حمزة فراتي

الانحسار هو المرحلة الآنية التي يعيشها تنظيم الدولة الإسلامية #داعش فيما تبقى له من مناطق ومساحات صغيرة يسيطر عليها إن كان في الرقة التي أوشكت على الخروج من تحت سطوته بالكامل، أو في دير الزور التي خسر ريفها الغربي، وأجزاء كبيرة من ريفها الشمالي الشرقي.

ما سبق فرض على التنظيم إعادة حساباته في أمور عدة سارع على تغيرها علها تُفلح بترميم بعض مما يمر عليه من خسائر متتالية في كل لحظة، وأهمها طرق التعامل مع المدنيين الذين لازالوا في مناطق سيطرته، وخاصة في دير الزور، التي باتت حاضنة لعناصره الفارين من العراق والرقة.

وفي الحديث عن ذلك قال خالد علوان (ناشط من مدينة الميادين) لموقع الحل، إن التنظيم “بدأ بالابتعاد عن أسلوب التضييق والضغط الذي امتاز فيه بالتعامل مع الأهالي منذ أن فرض سيطرته على المنطقة، حيث قام وبشكل مفاجئ بإعفاء الأهالي في الريف الشرقي، من دفع ضرائب تتعلق بأمور الزراعة والزكاة والأمور الخدمية، وهذا يعد أمراً كبيراً وتنازلاً من قبل التنظيم، في وقت بدأ يعاني فيه الضعف الاقتصادي وخاصة بعد فقدانه لعدة موارد في المنطقة آخرها حقل غاز كونيكو المورد الأكبر والرئيسي له” على حد قول المصدر.

ولم يتوقف عن ذلك الحد فحسب، بل و “سمح للأهالي أيضاً، باستعمال العمل النقدية التي منعهم من تداولها في وقت سابق (دولار، ريال، ليرة سورية، يورو) عند فرضه لعملته الخاصة، فسابقاً عوقب أناس كثر في عدة قرى وبلدات بالسجن والجلد ودفع غرامات مالية، لحيازتهم عملاً نقدية مغايرة لعملته، وخاصة التجار وأصحاب المحال والمصالح التجارية، ففي أواخر الشهر الفائت، قامت دورية تابعة للحسبة باعتقال رجل في مدينة #العشارة وبحوزته مبلغ 550 ألف ليرة سورية، حيث قاموا بحرق المبلغ أمامه، ومن ثم اعتقاله إلى مركز الحسبة بتهمة مخالفة قوانين الدولة”.

“سيارة واحدة لعناصر الحسبة تخرج مرة واحدة قبيل صلاة الظهر، في شوارع المدينة بمعدل ثلاث مرات في الأسبوع الواحد، وذلك يعد شيءً غير مألوف بالنسبة لقاطني المنطقة، الذين اعتادوا على تواجد الحسبة بشكل دائم في المدينة والأرياف المجاورة لها، فقد تأقلم الأهالي مع غطرسة رجال الحسبة وفضاضتهم بالتعامل، واعتقالهم لعشرات الرجال والشبان في اليوم الواحد لحجج واهية، مفادها مخالفة اللباس الشرعي” وفق المصدر.

ولفت علوان إلى أن التنظيم وبخطوة غير مسبوقة، أوقف عمل الحسبة النسائية في المدينة منذ قرابة الأسبوعين، علماً أن عملها يُدرّ كان له لكثير من المال، فالمخالفات النسائية كثيرة وغرامتها تدفع بالذهب حصراً، فكانت تعتقل يومياً عشرات النساء في كافة أرجاء المنطقة، بتهم عدة منها اللباس غير الشرعي أو مخالطة الغرباء أو التواجد في مكان عام بدون محرم لها (زوج، أب ، أخ)، و “تهم أخرى لاتعد ولا تحصى”.

جلد وتغريم أي عنصر يعتدي على المدنيين

 أصدر ديوان المظالم التابع للتنظيم خلال الشهر الجاري، قراراً يقتضي بـ “تعزير أي عنصر من التنظيم مهما كان منصبه يقوم بالتعدي على عوام المسلمين في المنطقة، حتى ولو بكلمة واحدة قد تسئ للشخص”، ورداً على قرارهم يقول حسين الجاسم (من سكان ريف دير الزور الشرقي) لموقع الحل “لماذا لم يقوموا بتطبيقه من قبل عندما كانوا في أوج قوتهم؟ نحن نعلم تماماً أن ما يقومون به الآن هو نتيجة ما وصلوا إليه من خذلان وتراجع نتيجة الخسائر المتكررة، فلماذا لم يعاقبوا التونسي الذي أعدم شاباً في قرية #بقرص بحجة التدخين قبل شهر؟ ولماذا لم يحاسبوا رجال الحسبة الذين قتلوا امراة وطفلها عند ملاحقتهم لشخص هارب في مدينة أبو حمام؟، بعد أيام قليلة من حادثة مقتل الشاب، إضافة لجرائم أخرى لاتُعد ولا تحصى لم يقوموا حتى بلمس مرتكبيها مبررين بأنها أخطاء عرضية قد يرتكبها أي شخص من دون قصد، حسب شرعييهم”.

وأضاف المصدر إن “التسهيلات التي يقومون بها في الفترة الحالية، بنظرهم ستكون شفيعاً لهم، ومصدر جذب لمؤيدين أو مناصرين جدداً قد ينضموا إليهم، لأنهم يوقنون تماماً أن نسبة كبيرة من أهالي المنطقة ينتظرون اللحظة الحاسمة لكي ينتفضوا بوجهم”.

وجهة نظر سعيد الخليل (من سكان مدينة البوكمال) مشابهة قليلاً لرأي الجاسم، حيث يرى أن التنظيم في الفترة الأخيرة، لم يعد يولي اهتماماً للمخالفات التي يرتكبها الأهالي، لأن من تبقى من عناصر لديه، هم الآن على جبهات القتال، بعد تقدم قوات النظام من جهة خط الشامية وخاصة بعد سيطرتها على كافة قرى ريف دير الزور الغربي، وتقابلها في خط الجزيرة قوات #قسد المدعومة من قبل #التحالف_الدولي والتي تتقدم بشكل سريع وهدفها الوصول إلى مدينة البوكمال بحسب تصريحات لبعض قادتها”.

معظم من يستلم زمام الامور في التنظيم حالياً، هم من أبناء المنطقة بعد فرار عدة مسؤولين في التنظيم من جنسيات مختلفة بالفترة الأخيرة، حيث يسعى المسؤولون الجدد من أبناء المنطقة إلى كسب تأييد من تبقى من الأهالي معهم، عن طريق اتباع كل ما سبق، فهم “على دراية تامة بأن التنظيم قد بدأ يتهاوى، وهو الآن في مراحله الأخيرة، فهم مستعدون لعمل أي شيء قد يساهم ولو بشكل بسيط باستمراريتهم، لأن وجودهم في المنطقة مقترن بوجود التنظيم” يختتم المصدر.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.