رأى سيمون كوتي في مقال له نشرته صحيفة الأطلسي أنه بالرغم من ادعاء الدولة الإسلامية مسؤوليتها عن هجمات #لندن، إلا أنها تنتهي كتنظيم وتحتفظ ببذور الإلهام.

ادعت الدولة الإسلامية مسؤوليتها عن الهجوم الذي أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص بالإضافة إلى منفذ الهجوم الذي “يُعتقد أنه تصرّف من تلقاء نفسه” بحسب رئيس الوزراء #تيريزا_ماي مضيفةً أنه استوحى فعله هذا من “الإرهاب الإسلامي”.

ووصفت من جانبها داعش منفذ العملية بـ “الجندي” في تقرير نشرته وكالة أنباء #أعماق باللغتين العربية والإنكليزية، حث يبدو أن “الخلافة حريصة على إظهار نشاطها  كما كانت دائماً.. على أية حال، تروي الحقائق قصصاً مختلفة” وفق ما ورد.

بالعودة إلى العام 2014، يرى الكاتب أن “الله كان إلى جانب داعش.. هذا ما ادعته داعش بشيء من المعقولية فسرعتها في الانتشار لم تكن عادية” حيث استولت على #الموصل في حزيران من العام ذاته، وفي غضون أشهر لاحقة استولت على أراضٍ في #سوريا و #العراق تقدر مساحتها بحجم مساحة #بريطانيا.

أبو محمد #العدناني ، الناطق باسم داعش، وفي بيانه التاريخي يوم 29 حزيران أعلن إعادة الخلافة كما أعلن أبو بكر #البغدادي خليفةً، وقال: “إنه أمل يخفق في قلب كل مجاهد وموحّد.. إنها الخلافة _ الالتزام بالتخلي عن العصر .. شمس الجهاد سطعت. أشرقت بشائر الخير. يلوح النصر في الأفق. إشارات النصر ظهرت.. عادت الخلافة الآن.. أصبح الحلم حقيقة”.

حذَّر العدناني أيضاً مقاتلي داعش من أنهم سوف يواجهون محناً كثيرة، وأن الشهور القليلة القادمة ستبرهن صحة كلامه. لكنه لم يكن مخطئاً بشأن “الانتصار”.

بدأت داعش تخسر حوالي 45 % من أراضيها في سوريا والعراق منذ آب 2014، حيث كانت في أوج قوتها، كما بدأت تفقد مصادرَ كبيرةً لتوليد ثروتها. فقد انخفضت الإيرادات السنوية لداعش إلى أكثر من النصف. كما انخفض في الوقت ذاته عدد المقاتلين المنضمين إلى صفوفها، ففي أواخر العام 2014 كانت الحدود التركية السورية تشهد عبور 2000 مقاتل شهرياً، بينما في الوقت الحاضر انخفض العدد إلى 50 مقاتل شهرياً. وقد قتلت الغارات الجوية للتحالف أكثر من عشرة آلاف مقاتل من داعش، بمن فيهم العدناني وشخصيات قيادية أخرى بارزة. وقد سيطرت القوات الحكومية العراقية على شرقي الموصل بشكل كامل.

يرى الكاتب أنه من السابق لأوانه نعي داعش، لكن يبدو من المحتمل أنها سوف تفقد قبضتها على الموصل وعاصمتها الرقة في نهاية هذا العام. بالرغم من أن معظم الجهود في هزيمتها سوف تعتمد على الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في الائتلاف.

 ماذا سوف يحصل لداعش _ ككيان مادي وفكري _ بمجرد إزالته من قواعده الإقليمية في العراق وسوريا؟

يجمع الخبراء على أن كيان داعش المادي سيتراجع إلى الصحراء، حيث سيعاد تجميعهم ثانية بشكل أو بآخر، تماماً كما فعلوا في العراق عام 2007. فنهاية داعش على المدى البعيد تعتمد بشكل حاسم على الحالة السياسية في العراق. فإذا لم تبذل أية جهود لتغيير موازين القوى بين السنة والشيعة، وإذا قُتل المدنيون السنة انتقاماً لأعمال داعش الوحشية، فإن احتمال عودة داعش مجدداً كبير. ذلك بحسب ما قاله حسّان حسّان لصحيفة نيويورك تايمز: “إذا لم تكن في العراق مجموعة سنية تملأ الفراغ الذي خلّفته الدولة الإسلامية، فإن داعش سوف تعود مجدداً من الصحراء “.

ويؤكد المقال أنه بعودة داعش إلى الصحراء سوف يصعّب على التنظيم شن هجمات واسعة النطاق على أهداف غربية، بالرغم من أن ذلك سوف يكثف الرغبة في شن مثل تلك الهجمات كوسيلة للإشارة إلى أهمية واستمرارية المجتمع الجهادي. وبالرغم من أن المقاتلين الأجانب الباقين على قيد الحياة قد يرغبون في العودة إلى بلدانهم لشن هجمات هناك، فإن حوادث الهجمات الموجهة عن بعد في الغرب قد تنخفض في الواقع، نظراً إلى تناقص مكافآت التنظيم لتصبح رمزية، وفق ما ورد.

من الصعوبات التي يواجهها تنظيم داعش في تجنيد مؤيديه والمحافظة عليهم هي فقدانه  السيطرة على الأرض، ذلك بحسب بروس هوفمان. وبحسب مارا ريفكن (عالمة سياسة) أفادت للنيويورك تايمز بأنه “لا يمكن للمجموعة أن تتعافى تماماً من أزمة المصداقية، نظراً إلى أن وضع داعش الذاتي باعتبارها المجموعة الجهادية الفاعلة الأبرز في العالم، والتي تقوم بشكل كامل تقريباً ببسط سيطرتها على الأراضي وقدرتها على الحكم”.

بحسب المقال، فقد أجمع العلماء أيضاً على أن دمار الخلافة لن يؤدي إلى نهاية الخلافة كفكر، إنما سوف تعيش في أذهان أعضاء داعش الباقين على قيد الحياة، كذلك سوف تتواجد كإيديولوجية حرة في الثقافة العالمية المعاصرة.

لا شك أن بعض مقاتلي داعش الأجانب سوف تنشأ لديهم أزمة روحية جراء هزيمة التنظيم الإقليمية، حيث سيشعرون بالسخط على التنظيم وخيبة أمل من إيديولوجيته، لكن بالنسبة لآخرين، خصوصاً هؤلاء المؤمنين الحقيقيين بفكر التنظيم، لن يشعروا بالسخط من المجموعة أو عقيدتها. بالنسبة لهم داعش سيبقى الصفقة الحقيقية التي تعبر عن فكرهم الحقيقي ونكساتها لن تكون إلا مؤقتة، حيث يؤمنون بالنصر في النهاية. هذا ما أوضحه العدناني في آخر تسجيل له في أيار 2016 حيث قال: “من يعتقد أننا نقاتل من أجل حماية بعض الأراضي أو السلطة، أو يعتقد أن النصر مرتبط بذلك، فهو بعيد كل البعد عن الحقيقة.. يا أمريكا.. هل تعتقدين أننا سنُهزم وستنتصرين إذا أخذتِ الموصل أو سرت أو الرقة؟ .. بالتأكيد لا! نحن نُهزم وأنت تنتصرين فقط إذا تمكنتِ من إزالة القرآن الكريم من قلوب المسلمين”.

أما بالنسبة للبعض الآخر، فإن الهزيمة الإقليمية للدولة قد تدفعهم للانشقاق عنها كتنظيم، وليس كوجهة نظر وفكر. ففي بحث أجراه جون هورغان عن الإرهابيين يرى أن الكثيرين يلجؤون إلى “فك الارتباط ” وليس “نزع التطرف”. فهم يبتعدون عن النشاط الإرهابي لكن لا يرافق ذلك تغيير في دعمهم الإيديولوجي للتنظيم .

وبحسب المقال، هناك بعض الأدلة التي تثبت أن العديد من أعضاء داعش السابقين انفصلوا عن التنظيم لكنهم ملتزمون بفكره. فالعديد منهم اجتمعوا في #تركيا وما يزالون يتميزون كجهاديين، يريدون تأسيس نوع من الحكم أساسه الشريعة، لكنهم تخلّوا عن التنظيم عندما فشل في إتباع قواعده الصارمة.

وبحسب باحث الإرهاب أمارناث أماراسينغام، الذي كتب عن مقاتلي داعش الأجانب المنشقين عنه ” في حين أنهم قد يتخلون عن ولائهم إلى مجموعة فدائية معينة، إلا أنهم يبقون ملتزمين بالقضية الأوسع للجهاد”.

ويرى كاتب المقال أن تلك الظاهرة مماثلة لتاريخ المؤيدين الغربيين للشيوعية السوفييتية، فعلى الرغم من تخلي الكثيرين عن عضويتهم في الحزب الشيوعي واعترافهم بفشله، إلا أنهم لم يتخلوا عن التزامهم بمُثل الشيوعية.

ويرى أن التاريخ سوف يرفض داعش بالتأكيد، كما رفض التجربة الطوباوية للشيوعية السوفيتية بشكل حاسم. لكن فكر الخلافة سيبقى على الرغم من ارتباطه بداعش. “فكما قال الشيوعيون غير النادمين عن رؤيتهم الطوباوية للمجتمع اللاطبقي، يمكن لمؤيدي الخلافة اليوم أن يقولوا: الخلافة لم تفشل أبداً، لكنها لم تبدأ بعد”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.