نشرت شبكة أخبار سي بي سي مقالاً تحليلياً للكاتب غريس براون عن التواجد الروسي في #سوريا ومدى تأثيره على النزاع في قلب موازين القوى، في الوقت الذي يعارض الشعب الروسي مشاركة قواته في الحرب السورية. كما تطرّق إلى الفترة الزمنية التي ستحافظ فيها روسيا على تواجدها العسكري في سوريا، فابتدأ مقاله بالقول:

“الآن يمكنك أن تشعر بقوة روسيا “، قال ضابط روسي يقف على مدرج يبعد أقل من عشرة أمتار عن المقاتلة الروسية سوخوي 34، حيث من المستحيل عدم تغطية أذنيك والهرب بعيداً عند إقلاعها من شدة هدير محركاتها.

ابتسم الضابط بينما يتابع تأثير أجهزة الإعلام الدولية فور وصولها إلى سوريا كجزء من جولة العلاقات العامة من نشاطات روسيا العسكرية في البلاد.. روسيا في حالة حرب في سوريا منذ أيلول 2015، مساندةً نظام الرئيس بشار الأسد.

وبحسب المقال، فإن “الجيش الروسي يعمل منذ ذلك الحين على جلب الصحفيين المحليين والأجانب من #موسكو، لتسليط الضوء على ما يصرح به قادته من جوانب  إيجابية لمشاركة روسيا في الحرب الأهلية السورية لمدة ستة سنوات”.

تبدأ معظم جولاتهم في الصباح الباكر بالذهاب إلى قاعدة حميميم الجوية لمراقبة بداية مهمات القصف ذلك اليوم.

وبحسب المقال فإن القوات الروسية عندما بدأت بأولى طلعاتها الجوية قبل عامين، كانت قوات المعارضة التي تحارب الحكومة السورية تقع على بعد 30 كيلومتراً من القاعدة الواقعة خارج مدينة #اللاذقية على الساحل السوري.

أما اليوم، فإن أقرب قوة مقاتلة من “الأعداء” تقع على بعد أكثر من 400 كيلومتراً، كما وتتقلص مساحات الأراضي التي تحتلها #داعش ( الدولة الإسلامية) بشكل يومي.

تمت إعادتهم إلى الوراء من دون هوادة بواسطة الغارات الجوية الروسية وعلى الأرض بواسطة القوات السورية والميليشيات المدعومة من #إيران بدعم من المستشارين الروس وقواتهم الخاصة.

تعبوياً، قد غيّر التدخل الروسي من مسار النزاع. فنظام الأسد اليوم قوي ومسيطر بعد أن كان على حافة الانهيار.

وكان التهديد الذي يشكله تنظيم داعش على عتبة روسيا الخلفية أحد الدوافع الرئيسية للرئيس فلاديمير #بوتين للانضمام إلى النزاع، ومن جهة أخرى أرادت روسيا أن تظهر للعالم أنها يمكنها أن تكون قوة رئيسية وحليف موثوق به في الشرق الأوسط مرة أخرى.

وبالرغم من الوابل المستمر للعناوين البارزة الإيجابية في المنشورات الموالية للكرملين وعلى التلفزيون الروسي، إلا أن الجمهور الروسي ما يزال أقل حماساً.

وبحسب المحلل العسكري بافل فيلغنهاور، فإن روسيا تحاول تعزيز انتصاراتها التكتيكية في سوريا بجهود متضافرة لتحظى بمزيد من التأييد في الوطن. وقال: “إنها حملة لا تحظى بشعبية روسية، على الرغم من الدعاية التلفزيونية الروسية والعمل الإضافي لتسويق جهودها على أنها نصر عظيم”، وأضاف: “ليس لدينا دعم ساحق”.

وقد أًصدر مركز ليفادا الروسي استطلاعاً مطلع شهر أيلول يشير إلى أن 49 % من الروس لا يؤيدون التدخل العسكري في سوريا.

وقال فلغنهاور: “إن الشعب الروسي يخشى أن نتعثر في سوريا كما حصل في أفغانستان في الثمانينات”.

وقد أدت سلسلة من اتفاقيات وقف إطلاق النار التي تم التفاوض عليها في روسيا إلى تحقيق أربع مناطق تدعى “مناطق خفض التصعيد”، وبالتالي إلى إيقاف الكثير من الاقتتال بين الجماعات السورية المتنازعة. كما وقد سمحوا لكل من الجيش السوري المدعوم روسياً وقوات المعارضة المدعومة أمريكياً بالتركيز على سحق داعش.

وعن فترة بقاء روسيا في سوريا قال فلغنهاور إن المدة تتغير باستمرار، ففي بادئ الأمر أشار الكرملين إلى أن التدخل العسكري الروسي المباشر قد لا يتعدى بضعة أشهر. وفي أيار اقترح وزير الدفاع الروسي أن الوجود العسكري الروسي في سوريا “على الجانب الجنوبي من حلف الناتو” قد أحدث تغييراً جوهرياً في ميزان القوة الاستراتيجية في المنطقة، في إشارة إلى فترة التزام أطول بكثير للتواجد في المنطقة، وقال فلغنهاور: “يبدو التواجد الروسي دائماً في الوقت الراهن”.

كما أن المسائلة بشأن الضحايا المدنيين تستمر في إزعاج المبعوثين الروس في سوريا. فبحسب جماعات حقوق الإنسان، قد قتل المئات من الأبرياء المدنيين _ إن لم يكن الآلاف _ بسبب عمليات القصف الروسية، وما تزال الأعداد في تصاعد.

فمن بين القرى “المحررة” مؤخراً والتي تم نقل الصحفيين إليها في جولة أخيرة كانت قرية #عقربات في محافظة حماة. القرية التي يبلغ عدد سكانها 10000 نسمة، مهجورة الآن ومن غير الممكن العيش فيها نتيجة الدمار الكامل تقريباً للمباني فيها. أما الجنرالات الروس في تصريحاتهم فلم يقدموا معلومات سوى غياب خسائر بشرية بين المدنيين متغاضين عن دمار القرية بأكملها.

وبحسب مسؤول عسكري للصحفيين قال: “إننا لا نعتبر الإرهابيين من البشر”، في حين وصف فلغنهاور، المحلل العسكري، الأمر بشكل مختلف من خلال قوله: “إن من يُقتل بالقنابل الروسية هو إرهابي بالتحديد”.

وغالباً ما كانت الهيئة المسؤولة عن جولة وسائل الإعلام منزعجة من عمليات الاستجواب الخارجة عن نطاق مهمات القوات الروسية لتسأل عن موضوع الضحايا ومواضيع أخرى.

وقد تلقى الصحفيون في وقت ما محاضرة طويلة حول كيفية الحديث عن نجاحات روسيا وعدم الاعتماد على آراء مثل جماعات المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ من لندن مقراً له، والذي يتابع أعداد الوفيات الناجمة عن الصراع، حيث ينظر إليها بشكل عام على أنها من صفوف المعارضة لنظام الأسد.

بالنسبة لروسيا، الأمر الأكثر أهمية هو الانتصارات المتزايدة على أرض الواقع في سوريا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة