محمد عوض

تتسع المأساة السورية يوماً بعد يوم، وتتعدد أسباب الوفاة من قصف وحصار وتشرد وغرق، كما تتعقد الأمراض وتتكاثف وتزداد آثارها وطأة على أجسادهم في ظل تردي الواقع الصحي وقلة الأدوية وارتفاع أثمانها، وتزداد نسبة الإصابة بالجلطات سواء كانت قلبية أو دماغية لتشمل فئات عمرية متعددة، حيث أخذ انتشارها يزداد لاسيما بين الشبان الذين تترواح أعمارهم بين 20 و40 عاماً.

الموت حزناً

تروي سليمة، قصة وفاة زوجها بجلطة قلبية قائلة: “خسر زوجي المحل الذي كنا نعتاش منه، وبيتنا في منطقة سيدي مقداد بريف #دمشق، وهنا أصيب بأول جلطة قلبية وحينها مرت بسلام”، مضيفةً “أصبح لدى زوجي البالغ من العمر 34 عاماً خوفاً من صوت الطائرات والقصف المكثف وكانت إحدى ليالي القصف المكثف وأصوات المدفعية كفيلة بجلطة أخرى أودت بحياته”.
لأم نوار قصة أخرى مع الجلطات، حيث تقول “توفيت ابنتي البالغة من العمر 26 عاماً بعد مداهمة منزلنا في منطقة الميدان بجلطة قلبية، حيث كان دخول عناصر الأمن بالسلاح إلى البيت والقبض على جارنا أمام عينها كفيلاً بأن تفارق الحياة من شدة الخوف بجلطة قلبية”.

وأظهرت دراسة نشرتها مجلة لانسيت الطبية أن متوسط العمر في سوريا انخفض من 75 إلى 69 سنة بين عامي 2010 و 2013، وبحسب الأمم المتحدة فإن متوسط العمر في سوريا تراجع 20 عاماً وذلك نتيجة للحرب، وانهيار البينة التحتية العامة للبلاد، وتفاقم الوضع جراء الانكماش الاقتصادي.

ما هي الجلطة؟

الطبيب ريمون صايغ وفي تصريح لموقع الحل السوري قال، “السبب وراء حدوث الجلطات هو انسداد الأوعية الدموية أو حدوث تخثر للدم فيها أو نتيجة لتراكم ترسبات من الدهون والكولسترول”، مضيفاً تعد الجلطة الدماغية من أكثر أسباب حدوث الوفيات حول العالم إلى جانب الأمراض القلبية والسرطانات وهي لا تصيب المتقدمين في العمر فقط، وإنما أيضاً الشباب وحتى الأطفال.

وبحسب الطبيب صايغ، “من الطبيعي أن يكون للحرب منعكسات على صحة الفرد حتى في المناطق التي يكون فيها تأثير الحرب قليل كالعاصمة دمشق، فالأشخاص في #سوريا الذين لا يعانون من القصف أو الحصار، يعانون من أزمات اقتصادية، وهو ما ينعكس إرهاقا فكرياً يؤثر على صحة الفرد”.

بدوره الطبيب خالد عوض، قال “ليس كل الجلطات تكون نتيجتها الوفاة بل يمكن أن يكون لها آثار أخرى كالشلل النصفي أو فقدان أحد الحواس”، مضيفاً “إن الجلطات الدماغية تعد من أخطر أنوع الجلطات”.

وبحسب الطبيب عوض، “الجلطات بين الشباب السوري لها أسبابها الأخرى مثل كثرة التدخن أو شرب الكحول هرباً من الواقع، الأمر الذي يؤدي إلى إصابة الأوعية الدموية وارتفاع الضغط، ما يؤدي إلى ضيق الشرايين ونقص التروية وتكون النتيجة الإصابة بالجلطة”.

بدوره تحدث الطبيب محمد عموري، عن نسبة معالجة الجلطة بالقول، “إن نسبة الشفاء منها تصل لـ90% في حال أسعف المريض بشكل سريع إلى المشفى”، مضيفاً “إن معدل الجلطات سواء القلبية أو الدماغية في سوريا كانت ضمن المعيار العالمي قبل الحرب، لكن بعدها ارتفعت بشكل كبير ولاسيما عند الذكور باعتبار أن طبيعتهم مهيأة للإصابة بالجلطات كالتدخين أو شرب الكحول وضغط العوامل النفسية كخسارة الأموال وغيرها من الأمور التي تؤدي إلى الجلطات”.

تصريحات رسمية

نقابة أطباء سوريا في حكومة النظام السوري وفي تصريح سابق لها، ذكرت أن الجلطات القلبية والدماغية تأتي في المرتبة الأولى لتحصل على نسبة 60% من بين الوفيات الطبيعية لتأتي بعدها الأمراض السرطانية بالمرتبة الثانية.

فيما قال رئيس الهيئة العامة للطب الشرعي في سوريا لدى النظام حسين نوفل، “إن نسبة الوفيات الطبيعية عبر الجلطات القلبية أو الدماغية ارتفعت إلى نحو 70% من مجمل الوفيات في سوريا بعدما كانت لا تتجاوز قبل الحرب 40%”، مضيفاً “إن إصابة الذكور أكثر من الإناث بسبب الحرب وخسارة عدد لا بأس به من المواطنين لعقاراتهم وأموالهم وهو ما أدى إلى نشوء عوامل الجلطات القلبية والدماغية.”

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة