نشرت صحيفة الواشنطن بوست تقريراً بتاريخ 12 كانون الأول لكاتبته ناتالي فاسيليفا تتحدث فيه عن الوجود الروسي في #سوريا، والذي يشمل آلاف المقاتلين الروس، إنما أسماء معظمهم غير معترف بها من قبل وزارة الدفاع الروسية كونهم متعاقدين مع شركات خاصة تتكتم الحكومة الروسية عنها.

في بداية تقريرها تحدثت عن أحد الضحايا قائلة: قبل أن يُقتل برصاص قناص في سوريا، كتب إيفان سليكشن ذي الـ23 ربيعاً رسالة مؤثرة لخطيبته عبر وسائل الإعلام الاجتماعية قال فيها: “سنلتقي قريباً، وسأحتضنكِ بقوّة”.

إلا أن اسم سليشكن لم يكن بين أسماء  الضحايا الرسميين لوزارة الدفاع الروسية في حربها ضد متطرفي الدولة الإسلامية في سوريا وفق ما ذكرت الصحيفة، ذلك لأنه غادر مسقط رأسه في جبال الأورال كواحد من آلاف الروس المنتشرين في سوريا من قبل متعاقد عسكري غامض يُعرف باسم واغنر، والذي لا تتحدث عنه الحكومة.

وبحسب أحد المواقع الإخبارية المحلية الروسية، حيث حضر مراسل الموقع جنازة سليشكن بتاريخ 2 آذار، فإن على قبره صورة له حاملاً بندقية، وبحسب أحد أصدقاءه فإنه انضم إلى فاغنر لكسب المال من أجل تأمين تكاليف حفل زفافه.

وتحدث صديقه أندريه زوتوف لوكالة أسوشيتد برس قائلاً: “كان منضماً إلى مجموعة واغنر”، مضيفاً أن سليشكن قتل أثناء تقدم قوات الأمن نحو حقل الشاعر النفطي شمال تدمر.

وأردف قائلاً: “يوجد الكثير من المكاسب المالية هناك، وقد تطوع للانضمام إلى الشركة كالعديد من المقاتلين الروس.. فقد أرادوا حل بعض من مشكلاتهم المالية”.

وأفاد موقع فونتانكا، والذي مقره سان بطرسبرغ، بأن “حوالي 3000 من المقاتلين الروس المتعاقدين مع مجموعة واغنر قاتلوا في سوريا منذ عام 2015، أي أشهر ما قبل الحملة العسكرية التي استمرت عامين والتي ساهمت في تحويل تيار الحرب الأهلية السورية لصالح الرئيس السوري بشار الأسد” وفق ما ذكر الموقع.

وبحسب التقرير، فقد وعد #بوتين الجنود الروس في سوريا بالعودة إلى بلادهم منتصرين، ذلك خلال زيارته إلى قاعدة #حميميم الجوية الروسية في سوريا يوم الاثنين، إلا أنه لم يأت على ذكر المقاولين الخاصين. ومن المتوقع بقاء القوات الروسية في سوريا لسنوات بينما يبقى المقاولون لحراسة حقول النفط والغاز المربحة بموجب عقد مبرم بين الحكومة السورية وشركة روسية أخرى يُزعم أنها مرتبطة برجل أعمال معروف باسم “طبّاخ بوتين” ذلك لصلته المتينة بالكرملين.

لقد أدى المقاتلون المتعاقدون دوراً رئيسياً في سوريا، فبالإضافة إلى مساهمتهم في زيادة عدد القوات التي أرسلتها موسكو رسمياً، ساعد وجودهم السري على الحفاظ على عدد القتلى الروس الرسمي، ما يساهم في رفع شعبية بوتين خلال عملية إعادة انتخابه العام المقبل.

وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن 41 من مقاتليها لقوا مصرعهم في سوريا، أما موقع فونتانكا فقد أوضح أن 73 من المقاولين الخاصين قتلوا هناك.

استخدم من قبل دول أخرى متعاقدين خاصين لسنوات مثلما فعلت الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، إلا أن الكرملين أثار أسئلة حول الروس الذين يقتلون في سوريا بصفة خاصة نظراً لأن القانون الروسي يحظر استخدام المرتزقة أو العمل كمرتزقة.

وبالرغم من أن التقديرات تشير إلى نشر 4300 مقاتل روسي في سوريا العام الماضي، إلا أن وزارة الدفاع الروسية رفضت تحديد عدد قواتها خلال العام الجاري، والذي يتوقع أنه ازداد نظراً لإرسال الشرطة العسكرية الروسية للقيام بدوريات في مناطق خفض التصعيد.

في هذا الصدد، أعرب مارك غاليوتي _ هو باحث كبير في معهد العلاقات الدولية في براغ _ عن رأيه قائلاً: “إن الشعب الروسي غير متحمس لفكرة إمبراطورية من شأنها إعادة أبنائهم ضمن أكفانهم إلى البلاد”، وأضاف: “يمكن أن يكون لديهم قوة يمكن نشرها فعلاً من خلال وجود شركة عسكرية خاصة مثل واغنر، ولكن عندما يموت هؤلاء المقاتلين فلا يجب الإعلان عنهم”.

وقد حصل موقع فانتانكا على ما وصفه جداول فاغنر واستمارات التوظيف التي تشير إلى آلاف الشبان الروس الذين يقاتلون في سوريا، وبحسب مراسل الموقع دينيس كوروتكوف، فإن أكبر وحدة عسكرية تابعة لفاغنر تواجدت في سوريا بلغ عددها 1500 عسكري، حيث أن الشركة نشرت نحو 3000 من موظفيها في سوريا على مدى ثلاث سنوات ماضية. وأن ما لا يقل عن 73 قتلوا في سوريا منذ العام 2015.

كما قدّرت سي آي تي، وهي فريق استخبارات النزاع، أن عدد القتلى من المقاولين الخاصين بلغ 101 لكن كلا المصدرين أوضحا أن الأرقام غير دقيقة.

وقال مؤسس سي آي تي رسلان ليفيف: “إن أهم برهان على وجود شركة خاصة لتوظيف المقاتلين هي الناس، القتلى منهم والأحياء، الذين قالوا أنهم مرتزقة والذين قال عنهم أقرباؤهم أنهم مرتزقة”، وأضاف: “كيف لمئات الناس في إنحاء مختلفة من البلاد أن يتآمروا لحياكة الرواية ذاتها؟”.

وبحسب التقرير، يعمل ناشطون لصالح سي آي تي على مسح وسائل الإعلام الاجتماعية وسجلات أخرى لإثبات تورط الحكومة الروسية في إرسال مرتزقة إلى #أوكرانيا كما فعلت في سوريا.

وبحسب الاتفاقية الموقعة بين شركات الأمن والمتعاقدين الخاصين، يُمنع على المتعاقدين أو أفراد أسرهم التحدث إلى وسائل الإعلام عن أنشطتهم، الأمر الذي أفشل محاولات الأسوشيتد برس الاتصال بأقارب وأصدقاء القتلى منهم، كما أفاد التقرير أنا الناجين منهم يتلقون تعويضات سخية لقاء صمتهم.

وكان تنظيم الدولة الإسلامية قد نشر في وقت سابق من شهر تشرين الأول تسجيل فيديو يظهر فيه اثنين من الأسرى الروس قال إنهم كانوا يقاتلون في سوريا، حيث ذكر أحدهم أنه روماني زابولوتني والأخر قال أنه غويغوري تسوركانو. أما وزارة الدفاع الروسية فنفت أنهم من الجنود الروس، وذكرت تقارير إعلامية أنهم يعملون لصالح فاغنر، ومصيرهم ما يزال مجهول.

تجدر الإشارة إلى أن مجموعة فاغنر أُسست على يد المقدّم المتقاعد ديمتري أوتكين الخاضع لعقوبات أمريكية بعد أن قالت وزارة الخزانة أن الشركة جنّدت جنود سابقين للانضمام إلى الانفصاليين الذين يقاتلون في أوكرانيا، وقد ظهر أوتكين في مأدبة قدمها بوتين للكرملين تكريماً لقدامى المحاربين العسكريين.

كما يخضع يغجيتي بريغوزين للعقوبات الأمريكية، وهو رجل أعمال سان بطرسبورغ والذي تطلق عليه وسائل الإعلام الروسية اسم “طباخ بوتين” لامتلاكه مطاعم وشركات تموين استضافت قائد الكرملين وكبار الشخصيات الأجنبية على مأدبة عشاء. وقد وسّع بريغوزين أعماله خلال عشر سنوات ماضية أي منذ توطيد علاقته ببوتين، ليقدم خدمات أخرى للجيش.

وبحسب التقرير، كشفت مؤسسة لمكافحة الفساد يديرها زعيم المعارضة أليكسي نافالني سيطرة شركات بريغوزين على عقود وزارة الدفاع. وبناءاً على تعاملات الشركة واسعة النطاق مع وزارة الدفاع أدرجت الخارجية الأمريكية اسم بريغوزين ضمن قائمة عقوباتها المرتبطة بالصراع الأوكراني عام 2016.

إيفرو بوليس، من ضمن الشركات المرتبطة ببريغوزين، وبحسب فونتانكا فإن إيفرو بوليس أصبحت جبهة لعمليات فاغنر في سوريا. وكانت قد أعلنت في العام 2016 أن بيع المنتجات الغذائية هو نشاطها الرئيسي، ولكن في العام الحالي أعلنت أن الاستثمار وإنتاج النفط والغاز أصبح من نشاطاتها، كما افتتحت مكتباً لها في العاصمة السورية دمشق.

وجاء في التقرير أن الاسوشيتد برس حصلت على نسخة من عقدٍ موقع بين الشركة السورية للنفط التابعة للحكومة السورية وإيفرو بوليس، جاء في صفحاته الـ 48 أن الشركة الروسية سوف تحصل على نسبة 25% من عائدات إنتاج النفط والغاز في الحقول التي استعاد المقاولون السيطرة عليها من تنظيم داعش.

وبحسب فونتانكا: “العلاقات بين إيفرو بوليس وبريغوزين وثيقة، وأن هذه الشركة ما هي إلا غطاء لشركة فاغنر الخاصة والتي تحاول إضفاء الشرعية على هذه الشركة، ربما للاستخدامات التجارية في وقت لاحق”.

وللتحقق من العقد المبرم بين السورية للنفط وإيفرو بوليس، لم تتمكن الأسوشيتد برس من الوصول لمسؤولي الشركة، ووجد مراسل الوكالة مكتب الشركة في دمشق مغلقاً في تشرين الثاني. كما رفضت الدفاع الروسية الرد على اتصالات الوكالة.

من جانبها رفضت وزارة النفط والثروة المعدنية في سوريا الإجابة عند سؤالها عن الصفقة، وعند توجيه السؤال لوزارة الطاقة الروسية قالت إنه لا يمكن الكشف عن الأسرار التجارية ورفضت التعليق.

وبحسب محللين، فإن المقاولون الخاصين سيبقون على حالهم مع اقتراب انتهاء الحملة الروسية في سوريا.

وأوضح ليفيف أن الشركة تحاول ترسيخ قدمها في سوريا لأهداف ليست عسكرية فقط، فهناط حاجة لمن يحرس حقول النفط أيضاً.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة