الإحساس بالإلحاح من قبل قوات #التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من أجل السرعة في تحرير معاقل #داعش في #الموصل العراقية و #الرقة السورية جاء بتكلفة كبيرة من حيث الخسائر في صفوف المدنيين المحاصرين في كلتا المدينتين. عن هذا الموضوع نشرت صحيفة NBC NEWS تقريراً لكاتبه بيتر كاهل جاء فيه:

من المعروف عن داعش استخدامها المدنيين كدروع بشرية، كانت تطلق النار على المدنيين العراقيين الذين حاولوا الفرار، وفقاً لما ذكره مكتب #الأمم_المتحدة لحقوق الإنسان. كما أفاد المكتب أنه وخلال فترة ثلاثة أيام فقط من شهر حزيران قتل تنظيم داعش ما لا يقل عن 402 مدنياً حاولوا الخروج من المدينة يائسين من المعارك، وما يزال العدد الإجمالي لضحايا التنظيم من المدنيين غير معروف.

وتسببت غارات التحالف الجوية بقيادة الولايات المتحدة في قصفها للجهاديين بإلحاق أضرار مادية واسعة النطاق في الموصل والرقة، ما أسفر عن مقتل مئات المدنيين أيضاً.

رجّح الجيش الأمريكي أيضاً يوم الجمعة مقتل 603 مدنياً “بغير قصد” خلال غارات التحالف منذ بدء حملة القصف ضدّ داعش في آب عام 2014.

وبحسب منظمة إيروارس التي تتبع الضحايا المدنيين جراء الغارات ضد داعش في العراق وسوريا، فإن العدد يفوق ذلك بثمانية أضعاف. حيث وجدت المنظمة التي تتكون من صحفيين سابقين في الشرق الأوسط وأوربا والولايات المتحدة الأمريكية أن ما لا يقل عن 4354 مدنياً قتلوا خلال الضربات الجوية للتحالف بين آب 2014 وحزيران 2017.

وجاء في التقرير أن القوات العراقية المدعومة من التحالف شاركت في معركة ضارية لاستعادة مدينة الموصل، حيث استولى مقاتلو داعش عليها في العام 2014 وأعلنوا ما يسمى بالخلافة الإسلامية. وبحسب السلطات العراقية فإن أكثر من 850000 شخص تمكنوا من الفرار من المدينة ليصبحوا نازحين، بالمقابل حوصر العديد من المدنيين بسبب القتال الشديد وإرهاب داعش إذا ما حاولوا الفرار.

وقال زيد رعد الحسين، المندوب السامي لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، في بيان صدر في شهر حزيران الماضي أنه لا توجد كلمات تصف الأفعال الشنيعة التي ترتكبها داعش بحق المدنيين، كأن تطلق النار على الأطفال بينما يحاولون الفرار مع عائلاتهم. كما أطلق على هجمات داعش بحق المدنيين “جرائم حرب “.

وورد عن الأمم المتحدة أنها تبحث عن حالات الوفاة من المدنيين الناجمة عن الغارات الجوية التي نفذتها قوات التحالف، بما فيها الهجوم الذي يقال أنه أدى إلى مقتل 50 – 80 شخصاً في الموصل في شهر أيار الماضي.

وتقدر إيروارس أن الحملة المستمرة منذ تسعة أشهر شهدت ما بين 900 و 1200 مدني من المحتمل أنهم قضوا بسبب الغارات الجوية والمدفعية التي شنها التحالف. كما تأكد أن عدد الغارات الجوية شهد ارتفاعاً منذ كانون الأول 2016. وقد فسّر تصاعد الغارات بأن الجيش الأمريكي عدّل أوامره للقادة في المعركة لاستعادة الموصل في ذلك الشهر.

ونفى المكتب الصحفي للتحالف في بيان له حدوث أي تغيرات في مستوى تصعيد الضربات الجوية خلال الأشهر الستة الماضية. كما نفى وجود دليل يوثق أن ما حدث رفع عدد الخسائر في صفوف المدنيين مشيراً إلى أنها “ادعاءات لا أساس لها من الصحة “. وأكد أن هدف التحالف تقليص الخسائر البشرية من خلال تطبيق معايير صارمة خلال عملية توجيه الضربات كما يتخذ جهود استثنائية لحماية المدنيين.

وقال الجيش الأمريكي أن أولوياته هي إيقاف معاناة الناس من خلال هزيمة داعش بأسرع ما يمكن، وكلما استغرق ذلك مزيداً من الوقت، كلما ازدادت معاناة الناس بسبب داعش.

إلا أن العاملين في المجال الإنساني في الموصل يرون أن هذا الحساس بالإلحاح من قبل القوات الأمريكية والتحالف يثقل جهودهم في جعل قوات التحالف أكثر معرفة بأماكن تواجد السكان المدنيين المعزولين في مدينة يبلغ عدد سكانها نحو 5.1 مليون نسمة قبل بدء الصراع.

وبحسب بلقيس ويل، باحثة في هيومن رايتس ووتش في #العراق، فإن المرحلة الأخيرة من المعارك في الموصل استخدم فيها أسلحة أرضية ثقيلة تسببت بدمار كبير وحالات وفاة كثيرة في المدينة.

وأضافت بأن هيومن رايتس ووتش قد قدمت توصيات إلى الأطراف المتحاربة للتخلي عن استخدام الأسلحة القوية خلال المعارك. لكن الشعور العام لدى القوات المسلحة كان الحاجة إلى الحفاظ على هذا الزخم ليتمكنوا من إخراج داعش من المدينة و “يخدم ذلك بالتالي مصالح المدنيين”.

وبالنسبة للجيش العراقي، فإن استخدام داعش للمدنيين كدروع بشرية جعل وقوع بعض الضحايا أمراً حتمياً.

وفي مقابلة هاتفية مع الصحيفة، قال يحيى رسول، المتحدث  باسم قيادة العمليات المشتركة العراقية: “إنها معركة ضمن البلدات والمدن، لذلك لا بد أن يقع عدد من الضحايا بين المدنيين خلال استهدافنا لإرهابيي داعش الذين يختبئون بينهم”.

وأضاف أن الأمر الأهم لدى القوات العراقية هو منع وقوع ضحايا بين المدنيين، كما دافع عن الغارات الجوية الأمريكية قائلاً أنها دقيقة جداً وتعتمد على معلومات استخباراتية دقيقة.

كانت قوات التحالف في الوقت نفسه تطبق الخناق على الرقة، العاصمة السورية لخلافة داعش. بالرغم من صغر حجمها مقارنة بالموصل حيث يبلغ عدد سكانها 220000 نسمة، لكنها ذات أهمية استراتيجية كبيرة لمقاتلي داعش لاستخدامها كقاعدة لشن هجماتهم الإرهابية على الغرب.

كما استنكر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في شهر حزيران الخسارة الهائلة في أرواح المدنيين الناجمة عن تكثيف الغارات الجوية على مدينة الرقة.

وفي بيان لـ باولو سيرجو بينهيرو، رئيس لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في سوريا، قال: “إن العنف ما زال موجهاً ضد المدنيين مع عدم الاحترام لحقوق حمايتهم “.

وأضاف أن القتال تضمّن استخداماً غير مقيد للغارات الجوية ضد الأحياء السكنية، كما استخدم الانتحاريون المدنيين بشكلٍ متعمد، وأن القتال لا يزال وحشياً ويستحق الشجب. كما حذّر من التكتيكات التي تنطوي عليها وفيات بين المدنيين كأضرار جانبية.

وقال بينهيرو أن أولوية مكافحة الإرهاب لا يجب أن تكون على حساب المدنيين الذين وجدوا أنفسهم بشكل غير مرغوب يعيشون في المناطق التي يتواجد فيها تنظيم داعش حالياً.

كندا حداد، رئيسة بحوث سوريا في إيروارس، ترصد ضربات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والغارات الجوية الروسية على مدى العامين والنصف الماضيين، قالت في حديثها للصحيفة أنها كانت ترصد ما بين 3 إلى 10 غارات جوية مدعومة من قبل التحالف خلال الأسبوع، لكنها الآن ترى حوالي الـ 50 غارة أسبوعياً.

وأضافت أن المراقبين المحليين قالوا في وقت سابق أنهم كانوا يعرفون أي الغارات كانت للتحالف لأنها دقيقة جداً، لكن الوضع الآن تغير من حيث الدقة، كما أن القتال مكثف جداً ولا يزال هناك مجالاً لاتخاذ خيارات متاحة، فالحفاظ على حياة الإنسان يجب أن يكون من الأولويات الآن وليس في مرحلة متقدمة.

أما بالنسبة لمنظمات الإغاثة التي تحاول مساعدة المدنيين الفارين من العنف، كانت تجربة صعبة جداً على أقل تقدير، وقال جوناتان هنري، من منظمة أطباء بلا حدود، في مقابلة هاتفية مع الصحيفة أن هذا الصراع متطور جداً، وأنه صراع أقرب إلى الحرب العالمية الثانية، ومن الصعب التعامل معه.

وأضاف أنه حتى بالنسبة لمنظمة أطباء بلا حدود التي تتخصص في إرسال فرق طبية إلى مناطق النزاع فإن محاولة توفير الرعاية الطبية للمدنيين عندما يكون الأطباء في مواجهة نيران المدفعية والقناصة لم تكن سهلة أبداً.

وقال هنري الذي عمل لدى منظمة أطباء بلا حدود على مدى السنوات الـ 12 الماضية في أماكن مثل دارفور وإثيوبيا وسوريا: “إن أصعب ما في الصراعات هو أن الأطفال والنساء هم من بين الضحايا، ما يشكل صدمة كبيرة “.

ملاحظة إيجابية واحدة أوردها هنري في حديثه حيث قال أنهم خلال الأيام الأولى من افتتاح مركزهم في الخط الأمامي للجبهة غربي الموصل ساعدوا في قدوم طفل رضيع إلى الحياة. فعلق قائلاً: “إذاً تستمر الحياة حتى في منطقة الحرب”.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.