حملة دعائية استهدفت الخوذ البيضاء خلصت إلى اتهامهم بأنهم منظمة إرهابية مرتبطة بالقاعدة، كشفت #الغارديان ملابسات الحملة التي تدعمها #روسيا في تقرير أعدته أوليفيا سولون وأوضحت أن السرد المضاد للحملة عبر الإنترنت كان من قبل شبكة من “النشاطين المناهضين للإمبريالية ونظريات المؤامرة والمدعومين من الحكومة الروسية التي تدعم النظام السوري عسكرياً”.

وأوضحت أن الخوذ البيضاء، والمعروفة رسمياً باسم الدفاع المدني السوري، هي منظمة إنسانية مكونة من 3400 متطوع يهرعون لإنقاذ المدنيين من تحت الأنقاض التي تخلفها القنابل، ولهم الفضل في إنقاذ آلاف المدنيين خلال الحرب الأهلية المستمرة في البلاد.

كما كشفوا جرائم حرب بما في ذلك هجوم بالسلاح الكيميائي في شهر نيسان ذلك من خلال بث تسجيل فيديو مباشر. وكان عملهم ذاك موضوعاً لفيلم وثائقي حاز على جائزة الأوسكار ورُشّح لجائزة نوبل للسلام.

وترى الصحيفة أنه وبالرغم من الاعتراف الدولي الإيجابي الذي تحظى به الخوذ البيضاء، هناك رواية مضادة تدفع بها شبكات وأفراد يكتبون لصالح مواقع إخبارية بديلة لمواجهة ما يعتبرونه الأجندات التي تبثها مواقع الأخبار الرئيسية، والذين تتفق آرائهم مع مواقف سوريا وروسيا وتتمتع بجذبها لجمهور هائل عبر الانترنت من خلال تضخيم رواياتهم من قبل شخصيات رفيعة المستوى في اليمين المتطرف وظهورهم على التلفزيونات الرسمية وجيش من الحسابات عبر التويتر. وتشير الصحيفة إلى أن الطريقة التي تعرضت لها المنظمة للهجوم تمثل حالة حرب معلومات، كما تكشف الغارديان عن الدور الذي تلعبه الشائعات ونظريات المؤامرة وأنصاف الحقائق التي تستند على عمليات البحث على يوتيوب وغوغل وتويتر في هذه الحرب.

وقد ألف الكاتب ديفيد باتريكاراكوس كتاباً يحمل عنوان “الحرب من خلال 140 كلمة ” يوضح فيه الدور الذي لعبته وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل نزاعات القرن الحادي والعشرين، وقال: “إن هذا هو قلب الدعاية الروسية. فقد حاولوا في السابق تصوير الاتحاد السوفييتي على أنه مجتمعاً نموذجياً من خلال الدعاية، أما اليوم فقد أصبح الأمر متعلقاً بإضفاء صورة مشوشة على كل قضية من خلال سرد الكثير من الروايات لذات الموضوع مما يزيد في صعوبة تعرف الناس على الحقيقة عندما يبحثون عنها “.

ويشير التقرير إلى أن الحملة ضدّ الخوذ البيضاء بدأت مع التدخل الروسي في سوريا في أيلول 2015، حيث بدأت المصادر الإعلامية الروسية مثل روسيا اليوم وسبوتنيك بالإعلان عن أن الهدف الرئيسي من الغارات هو القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية وإثارة الشكوك بشأن الغارات التي استهدفت بنى تحتية ومدنيين.

أما عن السبب الذي دفع روسيا لاستهداف الخوذ البيضاء في حملتها الدعائية وبحسب الصحيفة فهو لسببين: الأول عمليات الإنقاذ التي نفذها المنقذين وتوفيرهم لسيارات الإسعاف والإطفائيات وعمليات البحث تحت الأنقاض في مناطق النزاع. أما السبب الثاني فهو الكاميرات التي تعلّق على خوذ المنقذين والتي توثّق ما يجري داخل البلد، والتي ساعدت منظمات مثل أمنيستي إنترناشونال ومركز العدالة والمحاسبة السوري للتحقق من الشهادات التي كانت تصلها من سوريا عبر السكايب والواتس أب. وسمحت بالتحقيق فيما بعد في الغارات الجوية وما إذا كان المدنيين هم المستهدفين أم لا، وفيما إذا كان هناك وجود لقوات النظام على نقاط التفتيش، الأمر الذي عبرت عنه كريستيان بنديكت من منظمة أمنيستي إنترناشونال إنه: “مضر برواية الروس والسوريين”، وبحسب بنديكت فإن هذه اللقطات المسجلة لم تغضب نظام الأسد والسلطات الروسية فحسب، إنما أغضبت الكثير من الإعلاميين الذين يعملون في فضائهم.

وفي حديث للصحيفة مع عدد من الباحثين الذين يدرسون عمليات التضليل والدعاية عبر الإنترنت أكدوا وجود أدلة عن حملة تستهدف الخوذ البيضاء، فتحدث فيل مينزر أستاذ علم الحاسوب في جامعة إنديانا والذي طوّر أداة هوكسي لملاحقة عمليات نشر المعلومات المضللة عبر الإنترنت، أنه عندما يتم البحث عن “الخوذ البيضاء” تكشف الأداة عن عدد قليل من المصادر التي ولّدت مئات الروايات عن المنظمة والتي اعتبرها كالمصنع.

أما شركة غرافيكا التحليلية، فقامت بالبحث عن حملة التضليل بناء على طلب من مجموعة حقوق الإنسان سيريا كامبين، فوجدت أدلة على تنسيق الوقت والرسائل حول الأحداث الهامة في دورة الأخبار المتعلقة بالخوذ البيضاء.

ومع ذلك، تؤكد الغارديان وجود بعض الجهات المعزولة ضمن فرق الخوذ البيضاء والذين يتم استخدامهم لتشويه سمعة المجموعة بأكملها. حيث تم فصل أحد أعضاء المجموعة بعد أن تم تصويره وهو يساعد مسلحين في التخلص من جثث المقاتلين الموالين للأسد، كما تم تصوير آخرين يحملون البنادق في الوقت الذي عرّفت المجموعة نفسها على أنهم غير مسلحين، كما أظهرت لقطات أعضاء للمجموعة يسحبون جثة شخص تم إعدامه من مكان الإعدام، الأمر الذي فسر على أنه مساعدة للمقاتلين الذين قاموا بعملية الإعدام .

يُذكر أن الغارديان تشير إلى موقع اليمين البديل إنفوورز أنه من المواقع المحرّضة للحملة ضد المجموعة حيث اتهمهم بالارتباط بتنظيم القاعدة وأنهم حصلوا على الدعم من الملياردير جورج سورس بالرغم من عدم تلقيهم أي دعم منه أو من مؤسساته. كذلك المدونة فانيسا بيلي، ابنة دبلوماسي بريطاني زارت سوريا عام 2016 للمرة الأولى والتقت خلالها الرئيس بشار الأسد لمدة ساعتين كوفد مجلس السلام الأمريكي حيث وصفت اللقاء بأنه أكثر اللحظات فخراً. كذلك هو موقف الناشطة والكاتبة الكندية إيفا بارليت والتي قالت أن الخوذ البيضاء هي التي رتبت للهجوم الكيميائي الذي استهدف #خان_شيخون واستخدمت ضحايا سابقين في فبركتها للحدث.

وبحسب غرافيكا وهوكسي، فإن المدونة بيلي وموقع اليمين البديل هما الأكثر نشراً للمواد المتعلقة بالخوذ البيضاء بالإضافة إلى سبوتنيك وآرتي دوت كوم.

أما جيمس سادري، مدير سيريا كامبين، فقال للغارديان إن هذه الوثائق المسربة تقدم أدلة قوية عن محاولات الحكومة الروسية تعزيز دور بيلي كلاعب أساسي في الأداة الدعائية ضد المجموعة، وأنه يجب عدم التعامل مع بيلي، التي لم تزر سوريا إلا في العام الماضي، على أنها خبيرة محايدة في الصراع. وأكدت الغارديان محاولتها التواصل مع بيلي عدة مرات إلا أنها رفضت الإجابة على أسئلة الصحيفة. أما إيفا بارليت فقد عبرت عن عدم اهتمامها في موضوع تعرف نتائجه مسبقاً. وقد ظهرت بيلي في فيديو مدته 40 دقيقة _ بعد رفضها التجاوب مع الغارديان _ انتقدت فيه تغطية الغارديان للأحداث في سوريا كونها تعتمد على لقطات فيديو تسجلها منظمة مرتبطة بالقاعدة ألا وهي الخوذ البيضاء.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.