فتحي أبو سهيل

صعق أبو ياسر وهو رب عائلة من 4 أولاد يسكن في ضاحية #قدسيا نازحاً من منطقة القدم، عندما طلب منه سائق صهريج المازوت بعد انتظار 7 أيام، 40 ألف #ليرة_سورية ثمناً لحصته من المازوت المخصصة لموسم الشتاء القادم، فهو لا يملك ربع هذا المبلغ، وراتبه كاملاً بالكاد يساويه.

يعلم أبو ياسر أن سعر ليتر المازوت حوالي 183 ليرة سورية أي أن ثمن الـ 200 ليتر تساوي 36600 ليرة سورية، لكنه ظن أنه باستطاعته شراء 50 ليتراً فقط وكذلك الأمر كل شهر حتى تنتهي الكمية المخصصة له والتي هي حقه الطبيعي، كونه عاجز عن دفع ثمن كامل الكمية، إلا أن سائق الصهريج رفض ذلك بحجة تعرضه للمساءلة، مقدماً في ذات الوقت عرضاً لحل المشكلة.

سعر الـ 50 ليتر مازوت كما اعتقد أبو ياسر تساوي 9150 ليرة سورية بحسب السعر الرسمي، لكن صاحب الصهريج طلب منه 12 ألف ليرة سورية، بحجة أنه سيخضع للمساءلة و”القصة عويصة”.

اللتر بـ 200!

من المفترض أن يأخذ سائق الصهريج حوالي 2 – 3 ليرات سورية على كل ليتر ثمناً للتوصيل إلى المنزل، بمعدل 600 ليرة سورية من كل زبون يقوم بتعبئة الـ 200 ليتر، لكنه يتقاضى حوالي 4000 ليرة سورية فوق التسعيرة، بحجة المواصلات، وهذا زاد من عبء التكاليف على المواطنين.

يعتبر أبو ياسر شخصاً محظوظاً، فقد حصل على دوره بعد أسبوع من التسجيل، بينما لم يستطع غيره الحصول على حصتهم منذ العام الماضي، واصطدموا هذا العام بزيف تصريحات شركة “محروقات” بأن لهم أولوية الحصول على المازوت.

يقول عماد وهو رب عائلة من 3 أشخاص، إنه سجل في الشهر التاسع من العام الماضي على المازوت، وعندما تأخر الاستلام، راجع مركز التسجيل أكثر من مرة ، وفي كل مرة كانوا يقولون له أنه سيحصل على مستحقاته لكن بعد أيام، وقد دخل فصل الشتاء وانقضى، ومضى العام الماضي كله ودخل صيف العام الجديد دون أن يحصل على شيء سوى الوعود.

يخشى عماد الذي قام بالتسجيل هذا العام على حصة جديدة من المازوت، أن يحصل معه ما حصل العام الماضي، لذلك اتفق مع أحد سائقي الصهاريج على مبلغ 2000 ليرة (براني) كي يحصل على مستحقاته خلال أيام فقط، وبهذا يقوم السائق بتأجيل من يريد والتوزيع لمن يريد.

على خلاف عماد وأبو ياسر، هناك أسر لا تملك نهائياً ثمن مازوت التدفئة، علماً أنها بحاجة أكثر من 200 ليتر، وهؤلاء سيعانون برد الشتاء القارس، بينما لا يعلم جميع هؤلاء لماذا خفضت حكومة النظام كمية المازوت المستحقة من 400 ليتر تم إقرارها عام 2013 إلى 200 ليتر فقطـ، ولا يحصل عليها الجميع.

 

من الدعم إلى الربح

بهذا الأسلوب المتبع حالياً، يحرم المحتاجون لمازوت التدفئة من مستحقاتهم لعدم قدرتهم على تأمين ثمنها، بينما يستطيع المقتدرون مادياً الحصول عليها، وبالتالي أفرغت القضية من قيمتها الأساسية وهي توصيل الدعم لمستحقيه، ففي عام 2009 أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد القانون رقم /29/ والذي يقضي بتوزيع مبلغ الدعم النقدي لمادة المازوت على المواطنين، وبتاريخ 15/12/2009 أقرت الحكومة التعليمات التنفيذية للقانون بحيث يوزع مبلغ الدعم على دفعتين كل منهما خمسة آلاف ليرة سورية، لكن هذا الأسلوب لم يستمر طويلاً حتى بدأ التوزيع بمعدل 400 ليتراً لكل عائلة بموجب الشيكات.

الـ 10 آلاف ليرة سورية في 2009، كانت تساوي حوالي 200 دولار أميركي يحصل عليها جميع مستحقي الدعم، أي ما يساوي اليوم 100 ألف ليرة سورية، وهي كافية حالياً لشراء 546 ليتر مازوت بالسعر الرسمي 183 ليرة.

وبحسبة بسيطة، في عام 2009 الـ 10 آلاف كانت تشتري 500 ليتر من المازوت على سعر 20 ليرة، بينما يحتاج المواطن اليوم لأن يدفع من جيبه أكثر من 91 ألف ليرة سورية ثمناً لـلـ 500 ليتر التي كان يقبض ثمنها من الدولة عام 2009.

حالياً، تكون الحكومة انتقلت من دعم الأسرة الواحدة بـ 200 دولار سنوياً كبدل لمازوت التدفئة تكفي لشراء 500 ليتر ويحصل عليها جميع المحتاجين، إلى جبي دعم للحكومة من جيب الأسرة الواحدة بمبلغ 80 دولاراً (40 ألف ليرة سورية) سنوياً مقابل 200 ليتر مازوت لا يحصل عليها الجميع، لتكون بذلك حققت أرباحاً مالية ووفرة بالمادة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.