نبيل محمد

 

الأم: تميم.. تميم.. حان وقت الاستيقاظ.. إنها السابعة صباحاً.. من الأفضل ألا تتأخر عن باص المدرسة

تميم: لا يجب على الأطفال الذهاب إلى المدرسة في عيد ميلادهم

الأم: الأبطال فقط يفعلون ذلك..لذلك هيا.. انهض.. لقد أعددت لك سندويشة الزعتر

تميم: أوه كيف حصلنا على الخبز اليوم؟

الأم: نعم حصلنا لقد فتح المخبز البارحة بطريقة أو بأخرى .. هيا ..حقيبتك بالقرب من الباب

تميم: أين هي؟

الأم: هيا إنها هنا..

تميم: أوووه حذاء رياضة جديد.. وأخيراً.. منذ السنة الماضية وأنا أنتظر أن أحصل على هذا الحذاء

(قبلة)

الأم: عيد ميلاد سعيد

تميم: الحافلة قادمة .. وداعاً

(الصورة الأخيرة.. محفظة تميم وحذاؤه الرياضي الجديد وسندويشة الزعتر ملطخة بدمائه وبقايا جسده الممزق)

 

حسناً.. يكفي هذا السيناريو بالفعل لصناعة فيلم قصير جداً يُختَتم مشهدُه الوحيد (وجه الأم) بنداء لإيقاف القصف على #سوريا.. بالتأكيد وهل من واقع سينمائي قصير كان أم طويل بحاجة إلى أكثر من ذلك؟؟ وجه أمٍّ ينضح بالفاجعة من مسامه.. وأشياء طفل صغير ملطخة بدمه، قد تجد في محفظته بقايا كبده، وفي حذائه الرياضي الجديد ثلاثة أصابع لم تتطاير بفعل القصف الذي استهدفه وهو يمارس جريمة ركوب باص المدرسة.. بعد ثلاثة جرائم بالتتالي هي: الحصول على سندويشة زعتر، الحصول على بوط رياضة جديد، وقبلة الأم قبل الذهاب إلى الباص.. الذي سيستهدفه برميل #الأسد أو طيران تحالفات لم تعد تعي تماماً في أي جغرافيا تقصف.

زعتر فيلم سوري يقلُّ طوله عن دقيقتين تكفيان بكل ما أوتي من حقيقة، لقول كل ما يمكن أن يقال في المأساة السورية.. فتلك الدقيقتان عادة ما تكفيان لتكوين أي مشهد سوري تعركه ساعة الموت السريعة – سريع جداً هو الموت في بلادنا الممتدة بين المقابر – فهل يحتاج البرميل بين الطائرة والهدف على الأرض أكثر من دقيقتين لصناعة مشهد موت لا يمكن لكاميرا أو عقل طبيعي كوَّنه الخالق استيعابه.. وكذلك القذيفة والرصاص الطائش والواعي، والصواريخ الارتجاجية وتلك التي لا ترتج، واللغم، والسكين على الرقاب، حتى نهر الفرات إن فاض فهي دقائق ويغمر فيها ما شاء من منتظري الغرق.. ربما تطول الدقائق على المعذبين في السجون فقط.. إنما سينما الموت هذه سريعة للغاية، لا تشبه أبداً موت جداتنا على فراش أبيض، ولا تشبه حوادث السير التي كانت تحتل عدة أيام بل وأسابيع من أحاديثنا اليومية وذاكرتنا.. كانت موتاً ممتداً يأخذ مساحته الكافية من حياتنا وذاكرتنا… ليس سريعاً كما هي أشلاء تميم فوق سندويشة الزعتر.

 

فيلم #زعتر

إخراج: يمان عنتابلي

بطولة: هلا صياصنة
يوسف بكر

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.