نشرت صحيفة الغارديان مقالاً لكاتب لم تصرح عن هويته بتاريخ 26 حزيران، كان الكاتب قد تعرض للاعتقال والتعذيب في سجون #الأسد وهو في الخامسة عشر من عمره ذلك في ظل الثورة. حيث تحدث عن بعضِ من معاناته والمشاهد اللاإنسانية التي شهدها خلال عشرة أشهر من الاعتقال فكتب:

قضيت عشرة أشهر كمعتقل في سجون #بشار_الأسد، لم أر أسرتي خلالها سوى في أحلامي. يتوقف الصراخ خلال الليل لساعة أو ساعتين أستطيع خلالها إغلاق عيني وتذكّر ما كانت عليه الإنسانية. أعود إلى حياتي الطبيعية فقط عندما أنام..

اليوم هو اليوم الدولي للأمم المتحدة لدعم ضحايا التعذيب. لسوء الحظ، ليس هناك تناقص في عدد ضحايا التعذيب في سوريا. لقد ألقي عشرات الآلاف منا في سجون الأسد وتعرّضنا للتعذيب بشكل لا يمكن لأجسادنا وعقولنا تحمل طاقته. يلقى الكثيرين حتفهم هناك، ويقضي من نجا من الموت حياته في تذكّر كيف يمكن للإنسانية أن تكون شريرة بهذا الشكل.

كان عمري فقط خمسة عشر عاماً عندما اعتُقلت وتعرضت لشهور من التعذيب النفسي والجسدي.

ويضيف: إنني محظوظ لأنني بقيت على قيد الحياة. عشت لحظات تمنيت فيها الموت، وبقدر سعادتي لأنني عدت إلى الحياة مرة أخرى، أشعر بالحزن والألم لمعرفة أن أكثر من 200000 سجين ما يزالون في المعتقل. أشعر بنقصِ في حريتي طالما أن إخواني وأخواتي السوريين يعانون خلف تلك الجدران العالية.. أنا رهين ذاكرتي.

حلب مدينتي، أجبرت على التخلي عنها عام 2013 في محاولة للهروب من القنابل والبراميل المتفجرة والحصار الذي تعرضت له المدينة من قبل الأسد وحلفائه. هربت مع أمي وأشقائي إلى #لبنان، كان عليّ ترك المدرسة بعمر الـ 14 والعمل في محاولة مني تحمل أعباء العائلة. وفي نهاية الـ 2014 أجبرنا على العودة إلى سوريا لأننا غير قادرين على تحمل مصاريف السكن المرتفعة في لبنان في ظل رخص اليد العاملة.

في طريقي إلى البيت، اعتقلت من قبل عناصر الأمن السياسي في دمشق بتهمة المشاركة في المظاهرات السلمية في بداية الثورة الشعبية السورية ضد الأسد.

عُرف هذا النظام بالظلم والاستبداد والفساد، ولكنه أيضاً يقف ضد الإنسانية. إنه نظام قادر على توقيف طفل بعمر الـ 15 ويخضعه لأشهر من التعذيب والجوع والصدمة النفسية، ليست قصتي بأي حال فريدة في سوريا.

وعن ظروف اعتقاله في السجون كتب: تم نقلي إلى مقر فرع الأمن بالقرب من دمشق عندما تم اعتقالي أول مرة، حيث تعرضت للتعذيب خلال جلسات التحقيق. بعد 58 يوماً من التعذيب لم يكن لدي خيار سوى التوقيع على اعترافات كتبها المحقق دون معرفتي لما فيها. لقد وضعت اسمي على جرائم لم أرتكبها مطلقاً والاعتراف على أشخاص لم يسبق لي أن قابلتهم. لقد أجبرت أيضاً للتوقيع على وثيقة اتهمت بها أخي أنه ثائر مسلح.

احتجزت في ذلك الفرع لأربعة أشهر ونصف، ثم انتقلت إلى إدارة الأمن السياسي في #الفيحاء في #دمشق حيث تعرضت لتعذيب أشد. تلقيت صدمات كهربائية على أجزاء حساسة من جسدي، علّقوني من السقف، وتعرضت للتعذيب بأساليب وحشية تعرف باسم بساط الريح والدولاب والسرير، حيث استمرت معاناتي تلك لمدة ثلاثة أشهر أخرى.

ثم انتقلت إلى سجن صيدنايا العسكري المعروف بمقبرة الأحياء والمسلخ البشري. قضيت هناك مدة شهر، يبدأ صباح المحتجزين هناك بالموت. يوقظنا الحراس قبل شروق الشمس بالصراخ بحقد واحتقار ليمزقوا أحلامنا الجميلة التي نأوي إليها وقت النوم بقولهم: “أنت، يا ابن الحرام، من لديه جثة ؟” يصرخون بنا بتلك العبارات لنقدم لهم جثث إخواننا الذين تركوا جحيمنا في الحياة .

نجونا بفضل القمامة التي كنا نأكل غذائنا منها، عانينا من الجوع الشديد حتى لم تعد أجسادنا تبدو بشرية، تعرضنا للجلد والضرب والصدمات الكهربائية والتجويع. رأينا أشخاص تم شنقهم بشكل جماعي. هناك قصص لسجناء أُجبروا على اغتصاب بعضهم البعض، أو تم اغتصابهم من قبل الحراس. وهناك قصص عن حراس أجبروا السجناء على قتل أصدقائهم أو أقربائهم من المعتقلين، أو عرضوهم للتعذيب والإعدام.. صيدنايا يمثل جهنم على الأرض.

ننتظر عقابنا كل يوم، نحن لا نعرف أي شيء، ولا نعرف متى سوف نُعذّب أو نُقتل.. صيدنايا ليس مكانا للتعذيب من أجل الحصول على معلومات، هو حيث تتعرض للتعذيب من أجل الموت.

بعد شهر من الجحيم هناك تم نقلي إلى مستشفى تشرين العسكري، لا تنخدع بكلمة “مستشفى”، فهي ليست مكاناً للرعاية والعلاج. لقد ضاهى التعذيب النفسي في المستشفى العسكري كل عذاباتي الجسدية خلال أشهر اعتقالي. مكثت هناك ليومين فقط، كانت فترة كافية لأشهد أسوأ معاناة إنسانية. لم أتناول أي غذاء خلال اليومين، تم وضعي في غرفة صغيرة مساحتها ثلاثة أمتار مربعة وقد تكومت الجثث فوق بعضها البعض، إحداها كانت متعفنة. كان في غرفتي أيضاً ثلاثة مصابين بالسل، وكان علينا حمل الجثث لنضعها جانباً في الغرفة.

شهدت العديد من عمليات الإعدام، وضع أحد الحراس قدمه على عنق المُعتقل لخنقه حتى الموت. وأعطي آخر حقنة هواء مسموم، رائحة الموت تحيط بك.

ويضيف: ثم عدت مجدداً إلى صيدنايا، حيث بقيت مدة شهر، وفي يوم من الأيام تعرضت للضرب المبرح لدرجة أنني أغميت، كل ذلك ببساطة لأنني حدث وولدت في شارع يقع تحت سيطرة المعارضة.

حصلت على حريتي في تشرين الأول 2015 بعد عشرة أشهر من الاعتقال. لكن ذهني لن يكون حراً، أنا حر ولكنني رهين صرخات تعذيب زملائي السجناء، وصلواتهم السرية، وأجسادهم الهزيلة وموتهم عندما لا يكونون قادرين على الحياة أكثر.

ويؤكد الكاتب أنه ليس الوحيد من عانى بهذا الشكل الوحشي فيقول: قصتي مثلها مثل قصص مئات الآلاف، لكنني أتساءل ماذا لو حدث هذا لك أو لأبيك أو لأخيك أو لأختك أو لأمك أو لطفلك أو لصديقك؟ هل كنت ستدعم القيادة المستمرة في #سوريا للشخص المسؤول عن هذا؟

هربت من السجون وهربت من حدود سوريا، لكن ليس لي مستقبل وليس هناك بوادر أمل. لقد دمر الأسد حياة مئات الآلاف من الناس وقطع سبيل رزقهم. لو كان لأطفالنا أو أطفال أطفالنا أية آمال في سوريا، فإن الأسد لا يمكنه البقاء. طالما هو في السلطة فإن قواته سوف تستمر في سحق روح أي أحدٍ يجرؤ على الرغبة في الحرية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.