منار حداد – الحل

على الرغم من سقوط آلاف القتلى من عناصر جيش النظام السوري، على مدى أكثر من ست سنوات خلال معاركهم ضد فصائل المعارضة في عدّة قرى وبلدات سورية، إلّا أن ما قابل به النظام السوري “تضحية مقاتليه لأجله” لم تكن إلا “بتحقير وإذلال  ذوي القتلى” وفق ما وصفت به ممارساته تجاههم، بدايةً بالتعويضات البخسة في قيمتها، مروراً بجعلهم يلهثون لأشهر بين مؤسّسةٍ وأخرى، وليس نهايةً عند التقديرات “الرمزية” التي قام بمنحهم إياها.

تشير الإحصاءات الدولية إلى أن أكثر من 500 ألف شخص قُتل في سوريا، بينما تُرفع التقديرات هذا الرقم إلى أكثر بكثير، وليس معروفاً حتى اليوم العدد الدقيق للقتلى العسكريين الذين سقطوا خلال معاركهم مع قوات النظام السوري على مدار سنوات الحرب، في حين تشير صحيفة “التلغراف” البريطانية إلى “مقتل ثلث العلويين القادرين على حمل السلاح” في إشارة منها إلى المقاتلين إلى جانب النظام والذين ينتمون إلى طائفته.

تعويضات بخسة

375 ألف ليرة سورية فقط (720 دولار)، هو تعويض القتيل في جيش النظام، وهو رقم بخس يجده أهالي القتلى غير متناسبٍ مع “تضحية ابنهم”،  فهذا المبلغ يعادل مصاريف عائلة متوسّطة لمدّة شهرين أو ثلاثة أشهر في أحسن الأحوال.

وبحسب مصادر “الحل السوري” فإن التعويضات بشكل عام تبدأ من 300 ألف ليرة للمقاتل وتنتهي بمليون ليرة ولا سيما إذا كان القتيل ضابطاً رفيع الرتبة.

دفعت أم فادي أكثر من 150 ألف ليرة لتحصل على تعويض قيمته 375 ألف ليرة، حيث قُتل ابنها خلال المعارك مع تنظيم الدولة الإسلامية #داعش في مدينة دير الزور وتنحدر المرأة من مدينة #حلب.

تقول للحل السوري: “أكثر من ثلاثة أشهر وأنا أقوم بالسفر المستمر بين دمشق وحلب ودفع مبالغ كبيرة ثمن الإقامة في الفنادق والتنقّل والمواصلات لأتمكّن من تحصيل مبلغٍ أنفقت نصفه في سبيل الحصول عليه”.

وتعبّر عن استيائها من الطريقة التي عُوملت فيها، مبيّنةً أن معظم من قابلتهم هناك كانوا في حالات مشابهة، خلال المضي في المعاملة، حيث عوملوا معاملة سيئة.

إذلال

لم يوفّر النظام مناسبةً إلّا واستغلّها على حساب ذوي قتلى عسكرييه، ففي أيار من عام 2016 الماضي بدأت “طفرة” ما بات يُعرف بـ “ساعة الحائط” وهي هدية رمزية شرع النظام إلى منحها لذوي قتلى جنوده، حيث انتشرت حينها على مواقع التواصل الاجتماعي صور تظهر ضباطاً للنظام في زيارة لأحد ذوي قتلى جيشه، حاملين ساعة حائط تم تقديمها لوالد أحد القتلى كتعويضٍ رمزي عن مقتل ابنه.

لاقت هذه الصور انتقاداتٍ كبيرة من المجتمع الذي يوصف بموالاته للنظام على حدّ الخصوص، كما عبّرت أرامل قتلى الجيش عن استيائهنّ مؤخّراً من اقتطاع أجزاء من التعويض المخصص لهنّ عن خسارة أزواجهن،

هذه الصور جاءت بعد صورٍ أخرى توضّح منح ذوي القتلى “رأسي غنم” تعويضاً عن مقتل ابنهم، ثم جاءت بعدها تعويضات أكثر استفزازاً مثل منح شخص واحد من عائلة كل قتيل عقداً وظيفياً لمدّة ثلاثة أشهر ثم إنهاء العقد وعدم تجديده، الأمر الذي دفع الكثيرين للمطالبة بعقدٍ كامل ما جعل مكتب محافظ #اللاذقية وشعبة الحزب يقفلون أبوابهم في وجه أهالي القتلى.

بعد فترة ظهر الإعلامي العامل مع قنوات النظام في حلب #شادي_حلوة وهو يلتقط صوراً خلال تسليم ذوي عدد من قتلى قوات النظام مبلغ 50 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل أقل من 100 دولار أمريكي.

وقال حلوة في تدوينة نشرها على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: “إن الهدف من نشر هذه التفاصيل هو الحرص على المصداقية وتوثيق كل الخطوات التي نقوم بها أمام المشككين، وإن توزيع المبالغ جاء لدعم أسر الشهداء من ريع الحفل الفني الذي أقيم في حلب برعاية برنامج هنا حلب، ومجموعة شركات قاطرجي العالمية”.

وأوضح أن الدفعة الأولى من المستفيدين من هذا العطاء بلغ عددهم 11 عائلة قتيل من محافظة حلب، حيث خصص مبلغ 50 ألف ليرة لكل أسرة قتيل، مؤكداً أن هناك دفعات أخرى.

متاهة الحصول على التعويض

حصل الحل السوري على الشروط العملية الروتينية التي يُلزم نظام بشار الأسد ذوي قتلاه بإجرائها للحصول على التعويض، وبحسب مصادر الحل فإن العملية تستغرق من الجهد والعمل ما يزيد عن ثلاثة أشهر.

وتتضمّن معاملة التعويض عدّة إجراءات يأتي على رأسها، طلب معنون الى اللّجنة الفرعية الثانية في المحافظة، إضافةً إلى شهادة الوفاة الأصلية “أن وجدت” أو نسخة ملونة مع صورة قيد وفاة أصلية، والقسام الشرعي للشهيد النسخة الأصلية، أو مصدقة.

ومن ضمن الأوراق أيضاً حجة وصاية إن كان للشهيد ورثة قاصرين، ونسخة مصدقة من الأوراق التحقيقية مصدقة من مركز الشرطة أو القاضي المختص، و نسخة ملونة من المستمسكات الرسمية للشهيد، ونسخة ملونة من المستمسكات الرسمية للورثة.

وتتطلّب المعاملة نسخة ملونة من المستمسكات الرسمية لمن ينوب عن الورثة قانوناً، و نسخة ملونة من الوكالة لمن ينوب عن الورثة مصدقة من الكاتب بالعدل، و تأييد من المجلس البلدي يحمل صورة طالب التعويض، وتعهد خطي من صاحب الحق الشخصي يؤكد أنه لم يستلم أي تعويض سابقاً، في عملية مرهقة للغاية تتطلّب الكثير من العمل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.