حسام صالح

عند البحث في تاريخ #الحروب والأزمات التي ضربت دول العالم، نلاحظ وجود ظاهرة انتشار تعاطي #المخدرات، والتي غالباً ما يكون دافعها “الهروب من الواقع المرير” بالنسبة للمتعاطين، أو جني أرباح طائلة بطريقة سريعة نوعاً ما بالنسبة للمتاجرين بها والذين قد يكونون من #الحكومة نفسها أو من الفصائل المتنازعة، فالمخدرات تشكل اقتصاد حرب بالنسبة لهم.

وتعتبر #سوريا واحدة من تلك الدول التي ضربتها آفة المخدرات وتفاقمت بشكل كبير، وبدأ انتشارها بأنواعها المتعدة “حشيش، حبوب، بودرة” وتصنيفاتهم اللامنتهية، وذلك بفعل #الحرب الدائرة منذ ما يقارب السبعة أعوام في البلاد، إذ أن الكلام عن هذه الظاهرة جاء عبر تصريح رسمي لوزارة العدل في #دمشق والتي أكدت أن “دمشق تستقبل يومياً نحو 10 حالات تعاطي وترويج وإتجار بالمواد #المخدرة، ونصف المتعاطين تحت السن القانونية”.

من أين تأتي المخدرات؟

بداية لابد من التفريق بين أنواع #المخدرات، فهي دائماً تأتي على شكلين الأول مادة “الحشيش” والثاني العقاقير #الطبية والمسكنات التي تنطوي تحت اسم المخدرات، لاستعمالها يومياً وبدون وصفة طبية، علماً أن هذين الشكلين يتخذان أنواعاً وأسعاراً مختلفة.

في بحثنا عن المادة الأولى “الحشيش”، وجدنا أنها تأتي على نوعين “البعلبكية” و”الأفغانية”، ويستخدمها معظم متعاطي #المخدرات في سوريا، أما عن مصدرها يقول “أبو أنس” وهو أحد موزعي مادة #الحشيش في دمشق ويعمل عنصراً في مليشيا الدفاع الوطني، لموقع “الحل السوري”، إنها “غالباً ما تأتي من لبنان عن طريق #الأشخاص أصحاب النفوذ من حزب الله اللبناني، فهم من يسيطر على السوق حالياً ولا تدخل أي بضاعة إلا بمعرفتهم”، مضيفاً أن “هناك بضاعة (حشيش) تأتي من مناطق سيطرة #المعارضة، وغالباً ما تكون قادمة من تركيا”.

من جهة أخرى، قال أحد الصيادلة في العاصمة دمشق عن مصدر الأدوية #المخدرة والمسكنة الموجودة في سوريا ودمشق تحديداً: “هناك أنواع لا تحصى من الأدوية التي يكون فيها مخدر، علماً أن جميعها ممنوع من البيع إلا بوصفة طبيب وبكمية معينة، أبرز هذه الأدوية والأكثر انتشاراً بين المتعاطين هو (ترامادول Tramadol) أو #الأحمر كما يسميه العامة، وهو عقار مخدر يتم انتاجه محلياً في سوريا من عيار 50 مغ، لكن هناك أنواع مهربة كان آخرها التفاح الأحمر وهو ترامادول من عيار 225 مغ هندي المنشأ”.

وأضاف الصيدلي، أن “هناك عقار الزولام والبالتان وهي أدوية توصف لمرضى انفصام الشخصية والأمراض #النفسية والعصبية، والسيتاكودئين ودواء السعال سيمو، إضافة إلى أنواع أخرى، وجميعها ممنوعة من البيع إلا بوصفة طبية، لكن أصبح هناك سوق سوداء وبعض الصيادلة يجنون أرباحاً طائلة من ورائها نتيجة بيعها بالحبة وبأضعاف سعرها الأصلي”.

“المشط بـ3 آلاف”!

في البحث عن أسعار تلك الأنواع من #المخدرات، ولدى سؤال أكثر من شخص عن طرق البيع، وجدنا أن مادة “الحشيش” متوفرة بشكل كبير، إذ يقول “أحمد” وهو طالب جامعي: إن “الأمر بكل بساطة يتم عبر رسالة على برنامج الواتس آب أو مكالمة هاتفية لأحد الباعة المنتشرين في كل مكان وطلب (نص ربع) منه وتعني وزنة مقدارها 12.5 غرام”.

وتابع أحمد، بالقول إن “سعر الوزنة يختلف من بائع لآخر، حيث أن (البعلبكية) القادمة من #لبنان هي الأفضل ويبلغ سعرها 14 ألف ليرة، وهناك أصناف أعلى جودة يصل سعرها لـ20 ألف ليرة، وهناك #الأفغانية التي نسميها الشقرا، ويتراوح سعر الوزنة منها بين 12 و15 ألف ليرة”، مشيراً إلى أن “الوزنة الواحدة (أي 12.5 غرام) يصنع منها بين 15 و20 سيجارة، وتكفي لمدة أسبوع واحد، وغالباً ما يشترك عليها عدة أشخاص يدخنوها سويةً”.

ورداً على سؤالنا حول معرفته بالحبوب #المخدرة ومدى انتشارها، أجاب أحمد: “معظم من أعرفهم يتعاطون الحشيش فقط، حتى أن الحشيش وصل لطلاب #المدارس ويباع الغرام منه بألف ليرة سورية ويكفي لسيجارة أو سيجارتين، لأن هناك اعتقاد أنه ليس مضر ومتوفر بشكل أكبر من الأدوية التي بيعها يتم تحت رحمة الصيدلي”.

وحول أسعار #الحبوب الرائجة، سألنا أحد الصيادلة في منطقة “المجتهد” بالعاصمة دمشق، والذي أكد أن “عملية بيع الحبوب حالياً تتم خارج نطاق الصيدليات، فموزع مادة #الحشيش يوزع الحبوب المخدرة أيضاً ويبيعها بالحبة أو بالظرف، إلا أن هذا الكلام لا يعني أنه ليس هناك صيادلة يقومون ببيعها خارج نطاق الوصفات الطبية لجني أرباح مضاعفة”.

وأوضح الصيدلي أن “أشهر الأنواع المتداولة (الترامادول)، يباع رسمياً بحوالي 180 ليرة سورية للعلبة، فيما يصل سعر الظرف الواحد الذي يحوي 10 حبات بين 1500 و 3 آلاف #ليرة، كما يوجد عقار البالتان ويوصف للمرضى النفسيين ويباع رسمياً بـ250 ليرة، بينما يباع الظرف بحوالي 1500 ليرة، إضافة إلى دواء #الهيكزول ويباع رسمياً بـ200 ليرة وفي السوق السوداء بـ3 آلاف ليرة”.

وأشار إلى أن “هناك نوع جديد يعرف باسم الزولام وهو #مهدئ تباع العلبة منه بنحو 250 ليرة، وفي السوق السوداء بنحو 3 آلاف ليرة، ومن الأنواع الجديدة أيضاً الترامادول الهندي، أو كما يسميه العامة تفاح هندي وهو نوع دخل إلى سوريا عن طريق #التهريب، من عيار 225 مغ ويباع بسعر الترامادول العادي بـ1500 ليرة لكن مفعوله أقوى بكثير، إضافة إلى شراب #السعال الأخضر وغالباً مايتم شربه بعد تناول الحبوب المخدرة ليعطي مفعولاً أقوى”.

اعتراف حكومي

وعن التصريحات الرسمية حول هذا الموضوع، فقد أكد رئيس غرفة #الجنايات بمحكمة النقض أحمد البكري، في آذار الماضي، أن “هناك ارتفاعاً كبيراً في #المتاجرة والترويج والتعاطي لمادة المخدرات”، معلناً أن “نسبة الدعاوى المتعلقة بجرائم المخدرات بلغت 15 % من نسبة الدعاوى المنظورة أمام محكمة النقض”. في المقابل تشرع كل من وزارتي #العدل والداخلية في حكومة النظام على تعديل قانون مكافحة المخدرات، لارتفاع معدل التعاطي والترويج والمتاجرة بهذه المادة

فيما لم نجد في بحثنا أي تصريح رسمي حول مصدر مادة “الحشيش” أو طرق دخول #الحبوب المخدرة، إذ يرى مراقبون أن “حزب الله” اللبناني هو المصدر الأول لهذه المادة في #سوريا كونه يعمل على زراعتها في أراضيه، حيث أصبحت سوريا من أهم دول التي تمر عن طريقها #المخدرات وتصدر إلى باقي الدول بفعل نشاط #إيران وحزب الله في المناطق الساحلية السورية.

ويشار إلى أن السلطات #المصرية، قامت خلال شهر تشرين الثاني الماضي، بإيقاف باخرة تحوي على 6 طن من مادة #الحشيش قادمة من محافظة اللاذقية السورية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة