حمزة فراتي

فيما تتفاقم مِحنة المئات من الأسر المحُاصرة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية #داعش بريف #دير_الزور الشرقي، تَعيث قوات النظام والمليشيات الموالية لها فساداً كبيراً في المناطق التي سيطرت عليها مؤخراً في قرى وبلدات ريف دير الغربي بشكل كامل، من نهب وسرقة للمنازل التي فرَّ أهلها وتركوها على حالها، نتيجة المعارك الأخيرة بين الطرفين، إضافة للقصف المكثف من قبل الطيران الحربي الروسي والنظامي، الذي خلف عشرات القتلى والجرحى من المدنيين.

“تعفيش” كل ما يمكن حمله

تقول ليلى خلدون (ناشطة من ريف دير الزور الغربي)، لموقع الحل، “إن جميع المجموعات التابعة للنظام أو المساندة له، تُعتبر إما فاعلة تماماً أو شريكة على الأقل في سرقة ممتلكات المدنيين واستباحتها. لكن قوات النظام بصورة رئيسية، والمليشيات المحلية التي جندها للقتال معه، تُعتبر المستفيد الأول من التعفيش”.

وتضيف أن القوات “تحمل كل ما استطاعت أخذه من أثاث المنازل، لا سيما الأدوات الكهربائية المنزلية (برادات-غسالات وما شابه) لبيعها في أسواق خاصة بداخل أحياء الجورة والقصور، وُجدت لهذه الغاية، وترحيل بعضها إلى خارج المحافظة بعد فتح طريق دمشق دير الزور”، على حد تعبيرها.

وتؤكد الخلدون في شهادتها أن ممارسات “التعفيش” التي تمت في الأيام الأخيرة بقرى وبلدات الريف الغربي، وأن هذه القوات والمليشيات “نهبت ما تبقى من منازل غير مدمرة، في قرى #عياش و #الشميطية و #المسرب و #الخريطة و #البيويضة و #الطريف”، مشيرة إلى أن ذلك يتم “بشكل علني” بحجة أن أصحابها هم عناصر من تنظيم داعش، “بل وحتى المواشي (أغنام وأبقار) لم تسلم، حيث قاموا بنقلها إلى داخل أحياء المدينة وبيعها لمحال القصابة بأسعار منخفضة”، .

وتابعت أن هذه القوات تصطنع ما يُمكن تسميته بمنطقة عسكرية، في الأيام الأولى لسيطرتها على المناطق التي كانت خارج نفوذها، فتمنع الدخول إليها “لتستغل حالة الاشتباكات التي هي قائمة أو انتهت للتو، وتنهب ممتلكات الناس براحتها قبل أن تستقر الأمور، التي من الممكن أن تدفع بعض المدنيين للعودة إلى بيوتهم”.

ويقول سليمان الحمدان، والذي نزح مع أفراد أسرته من قرية الخريطة إلى قرى خط الجزيرة قبل نحو ثلاثة أسابيع، إن “ظروف النزوح مع القصف والمعارك القائمة بين النظام وداعش، لم تسمح لنا أن نحمل معنا أكثر من مقتنياتنا الشخصية، ونحن أساساً لا نعلم إن كنا سنتمكن من العودة أم لا”.

وأضاف “لكني أعلم بأنه وفي حال كُتبت لي العودة مع عائلتي، فإن بيتي الذي نجا من مئات الغارات الجوية، سيكون خاوياً تماماً من أي أثاث”، على حد تعبيره..

الشاب فياض (25 عاماً – من قرية الطريف بالريف الغربي ونازح بمدينة الشحيل)، بدأ ببناء بيت صغير له ولعائلته التي ستزيد شخصاً آخر خلال الأشهر القادمة، لكن حلم بناء المنزل تلاشى كلياً بعد سيطرة قوات النظام على قريته واتخاذ منزل أهله مقراً عسكرياً فأشقاؤه كانوا عناصر في #الجيش_الحر في وقت سابق.

يقول فياض في حديثه لموقع الحل إن “المئات من عوائل الريف الغربي غادروا قراهم، قبل سيطرة قوات النظام عليها بأيام، بفعل التهديدات التي أوصلوها للأهالي بأنهم سيقتلون ويدمرون ويحرقون، بحجة أننا كنا حواضن للفصائل الإرهابية”.

ويتابع فياض “لقد قاموا بهدم عشرات المنازل في البلدة وأحرقوا كافة المحاصيل الزراعية” مشيراً إلى أن تهمة هؤلاء الأهالي عند النظام جاهزة وهي أنهم “دواعش” أي منتمون لـ”تنظيم الدولة” أو مناصرون له.

ويضيف فياض إن “الحقيقة الكامنة وراء حرق وتدمير المنازل ليست تهمة الانتماء لتنظيم الدولة أو مناصرته فقط، بل الانتقام من المنطقة بشكل كامل، حيث قاموا بحرق منازل لمدنيين بحجة أن أبناءهم إعلاميون لقنوات معادية للنظام، ومنازل لأشخاص متواجدين في دول الخليج بحجة دعمهم لفصائل الإرهاب، وحجج كثيرة لاتعد ولا تحصى يجدون بها مبرراً لما يفعلونه”، على حد قوله.

وبحسب الناشطة ليلى خلدون، فإن قصة أبو علي تبدو أكثر قسوة “فقد كان يملك 500 رأس من الغنم، فمهنته هو وأبناؤه هي الرعي والإتجار بالمواشي، لكن نزوحه من قريته المسرب نتيجة المعارك الأخيرة، أجبره على ترك مواشيه وكل ما يملك والنزوح باتجاه قرى خط الجزيرة هو وعائلته، وبحسب الأنباء الواردة من القرية إن عناصر النظام قاموا بنقل كافة المواشي لداخل أحياء المدينة، بحجة أنه وأبناءه دواعش.

يقول أبو علي: “لست داعشياً ولم أنتمي إلى أية فصائل عسكرية، حتى منعت أبنائي من الانضمام للفصائل، لقد حسبت حساباً لليوم الأسود هذا، والقتال ليس عملنا، نحن مدنيون”.

ويتساءل بحسرة “ما ذنبنا لنهجر من بيوتنا؟، عناصر النظام والمليشيات الموالية له، كلهم كذابون ولصوص، لقد سرقوا بيتي وكل وحلالي (المواشي) بدون سبب ، فلا حول لنا ولا قوة”.

ولا تختلف حال أم عبد الله من قرية مظلوم بريف دير الزور الشرقي والقريبة من المدينة، عن حال أبو علي، فقد نزحت من قريتها هي وأطفالها الخمسة تحت ظروف غاية بالصعوبة، باتجاه مدينة #الميادين.

وتشرح أم عبد الله لـ”موقع الحل” كيف خرجت من القرية فتقول: “شن عناصر النظام والقوات الروسية هجوماً على القرية متسللين عبر زوارق بنهر #الفرات، كون قريتنا مقابلة لأحياء سيطرة النظام في المدينة، حيث تمكنوا من السيطرة على القرية لعدة ساعات لتدور بينهم وعناصر التنظيم اشتباكات عنيفة تخللها قصف مدفعي وجوي من قبل الطيران الروسي، والذي أوقع عشرات القتلى والجرحى من المدنين، حيث تمكنت من الخروج أنا وأبنائي بشق الأنفس باستخدام طريق ترابي بين قريتنا وقرية أخرى مجاورة، لتلحق بي سيارة تقل جثث وجرحى مدنيين قصفوا أثناء محاولتهم الخروج من القرية، حيث صعدنا بها وصولاً إلى مدينة الميادين”.

وتتابع: “وبعد اشتباكات كر وفر بين الطرفين انتهت بسيطرة النظام على القرية، قام الأخير بانتهاكات كثيرة من سرقات واعتقالات طالت كبار في السن بحجة الانضمام لداعش، علماً أن كل مؤيد أو مبايع كان قد فر قبيل سيطرة النظام”،

وأضافت: “كافة الحجج التي تضعها قوات النظام والميليشيات الموالية له، هي حجج لا معنى لها فقد اعتقلت عشرات الرجال والشبان من القرية وقامت بإخراجهم على شكل دفعات، عداك عن السرقات التي قاموا بها لمنازل ومحال ومستودعات، وعمليات تعذيب وإهانة وُثِّق بعضها بفيديوهات من قبل عناصر النظام ذاتهم، حيث قاموا بتصويرها ونشرها على مواقع التواصل”.

“النظام يشرع التعفيش لعناصره والمليشيات الموالية له”، فمن وجهة نظر ليلى خلدون “إن النظام يترك لقواته ولميليشياته التي تدخل مناطق سيطرة المعارضة أو داعش بعد قتال، حرية التصرف في هذه المناطق من دون ردعهم عن نهبها، كجائزة على خوضهم المعارك، ولتحفيزهم كذلك للاندفاع نحو مناطق أخرى مماثلة، ويُمكن القول إن استباحة قوات النظام لمناطق سيطرة المعارضة بعد خروج الفصائل المسلحة منها يُعتبر ضمناً لدى النظام أمراً مشروعاً، بل ربما يتم تشجيعه أيضاً” تختتم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.