فتحي أبو سهيل

فقد الكثير من السوريين مصدر رزقهم خلال سنوات الحرب، في حين فقد آخرون كل مدخراتهم وممتلكاتهم  ورؤوس أموالهم، ما دفعهم للبحث عن حلول بديلة تعود عليهم بما يسد الرمق، ومن هذه الحلول ما انتعش مؤخراً وغالباً بين النساء، وهو الأسواق الافتراضية على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي.

On line

بعد أن فشلت عبير وهي طالبة أدب انكليزي في #جامعة_دمشق، بالحصول على فرصة عمل جيد، فقدت والدها، وهاجر أخوتها خارج البلد، ثم قررت وضع خطة للبدء بمشروع لا يتعدى رأس ماله الـ 10 آلاف #ليرة_سورية وخط إنترنت كبداية، وكان مشروعها هو الرسم على الفناجين، حيث قالت لموقع الحل السوري إنها لا تتقن سوى الرسم والتلوين، فحاولت البدء بمشروع صغير يعتمد بالدرجة الأولى على صفحة خاصة في فيسبوك، للترويج للمنتجات وبيعها عبر الإنترنت من خلال التواصل مع الزبائن أون لاين”.

عبير لا تملك رأس مال يتيح لها افتتاح محل تخصصه لذلك، لكنها قادرة على توصيل التوصيات إلى طالبيها ضمن مدينة #دمشق شرط أن تضاف التكاليف إلى الفاتورة.

أم هيثم وهي ربة منزل لديها خمسة أبناء لزوج متوفٍّ بدأت بمشروعها الذي كان صغيراً وكبر خلال ثلاث سنوات، ليصبح مصدر رزقها الأساسي.

تقوم أم هيثم بتبضع الأحذية والملابس والحقائب النسائية من شارع الثورة والحميدية وبعض الورش الصغيرة بأسعار رخيصة، وتقوم بالترويج لها بالصور والشرح عبر مجموعات نسائية على #فيسبوك، مع خدمة توصيل ضمن دمشق، مستغلةً عدم قدرة الكثيرات من النساء على التسوق ضمن هذه الظروف الأمنية والازدحام الحاصل من الحواجز وعدم توفر وسائل النقل، وسوء الحال الاقتصادي للشريحة الأوسع من المواطنين.

مطابخ

لا يقتصر موضوع أسواق المشاريع الصغيرة الافتراضية على الملابس  والمنتوجات اليدوية، حيث افتتحت إحدى النساء مطبخ منزلها في جرمانا كمقر لكسب رزقها، فتروج لطبخاتها بالصور عبر فيسبوك وتستقبل الطلبات عبر صفحتها الخاصة، ولديها أيضاً خدمة التوصيل إلى المنازل والمكاتب.

مشروع المطبخ بدأ بأم عمار وحدها، واعتمد بداية على الترويج ضمن التعليقات في الصفحات الكبيرة على فيسبوك، إضافة إلى المجموعات المعروفة، ليتحول مطبخ أم عمار لاحقاً إلى مصدر رزق لخمسة نساء لهن صفحة خاصة على فيسبوك، فيما يعمل رجل متعاقد معهن بتوصيل الطلبات.

تتكاثر الأسواق الافتراضية على فيسبوك، ويزداد اعتماد السوريين عليها بشكل كبير اليوم لشراء حاجياتهم تلافياً للمخاطرة بالتجوال ضمن الأسواق وتوفير العناء، فهناك مجموعات كبيرة جداً لبيع وشراء السيارات، والحيوانات الأليفة، والأدوات المستعملة، وغيرها من السلع.

دون رأس مال

بعض الأشخاص ومن دون أي رأس مال، استطاعوا العمل ضمن هذه الأسواق الافتراضية وكسب مردود مالي جيد، وذلك بمجرد الاطلاع على إعلانات المنتجات الواردة ضمنها والترويج لها بمحيطهم، والحصول على نسبة معينة عند البيع، أو العكس، حيث يقوم البعض بالترويج لبضائع أناس آخرين ضمن مجموعات وصفحات معينة “كسماسرة” للحصول على نسبة عند بيعها.

ومن أساليب الكسب عبر الأسواق الإلكترونية الافتراضية، مجرد انشاء صفحة خاصة ببيع وشراء منتجات، أو خدمات معينة ومن ثم الترويج للصفحة حتى تصبح ذات صيت، وبعدها بيع “بوستات” خاصة للشركات والمنشآت  ذات الصلة، وقد افتتحت مؤخراً عدة صفحات من هذا النوع كـ “المطاعم السورية” و”أسعار كل شيء”، “أسواق سورية – عروض وأسعار”،  وما إلى ذلك.

ومن مجموعات البيع والشراء المشهورة والتي يتم الترويج ضمنها للسلع والمنتجات “سوق المستعمل الأول بدمشق، سوق الجسر الأبيض، سيارات للبيع في دمشق وريفها”، عدا عن الصفحات والمجموعات التي يتم انشاؤها باسم صاحب المشروع أو المنتج، ومجموعات النساء المغلقة التي يتم الترويج من خلالها أيضاً.

سلبيات

حتى أصحاب الشركات المعروفة والمحلات التجارية باتت تعتمد على هذه الأسواق للترويج لمنتجاتها بعد أن باتت الأسواق الحقيقية تشهد ركوداً كبيراً إثر تدني مستوى المعيشة لدى السوريين، وعزوف الكثيرين عن التسوق للأسباب الأمنية.

وفي المقابل يجد البعض أن لهذه الأسواق سلبيات كثيرة، كإفساح مجال أكبر للنصب والاحتيال لاستحالة وجود رقابة على عملية البيع، إضافة إلى ما رتبته الأوضاع الأمنية من عدم الثقة بين أي طرفين عند التعامل المالي، عدا عن عدم وجود ضامن للجودة قبل عملية البيع والشراء.

وقال بعض الذين لم يشجعوا فكرة الأسواق “الافتراضية” أنه في بعض الأحيان يتم عرض بضاعة مختلفة أو تحتوي على بعض العيوب دون ذكر ذلك في الإعلان.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.