حسام صالح

نظرياً عند متابعة تطور راتب الموظف السوري منذ عام 2010 حتى عام 2017 يلاحظ أن متوسط الرواتب السورية ارتفع من 10 آلاف ليرة سورية إلى حوالي 35 ألف، لكن إذا ما تم احتسابه على الدولار، نجد أن المواطن السوري كان يتقاضى حوالي 200 دولار شهرياً في عام 2010، وأصبح دخله الشهري مع بداية العام 2017 نحو 60 دولاراً فقط، بعدما ارتفع سعر صرف الدولار من 50 إلى 550 ليرة، وقابله موجة غير مسبوقة من ارتفاع تكاليف المعيشة والأسعار.. فكيف ينفق الموظف السوري راتبه؟ وماذا يمكن أن يشتري به؟.

الموظف الأكثر ظلماً في مستوى الدخل

يطلعنا الدكتور (ز.ع) وهو مدرس في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، في حديث لموقع #الحل_السوري على حال الموظف السوري فيقول: “يختلف الوضع المعيشي ومعدل الرواتب والأجور بين أصحاب المهن والموظفين، حيث يعتبر الموظفون الأكثر تضرراً جراء الحرب الدائرة في #سوريا، فأصحاب المهن رفعت أجورهم بصورة تتناسب مع الأسعار والتكاليف الحالية، في حين تبقى المعضلة عند الموظفين الذين كانت ولازالت رواتبهم لا تكفي في أحسن الأحوال لنصف الشهر”.

أستاذ الاقتصاد أشار إلى أن “الزيادات في الرواتب التي يدفعها النظام كل فترة تعتبر بسيطة جداً، ولا يمكن مجاراتها في زيادات الأسعار في السوق، إضافة إلى أنه ومع كل مرسوم في زيادة الرواتب يأتي ارتفاع في الأسعار بشكل غير مبرر”.

 30 ألف ليرة!

في محاولة لموقع الحل السوري لرصد الأسعار في السوق وفي حال رغب المواطن بشراء سلعة أو شيء ما بمرتبه الذي يبلغ وسطياً حوالي 30 ألف ليرة سورية، قمنا بجولة في السوق وتبين لنا التالي:

الأمر المفاجئ في رصد لوائح الأسعار في السوق، هو في البداية بسطات العقابية أو “العوجا”، حيث وصل سعر الكيلو حوالي 12 ألف ليرة سورية في منطقة الشعلان وسط العاصمة دمشق، وبالتالي فإن الموظف يستطيع أن يشتري براتبه حوالي 2.5 كليو عوجا، أو أن يتنظر لنهاية الموسم، فينخفض سعرها ليصل لنحو 2000 ليرة سورية.

انتقلنا من الشعلان إلى سوق باب سريجة، حيث سوق السلع والمواد الغذائية، فيستطيع الموظف شراء بمبلغ 30 ألف ليرة سورية مايلي:

 

اسم المادة الكمية بالكيلو السعر بالليرة السورية
فروج 2 3000 (الكيلو 1500)
لحمة 1 5000
رز مصري 5 2500 (الكيلو 500)
سكر 5 2300 (الكيلو 450)
زيت الزيتون 1 2000
زيت نباتي 2 1600 (الكيلو 800)
سمنة 1 2000
لبنة 1 800
جبنة الحلوم 1 1400
صحن البيض 2 1500
باذنجان 2 700
بطاطا 2 700
كوسا 1 950
بندورة 2 500
قهوة 1 2400
شاي 1 2500

 

نلاحظ من الجدول السابق قائمة بمجموعة من السلع التي يستطيع الموظف شراؤها براتبه المقدر بـ30 ألف ليرة سورية، وهي مواد لاتكفي في أحسن أحوالها لأسبوع واحد فقط للأسرة، وإذا ما تم حذف مادة اللحوم منها فتكفي لنصف شهر، دون حساب المصاريف الأخرى، كالمواصلات والفواتير وأمور الحياة الطبيعية.

سلع أساسية

بعيداً عن السلع الغذائية والتموينية، يحتاج المواطن السوري للعديد من المواد الأساسية في منزله سواء كانت مواد تدفئة أو تبريد أو سلع ضرورية في الحياة اليومية، أولى هذه المواد هي مواد التدفئة كـ”المازوت” الذي ارتفع سعره خلال سنوات الحرب من 8 ليرات إلى 180 ليرة سورية، بمعنى أن راتب الموظف يشتري نحو 166 ليتر مازوت بالسعر النظامي، وهي كمية لا تكفي سوى لشهرين على أبعد تقدير، وفي ظل ندرة المادة اليوم وصل سعر الليتر في السوق السوداء إلى 450 ليرة في حال توفرها، وإذ ذاك يشتري راتب الموظف منها  67 ليتراً فقط.

في الصيف وسائل التبريد أيضاً لها نصيب من ارتفاع الأسعار، حيث يستطيع الموظف شراء مروحة عامودية من نوع “ستاروي” بنحو 28 ألف ليرة، ومروحة سقفية من نوع “ستارمكس” بحدود 20 ألف ليرة، وفي حال رغب الموظف في شراء مكيف عادي (وزن 1 طن) فيحتاج إلى راتب 5 أشهر بعد أن وصل سعره لحوالي 150 ألف ليرة سورية (نوع صيني).

طقم رجالي بنصف راتب موظف

في جولة لموقع الحل السوري على سوق الألبسة في دمشق وتحديداً في شارع الحمرا ومنطقة الشعلان، وصل سعر بنطال الجينز لنحو 8 آلاف ليرة والجاكيت 15 ألف ليرة والحذاء الرجالي 6 آلاف ليرة، والكنزة 5 آلاف ليرة، أي تقريباً أكثر من راتب موظف.

وفي حال رغب الموظف بشراء بدلة رسمية فإن أرخص بدلة سعرها هو نصف راتبه (15500 ليرة) ويرتفع السعر ليصل إلى 70 ألف ليرة.

السلع المعمّرة تحتاج لسنوات

أصبحت ما تسمى “السلع المعمرة” حلماً لكل مواطن سوري بعد الارتفاعات الخيالية في أسعارها، مؤخراً أصدرت شركة خلوف للسيارات عدداً من السيارات في سوريا من إنتاجها، حيث وصل سعر السيارة السياحية المتوسطة حوالي 9 ملايين ليرة سورية، في حين وصل سعر السيارة الجيب لـ 13 مليون ليرة، علماً أن الدفع يكون “كاش” ولامجال للتقسيط.

وفي حال رغب الموظف الحكومي بشراء هذه السيارة التي يبلغ سعرها 9 ملايين ليرة، على أساس متوسط راتبه الشهري 30 ألف ليرة فإنه يحتاج إلى 300 شهر أي حوالي 25 سنة.

لكنه في الوقت نفسه في حال رغب في شراء سيارة مستعمله يعود موديل صنعها إلى سنة 1976 (نوع أوبل سكونا – فولكس فاجن جولف) فإن سعرها يصل للمليون ليرة سورية، أي حوالي 33 شهر، أي أكثر من سنتين ونصف.

وفيما يخص المنازل، التي بدورها شهدت ارتفاعات كبيرة، فأقل شقة في ريف دمشق يصل لنحو 6 ملايين ليرة ولا تتجاوز مساحتها 70 متر، وبذلك يحتاج الموظف لتوفير رواتب ما يقارب  200 شهر (16 سنة ونصف) لشراء تلك الشقة،  أما في حالة الإيجار فأرخص منطقة هي الكسوة وصحنايا ويصل سعر إيجار الشقة في تلك المنطقتين لـ 25 ألف ليرة كحد أدنى.

وتشير دراسات أجريت مؤخراً أن راتب الموظف السوري يجب أن يكون بحدود 180 ألف ليرة سورية شهرياً لكي يتمكن من العيش ضمن الظروف التي كان يعيشها قبل 2011، فاليوم لا يستطيع الموظف تأمين سوى 30% مما كان يعيش به من احتياجاته وسلعه وخدماته السابقة، بمعنى أن الحياة تضيق أكثر فأكثر والموظف يضغط إنفاقه بحدود 70% لأن القوة الشرائية للدخل انخفضت مقابل ثبات الدخل وارتفاع الأسعار .

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.