عمل الأطفال بات شرطا لاستمرار حياة آلاف الأسر في حمص وحماة

عمل الأطفال بات شرطا لاستمرار حياة آلاف الأسر في حمص وحماة

هاني خليفة – حماة

جعلت ظروف الحرب الدائرة في سوريا على مدار سبع سنوات، الكثير من الأسر تعيش تحت خط الفقر، ما أجبرهم على الاعتماد على المساعدات الإنسانية الشحيحة بشكل رئيسي، ما دفعهم إلى زجّ أنبائهم في سوق العمل للحصول على لقمة عيشهم، إذ باتت ظاهرة عمالة الأطفال منتشرة بشكل كبير في مناطق سيطرة المعارضة وحتى مناطق النظام أيضاً، وخاصة لدى العائلات التي ليس فيها معيل.

ويقول الطفل محمد ذو الـ 11 عاماً من النازحين من مدينة #صوران بريف #حماة الشمالي إلى مدينة حماة، لموقع الحل، “أبكي عند رؤية بشوف الأطفال ذاهبين  إلى المدرسة بينما  أنا على الاستيقاظ باكرا لأذهب لبيع الحلويات قرب إشارة المرور، وذلك لأتمكن من مساعدة عائلتي بعد وفاة والدي جراء القصف”.

ويتابع محمد “لاتسمح والدتي بذهابي للمدرسة، تجبرني على الاستيقاظ والعمل لأنني أكبر أخوتي، أحب أن اشتري كرة، لكن مصروف البيت أهم”.

من جانبها، أوضحت براءة السعيد، ربة منزل قريبة من منطقة الصناعة في حماة، أن “الكثير من الأطفال يتعرضون للضرب والإهانة والألفاظ النابية من قبل أصحاب المهن، لكنهم مجبورون على العمل من قبل أهاليهم من أجل كسب المال، نتيجة الغلاء والظروف المعيشية الصعبة”.

أما أنواع الأعمال التي يمارسها الأطفال، فهي في الأغلب أعمال متعبة وشاقة ولا تتلائم مع بنية الطفل الضعيفة، فمنهم من يمارس أعمال نقل البضائع وتحميلها، ومنهم يمارس أعمال صيانة السيارات والميكانيك ومنهم من يعمل بائع جوال للبسكويت والمحارم، حيث اضطر كثير من هؤلاء الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين الـ 9 و 17 عاماً لترك دراستهم ليتفرغوا للعمل.

وبالانتقال إلى ريف حماة، يبين أحمد النعسان، صاحب ورشة ميكانيك تصليح سيارات، لموقع الحل، أن “أكثر الأطفال الذين يتجهون للعمالة هم من النازحين، ولا يلتحقون بالمدارس نظراً لنزوحهم المتكرر وعدم الاستقرار، لافتاً إلى أنه في ورشته ثلاثة أطفال أعمارهم تتراوح بين الـ10 والـ 15 عاماً يعملون لإعالة أسرهم، نتيجة فقدان المعيل لبعضها”.

أما في ريف #حمص الشمالي الذي تحاصره قوات النظام والقوات الأجنبية المساندة لها منذ خمس سنوات، فالأمر ليس بمختلف، إذ يبين الناشط الاجتماعي زاهر الياسين من منطقة الحولة، لموقع الحل، أن ” #عمالة_الأطفال في المناطق المحاصرة أصبح أمراً اعتيادياً، نظراً لحاجة الأهالي للمال، خاصةً وأن الغلاء والحصار أنهكا الوضع الاقتصادي لدى جميع سكان المنطقة”.

وشدد الياسين على أن “عمالة الأطفال في كافة مناطق سوريا تؤثر نفسياً وجسدياً على هؤلاء الأطفال، مؤكداً أن غالبية أصحاب المهن الميكانيكية وأصحاب الورشات يتعاملون مع الأطفال بعنف جسدي، وألفاظ نابية، تسبب للأطفال عقداً نفسية تؤثر سلباً على حياتهم المستقبلية، وبيئة عمل الأطفال تجعلهم عرضةً للأمراض والإصابات، كحوداث السير، أو الإصابات الجسدية أثناء تعاملهم مع الآلات الحادة والخطيرة، وقد تتسبب للطفل لبتر بالأطراف أو جروح خطيرة”.

وأشار الناشط إلى أن الحل الوحيد هو إعادة الاهتمام بالأطفال وعودتهم إلى مقاعد الدراسة من قبل المعنيين بالأمر وبدايةً الاهالي والمنظمات الإنسانية، كونهم قادرين على التأقلم من جديد مع الحياة وعودتهم إلى كتبهم ومتابعة تعليمهم، محذراً من إنشاء جيل كامل أمّي ومحطّم نفسيّاً، مطالباً بتوفير المدارس لهم، ومراكز حماية، والقيام بأنشطة ترفيهية، وجلسات إرشاد نفسي تؤهلهم للنهوض من جديد.

يشار إلى أن تقارير الأمم المتحدة تقول إن نحو 168 مليون طفل حول العالم أعمارهم بين 10 و18 سنة يعملون، ويشارك 85 مليون منهم في أعمال خطيرة، النسبة الأكبر من هؤلاء الأطفال في مناطق تشهد نزاعات مسلحة أو اضطرابات، وقدرت نسبة الأطفال السوريين العاملين بـ20بالمئة من إجمالي نسبة العاملين، مقارنة بـ10بالمئة قبل الاحتجاجات، ما يعني أن عدد الأطفال الذين دخلوا سوق العمل تضاعف في ظل الحرب بين أطراف متنازعة كثيرة في سوريا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.