نشرت صحيفة الواشنطن بوست تقريراً مشتركاً كتبه كل من مصطفى سليم ولويزا فلوك وتامر الغباشي، تحدثا فيه عن هزيمة الدولة الإسلامية والتوقعات المقبلة لما سيحدث في المنطقة فجاء في التقرير:

منذ أكثر من ثلاث سنوات، تقوم طائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة وبشكلٍ يومي بقصف أهداف لدولة الإسلامية في كل من #العراق و #سوريا. ولكن، في 26 تشرين الثاني توقفت الغارات الجوية بشكلٍ كامل.

وقبل أسبوعٍ فقط، تمكن الجيش العراقي من استعادة السيطرة على آخر قطعة خاضعة لسيطرة المسلحين. كما أعلن البنتاغون عن عودة 400 من المارينز المنتشرين في #سوريا من أجل محاربة المجموعات المسلحة إلى ديارهم.

وبحسب التقرير، يمثل ذلك هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية وانتهاء الخلافة المعلنة، لكن المعركة لم تنته بعد وفق التقرير.

لم يحدد الجيش الأمريكي حتى الآن دوره بعد انتهاء المعارك الكبرى، بالرغم من أن المسؤولين الأمريكيين والعراقيين اقترحوا إمكانية تخفيض كبير لعدد القوات الأمريكية على الأرض. كما يتوجب على القوات العراقية والسورية تأمين حدودهم التي يسهل اختراقها من قبل قوات داعش، حيث كلا البلدين يستعدان لموجة من العنف الإرهابي الذي يشبه في هجماته العمل الإرهابي الذي وقع في مسجد في شمال سيناء المصرية وأسفر عن مقتل 300 شخص في شهر تشرين الثاني. ما سيضطر القوات العراقية للتحول إلى لعب دور الشرطي من أجل جمع المعلومات الاستخبارية وتفكيك الخلايا النائمة التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية.

وأوضح الكولونيل ريان ديلون، المتحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية أن القوات الأمريكية تساعد في كبح وقوع أعمال إرهابية من خلال العمل مع قوات الشرطة ووحدات الجيش المكلفة بمنع المسلحين من شن هجمات في المناطق التي كانت تخضع لسيطرتها من قبل. وأضاف: “نتوقع أن يعود هؤلاء الإرهابيين إلى جذورهم الإرهابية فيحدثوا أعمالاً لا تحمد عقباها”. لكن المنافسات التي تجري على الأرض في كلّ من سوريا والعراق والسياسات التي لا يمكن التنبؤ بها يمكن أن تقوّض جهود مكافحة الإرهاب.

في العراق، استُدرجت قوة مكافحة الإرهاب المدربة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية إلى مواجهة سياسية وعسكرية بين قوات الحكومة العراقية والمحاولة الكردية للانفصال. ومن المحتمل أن تعود هذه القوات إلى مقراتها في مناطق مختلفة في العراق مع تراجع المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية. حيث أوضح قائد إحدى الفرق الثلاث، اللواء سامي العريضي، أنه تم نشر تلك القوات في شمال العراق في مناطق متنازع عليها بين بغداد وحكومة إقليم كردستان، مؤكداً أن تواجدهم في مناطق مواجهة مع قوات إقليم كردستان أمر جديد.

من جهة أخرى، فإن حل الأزمة الداخلية بين بغداد وإقليم كردستان من شأنه السماح لقوات مكافحة الإرهاب بالعودة لممارسة دورها الرئيسي كونها الحصن ضد تنفيذ هجمات من قبل الدولة الإسلامية، كالهجوم الذي وقع في شهر أيلول والذي أسفر عن مقتل أكثر من 80 من الحجاج الشيعة جنوبي العراق. ما يؤكد على استمرار وجود التهديد الذي تشكله الدولة الإسلامية بالرغم من خسارتها الإقليمية.

ويؤكد القادة العسكريون أن تأمين الحدود مع سوريا من المنطقة الصحراوية من كلا الجانبين يعتبر خطوة حاسمة بشأن منع حصول المزيد من إراقة الدماء.

وكان مسؤولين عراقيون أعلنوا أن الجيش العراقي والجيوش الشعبية الشيعية المتحالفة معه قاموا بتطهير نحو 5400 ميلاً مربعاً من الصحراء غرب العراق. وأكد اللواء قاسم المحمدي قائد عمليات محافظة الأنبار الغربية أن المنطقة المطهرة تتضمن طرق تهريب ومخابئ للمسلحين والتي وصلت إليها القوات العراقية الآن للمرة الأولى منذ 14 عاماً. حيث أكد المحمدي أن الإرهابيين استخدموها كمكامن لتعبئة الجماعات الإرهابية وتدريبها، وأن التحدي الأكبر الذي يواجه القوات العراقية الآن هو الحجم الكبير لهذا القطاع وصعوبة تمشيطه وتأمينه بشكل كامل ودقيق.

ويشير التقرير إلى استخدام القوات العراقية قواتها الجوية لتدمير مواقع للمتشددين في ذلك القطاع الواسع نظراً لخلوّه من المدنيين. وأوضح ديلون أن الضربات الأمريكية لم تكن مطلوبة، مما أثار تساؤلات جديدة حول الدور الأمريكي طويل الأمد في العراق.

وقد أثار وجود القوات الأمريكية في العراق حفيظة الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، وقد طالبوا قادتها الآن بالانسحاب بعد أن تم إسقاط خلافة الدولة الإسلامية.

كما أعرب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن رأيه في هذا الصدد فقال: “من المتوقع أن تبدأ القوات الأمريكية في تقليص عدد قوتها البالغ 5200 جندياً، لكنها ترغب في الإبقاء على البعض منهم للاستمرار في تدريب القوات العراقية على جمع المعلومات الاستخباراتية وتبادل المعلومات”.

كما أوضح في مقابلة سابقة قائلاً: “ليس من مصلحتنا ولا مصلحة أي من الدول الأخرى في المنطقة أن يستعيد الإرهابيون تنظيم صفوفهم”.

وأضاف أيضاً أن العراق لن يحتفل بالنصر على تنظيم الدولة الإسلامية ما لم يتم القضاء على المسلحين في الصحراء الغربية وإحكام السيطرة الأمنية على الحدود مع سوريا.

وبحسب التقرير، فإن النظرة المستقبلية في سوريا أبعد من ذلك بكثير. فقد أشارت إدارة ترامب إلى أن القوات الأمريكية يمكن أن تكون مهمتها مفتوحة إلى حين التوصل إلى حلّ سياسي للحرب في سوريا، وتشمل العملية السياسية هذه الرئيس السوري بشار الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين وجماعات المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة.

ويحذر الخبراء وقادة الثوار من أن الدولة الإسلامية لا تزال تشكل تهديداً قوياً في سوريا وأن المناخ السياسي المتصدّع في البلاد يمكن أن يساعد الجماعات المسلحة على إعادة تنظيم صفوفها.

وأعرب المحلل الأمني الدولي توبياس شنايدر عن رأيه تجاه تنظيم الدولة فقال: “تفضّل الحكومات عند حديثها عن داعش أن تعتمد على المقاييس والأرقام والمدن التي تسيطر عليها متناسية أن داعش تمثل أكثر من مجرّد وجود على الأرض، فهي قوّة سياسية وإيديولوجية تحكّمت في طريقة حياة الناس في كل من سوريا والعراق”. وأضاف: “لسنا قريبين من الوصول إلى حلّ لهذه الأزمة “.

أما بالنسبة لحكومة الأسد، فإن المكونات الأكثر شعبية في حكمها متوافرة طالما تتمكن من استعادة السيطرة على الأراضي. في حين لا يزال الآلاف من المفقودين يقبعون في سجون الحكومة البغيضة. كما ازدادت حدّة التفاوت الاقتصادي بسبب اقتصاد الحرب الذي يعتمد على مكافئة الموالين للحكومة، في حين يعتمد الكثير من السكان على المساعدات المقدمة لهم .

“إن الجماعات الإرهابية لن تختفي ما لم تختفي الظروف المهيأة والتي سمحت لها بالازدهار”، قال مصطفى سيجاري، مسؤول في لواء المعتصم المدعوم من قبل البنتاغون والذي يقاتل ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

ويتوقع محللون حدوث معضلة نتيجة مشاركة الجماعات المدعومة من قبل إيران والبنتاغون في الحرب ضد تنظيم الدولة في سوريا.

وأوضح الباحث في مركز الأمن الأمريكي الجديد، نيكولاس هيراس، أن على القوات الخارجية التي ساهمت في إسقاط تنظيم الدولة أن تعطي الولايات المتحدة وشركائها الفرصة لكي تتمكن من إعادة الاستقرار إلى المناطق التي تم تحريرها من تنظيم الدولة.

ويرى أن أكثر ما يثير القلق هو أجزاء شرق سوريا حيث أقام مقاتلو الدولة قاعدة لهم. ويتوقع أيضاً أن المنطقة الحدودية المشتركة مع العراق سوف تشهد الكثير من الاضطرابات بسبب تعزيز تنظيم الدولة قوة عناصره المتشددة خلال الأشهر والسنوات القادمة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.