطة، فمثلاً أكلة (المقالي وبجانبها سلطة) تكلفتها بين 1000 و 1200 ليرة سورية”.

وفصل المصدر أسعار مكونات هذه الطبخة المتواضعة بقوله: “كيلو البندورة 175 ليرة، وكيلو الملفوف 90 ليرة، وكيلو البطاطا 275 ليرة والقرنبيط 125 ليرة، والباذنجان 280 ليرة، علماً أن هذه الأسعار في حدودها الدنيا، ومن الأسواق الكبيرة كسوق الهال، وسوق الشيخ محي الدين”.

واحد من كل 3 سوريين يعيشون في فقر مدقع

الدكتور “زياد .ع” مدرس في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، في تحليله للراهن الاقتصاد السوري يوضح لموقع الحل أنه “حالياً يوجد 7 ملايين سوري يعانون من انعدام #الأمن_الغذائي، ويكتفون بوجبة واحدة يومياً، وكما أكدت العديد من الدراسات أن 85% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، وواحد من كل ثلاثة سوريين يعيشون في فقر مدقع”.

وأضاف “من الناحية العلمية يحتاج الفرد يومياً بين ألفين و2400 سعرة حرارية بحسب التصنيف العالمي ليكون بالحد الطبيعي، وإذا ما تم توزيع هذه السعرات الحرارية على اللحوم والخبز والخضار والسكريات فإن تكلفتها حوالي 700 ليرة سورية للشخص الواحد (أي 21 ألف ليرة شهرياً)، وبذلك فإن أسرة مكونة من 5 أفراد، سيكون مصروفها الشهري على الغذاء فقط ( 105 آلاف ليرة سورية)، وهو أمر نادر الحدوث، في ظل متوسطات الأجور التي بقيت عند حد 40 ألف ليرة سورية”.

وأشار استاذ الاقتصاد أن “غالبية الأسرة تنازلت عن عاداتها الغذائية، كونها تحتاج للإنفاق على السلع الأخرى كالصحة والتعليم والنقل والاتصالات، فأصبح الاعتماد على وجبة واحدة يكون فيها الخبز عنصراً أساسياً لرخصه أولاً، وكونه يساعد على الشبع وعدم الشعور بالجوع ثانياً، كما أصبحت أكلات الرز والبرغل والفاصولياء هي السائدة أيضاً، والتي يتم شراؤها من مهربي معونات الأمم المتحدة، فيتراوح سعر الكيلو منها بين 120 و 170 ليرة سورية على الرغم من رداءتها، مع الاعتماد على أنواع خضار معينة بمواسمها لتكون رخيصة نوعاً ما، فالأسرة حالياً لا تستطيع أن تشتري مادة الكوسا بعد وصول سعر الكيلو منه إلى 900 ليرة”.

وختم المختص حديث بالتأكيد على أن “أنماط معيشة السوريين اختلفت كلياً وعاداتهم الغذائية كذلك، يتبعون اليوم سياسية التقنين في الغذاء ، والاعتماد على البدائل الرخيصة، فلم تعد النكهة أو الجودة من أولوياتهم”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.