أركيلة هاون وأخرى مموهة.. محاولات يائسة لتنشيط صناعة في طريقها للانقراض

أركيلة هاون وأخرى مموهة.. محاولات يائسة لتنشيط صناعة في طريقها للانقراض

محمد عوض

ينعكس المشهد الحربي السوري في كل تفاصيل وقائع حياة السوريين اليوم، فيتجه بعضهم أحياناً لتوظيفها بشكل طريف أو تجاري لينسى ما يعيشه أو يحقق كسباً ما، ويحاول إسعاد نفسه من جهة، والترويج لأشياء يمكن أن تعود عليه بالنفع المادي من جهة أخرى.

وآخر هذه الانعكاسات كانت في النارجيلة (الأركيلة)، التي يكاد لا يخلو بيت من وجودها، ولا يجلس شاب في مقهى إلا ويطلبها.

محاولة لكسر التقليد

ابتكر صنّاع الأركيلة أشكالاً جديدةً في محاولة منهم لكسر النمطية في صنع الأركيلة، فكانت المعارك خير ملهم لهم، وفقاً لأبو أحمد: “الأركيلة هي دخان وحريق، وحياتنا صارت مكونة من الهاون والدخان والحريق، لهيك طلع هاد الموديل” مشيراً إلى اركيلة على شكل هاون، إضافة إلى أشكال أخرى مثل “الصاروخ” و”أر بي جي”.

جولة

خلال جولة في مناطق بيع الأركيلة والتي تنتشر في سوق الحميدية وباب الجابية والسويقة، أوضح أحد أصحاب المحال التي تبيع هذا النوع من النارجيلة أن ظهور هذا النوع جاء “لتنشيط حركة المبيعات في السوق، بعد ارتفاع ثمن الأركيلة من ألف ليرة لأكثر من 10 آلاف ليرة حسب النوع والجودة، وسط الإقبال القليل على الشراء”.

وأضاف أن معظم الورش التي كانت تعمل في صناعة الأراكيل، توقفت عن العمل بسبب الأوضاع الحالية، وقلة البيع وارتفاع ثمن المواد الأولية.

وأشار المصدر إلى أن هناك إقبالاً ما على الأركيلة ذات النوعية “الخفيفة والرخصية” من قبل أصحاب المقاهي والمطاعم، ولاسيما في الفترة الأخيرة بعد “ازدياد افتتاح المقاهي الشعبية والتي تعد الأركيلة فيها شيءً أساسياً، ولكن هذا النوع نسبة الربح فيه قليلة، وكذلك فهو يباع بالجملة حبث هامش الربح يكون محدوداً”.

ما هي أركيلة الهاون؟

أبو سامي صاحب أحد الورش تحدث عن صناعة الأركيلة بشكل عام، وعن هذا الشكل الجديد قائلاً: “لصناعة الأركيلة طريقة متميزة وتحتاج لمهارة خاصة، وتختلف حسب نوعها، ويوجد منها الجيد وكذلك الرديء”.

وأضاف “هناك نوعان من الأراكيل، منها ما يسمى الجوزة والتي تستخدم في تدخين التنباك، والأخرى هو الشيشية والتي تسمى لدينا أركيلة”.

وعن الأشكال الجديدة للأركيلة ومنها “الهاون” بيّن أبو سامي أنها “لا تختلف بشيء عن الأركيلة العادية سوى في الشكل”، موضحاً “أن ظهورها في الأسواق جاء لتنشيط حركة البيع”.

بالمموه وبالعلم

لم يكن الهاون والأسلحة المستخدمة في الحرب الشيء الوحيد الذي دخل في تصميم الأركيلة في دمشق، وإنما الحياة العسكرية دخلت أيضاً من خلال ظهور الأركيلة ذات الألوان المموهة، وكذلك الأركيلة الملونة بألوان علم النظام السوري.

يقول صاحب أحد المحال في منطقة السويقة “إن أشكال الأركيلة الجديدة التي دخلت ولاسيما الهاون، تلقى روجاً، لكن معظم من يشتريها هو لغرض الزينة في البيت ومن ميسوري الحال”، مضيفاً أن ثمنها ليس بالرخيص حيث يصل البعض منها إلى 15 ألف ليرة سورية فأكثر.

وأوضح أنه بالنسبة للأراكيل ذات الألوان المموهة وكذلك أركيلة العلم، فإن الطلب عليها كبير وذلك لسعرها المنخفض، حيث يتراوح ثمنها بين 5 آلاف ليرة و7 آلاف ليرة دون “الزجاجة والنبريش” أي فقط “القصبة”.

المحال تغلق

معظم المحال التي كانت تبيع الأراكيل، بدأت تغيير مهنتها، حيث لوحظ أن أكثر من 50% من معارض الأراكيل تحولت لبيع “الأحذية بالجملة”، وهو ما يبرره أحد أصحاب المحال الذي كان يعمل سابقاً في بيع الأراكيل بأن “البضاعة صارت غالية”، مضيفاً أن السوريين يمرون بظروف مالية صعبة يفضلون فيها الأساسيات على الرفاهية، ما يسبب ركوداً في سوق الأراكيل.

اتحاد الحرفيين التابع للنظام وفي تعليق سابق له على الموضوع، أوضح أن صناعة الأركيلة هي أحد الصناعات النحاسية التي تشتهر بها دمشق، لكن سوء الأوضاع في سوريا، وارتفاع تكاليف الإنتاج والمواد الأولية خاصة “بعد غلاء النحاس بشكل كبير” وتوقف حركة التصدير، دفع معظم المحال والورش إلى تغيير حرفتها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.