منار حدّاد

صحيح أن الشاب السوري “أحمد نصري” المُنحدر من مدينة #درعا تمكّن أخيراً من الوصول إلى العاصمة اللبنانية #بيروت، بعد أن نجى بأعجوبة على الحدود السورية، بسبب أن تأجيله الدراسي (خدمة العلم) لم يبقى فيه سوى أيام، إلّا أن هذا الشاب وقع في ورطة في بلد المنفى الجديد ليست أقل شدّة من سابقتها.

يقول الشاب السوري البالغ من العمر 27 عاماً للحل السوري: “بعد عامٍ واحد من وصولي إلى بيروت، بدأت تفاصيل الملاحقة الأمنية في الداخل اللبناني تقتحم حياتي وتُذكّرني بأيام ملاحقتي لأداء الخدمة العسكرية في سوريا”، لافتاً إلى أن السبب هذه المرّة يتمثّل بأنه تخلّف عن تجديد الكفالة، فعادت الأمور أكثر سوءاً مما كانت عليه.

ما هي الكفالة؟

في مطلع عام 2015، فرضت السلطات اللبنانية تأشيرة دخول على السوريين إلى أراضيها، وطالبتهم بتقديم وثائق تبين سبب دخولهم إلى لبنان في حال كان مؤقّتاً، أو البحث عن مواطن لبناني يقوم بكفالتهم بشكل سنوي قابل للتجديد طالما هم موجودون في البلد محدود الموارد، والذي يستضيف مليون و70 ألف سوري وفقاً لإحصاءات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مطلع عام 2016، غير أن التوقعات تشير إلى أكبر من هذا الرقم، لوجود عدد كبير من السوريين غير المسجّلين في المفوضية.

تستمر معاناة هؤلاء السوريين، بينما أغلقت معظم الدول في العالم أبوابها بوجههم، ولم يبقى إلّا لبنان، الذي من الممكن للسوريين اللجوء إليه في حال تمكّن اللاجئ من الحصول على كفالة.

ووثّق موقع الحل السوري طريقة نظام الكفالة الذي يقوم على تأمين مواطن لبناني يقوم بكفالة السورين مقابل مبلغ يتراوح بين 200 – 400 دولار سنوياً، ويُضاف إليها 200 دولار رسوم وأوراق تُدفع لـ “الأمن العام اللبناني” ليصبح المبلغ حوالي 500 دولار كحدٍ وسطي، هذا المبلغ لا يُعتبر تأمينه سهلاً بالنسبة للكثير من السوريين الذين يقتاتون على المساعدات والأجور البخسة في أعمالهم.

عوائق اقتصادية واحتيال

لم تتمكّن فاطمة وجميع أفراد عائلتها من تجديد الكفالة، لأن الأمر سوف يكلّف أكثر من 2500 دولار أمريكي، تقول المرأة السورية التي تقيم في طرابلس شمال لبنان للحل: “رفع الكفيل المبلغ الذي كان يطلبه من 200 إلى 250 دولار أمريكي” مشيرةً إلى أن عائلة لبنانية تقوم بكفالة عائلتها على أن يكفل كل فرد لبناني فرداً سورياً مقابل المبلغ”.

وأضافت فاطمة “يعمل زوجي في مصنعٍ للبلاستيك، واضطررت لأرسال أولادي للعمل أيضاً في مقهى لنتمكّن من تحصيل لقمة العيش”، لافتةً إلى أنه من الصعب جداً دفع هذا المبلغ.

وتابعت “نعلم جيداً أننا سنصبح عرضة للإيقاف والاستدعاء والاعتقال من قِبل الأمن العام لأننا خالفنا نظام الكفالة، ولكن هذا واقعنا وليس بإمكاننا أن ندفع” مشيرةً إلى أن السوريين الذين انتهت كفالتهم يتعرضون “للاحتجاز والضرب والإهانة بمراكز الأمن العام”.

لا يختلف الأمر كثيراً عند جهاد وزوجته المقيمين في بيروت، حيث يقول جهاد : “قٌمنا بتجديد الكفالة، ودفعنا المبلغ لمواطن لبناني ليقوم بكفالتنا، ولكنه أخذ المبلغ ولم يعد يرد على اتصالاتنا، ثم أخبرنا أنه أخذ المبلغ ولا يريد أن يكفل أحداً”، ويوضح أنه بالتأكيد لم يتوجه إلى أي قسم شرطة لأنهم سيقومون باعتقاله فوراً إذا علموا أنه لا يحمل كفالة بتاريخ جديد.

ويشرح جهاد أن الكثير من أصدقائه السوريين تعرّضوا للنصب من قبل مدعي كفالة بالطريقة ذاتها، ولم يتمكّنوا من تحريك ساكن.

المفوضية تساعد ولكن بشرط!

سبعة لاجئين سوريين في لبنان من ضمنهم جهاد التقاهم موقع الحل أكّدوا أنهم لجؤوا إلى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لإيجاد حلٍ لهذه المشكلة، فكان الرد أن المفوضية جاهزة لمساعدتهم في حال قدّموا تعهّداً بعدم العمل على الأراضي اللبنانية كونهم لاجئين تابعين للمفوضية.

يقول مُعاذ الحلبي، وهو لاجئ من ريف دمشق: “كيف سأبقى في لبنان من دون عمل؟ وكيف سأتمكّن من تأمين قوتي وقوت عائلتي؟”، ثم يشير مستهزئاً: “هذه ليست #سوريا فاليوم الذي لا تعمل فيه لن تأكل وستنام جائعاً” وفق تعبيره.

ومن خلال مصادر مطلعة على سير عمل المفوضية، فإن الأخيرة تتدخّل لكنها تعتبر أنه لا حق للاجئ في العمل لأنه لا يملك أي وثائق أو ثبوتيات تمكّنه من العمل بشكلٍ قانوني، لذلك تُلزمه بعدم العمل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.