عمالة الأطفال في دمشق وريفها: ماذا يدفع الطفل مقابل وجبة طعام؟!

عمالة الأطفال في دمشق وريفها: ماذا يدفع الطفل مقابل وجبة طعام؟!

سليمان مطر – ريف دمشق

انتشرت خلال الفترة الأخيرة ظاهرة عمالة الأطفال في #دمشق وريفها بشكلٍ كبير ومضاعف مقارنة بالفترة التي سبقت تردي الأوضاع المعيشية والإنسانية في المنطقة قبل عامين، فبين حصار قوات النظام لمناطق سيطرة المعارضة، وغلاء الأسعار في مناطق سيطرته، وانعدام الرقابة العامة بشكلٍ عام، يعد الأطفال الشريحة الأكثر تضررا.

الناشط عمار القدسي تحدث لموقع الحل السوري عن عمالة الأطفال في منطقة #جنوبي_دمشق، حيث تنتشر في مناطق سيطرة المعارضة في #يلدا و #ببيلا و #بيت_سحم، بشكل كبير، واجتمعت عدة أسباب لانتشار هذه الظاهرة، أبرزها فقدان المعيل بسبب ظروف الحرب في المنطقة، او بتعرضه للاعتقال، إضافةً لغلاء المعيشة بشكلٍ كبير مع انعدام فرص العمل بسبب الأوضاع الأمنية في المنطقة، الأمر الذي دفع بمئات الأطفال لترك دراستهم والبحث عن مصدر للرزق”.

في حين أكدّ أنّ منطقتي #مخيم_اليرموك و #التضامن الواقعتين تحت سيطرة تنظيم داعش، يتم فيهما الزج بالأطفال في صفوف التنظيم عبر ما يسمى بمدارس أشبال الخلافة، حيث يتم تنشئتهم على معتقدات التنظيم، دون مراعاة أعمارهم، أو النظر إلى أوضاعهم الصحية والتعليمية”.

واعتبر القدسي أنّ لظاهرة عمالة الأطفال “منعكسات خطيرة للغاية، حيث تنعدم الرقابة بسبب الأوضاع الحالية في المنطقة، ولا تتوقف المشكلة عند التسرب من المدارس والخطر التعليمي، بل تتعداه لعادات غير صحية ومحظورة، مثل الاعتياد على التدخين أو تعاطي عقاقير ومواد مخدرة، حيث تنتشر بسهولة في ظل عدم وجود هيئات منظمة للحد منها في المنطقة”، حسب قوله.

فيما ترى ياسمين الأحمدي (معلمة من الغوطة الغربية) أنّ ظاهرة عمالة الأطفال “تكاد تكون شرعية في المنطقة التي تسيطر عليها قوات النظام عبر اتفاقيات مصالحة، حيث يعمل ثلاثة من بين كل عشرة أطفال، بحسب إحصائية محلية قبل أشهر في بلدة #سعسع، وينعكس ذلك على واقعهم التعليمي والصحي والاجتماعي بشكلٍ كبير، كما يتم استغلال الأطفال في أعمال شاقة مقابل مبالغ مادية زهيدة، حيث يقعون ضحية لجشع بعض التجار وأصحاب المصالح في المنطقة، إضافةً لذلك فقد تم تسجيل حالات اعتداء جنسي على عدد من الأطفال الذين تسربوا من مدارسهم وبدأوا بمزاولة أعمال يومية للحصول على مبالغ مالية تساعدهم في تدبر أمورهم المعيشية”، حسب وصفها.

أما في منطقة #الغوطة_الشرقية التي تسيطر عليها فصائل المعارضة المسلحة، وتحاصرها قوات النظام بشكلٍ كامل منذ أكثر من شهرين ونصف، فقد أكدّ الناشط منتصر أبو زيد لموقع الحل أنّ “عمالة الأطفال باتت إجبارية، حيث يضطر بعض الأهالي لتعطيل أبنائهم من المدارس بحثاً عن لقمة العيش التي أصبحت مكلفةً للغاية، بسبب غلاء الأسعار نتيجة الحصار المفروض على المنطقة، كما أنّ القصف الذي تنفذه قوات النظام على المنطقة بين الحين والآخر تسبب بمقتل عشرات المدنيين، وبالتالي فقدان المعيل لكثير من الأسر، التي لا تجد سوى عمل أبنائها وبعض المساعدات الإغاثية لتسد حاجتهم الملحة للغذاء والدفء والدواء”.

في الوقت نفسه أكدّ عمر عبد الباري (صاحب محل تجاري في العاصمة #دمشق) أنّ عمالة الأطفال في العاصمة مختلفة الأشكال، وهي بمعظمها استغلال للطفل، حيث يقوم بعض الأشخاص بتقديم الطعام والمأوى لأطفال مشردين مقابل عملهم بالتسول في شوارع العاصمة لصالحهم، ويتم ذلك بشكل علني مع تراخي حكومة النظام في التعامل مع المشاكل الاجتماعية والالتفات فقط للوضع الأمني والسياسي”.

وأكدّ المصدر أنّ “معظم الأطفال الذين يقعون ضحية لهذه الظاهرة هم من #النازحين من المناطق المشتعلة، حيث يواجهون مع أهاليهم حالة معيشية قاسية تبدأ من العيش في الحدائق وتنتهي بالاستغلال بكافة أنواعه، و يتم أيضاً تشغيل بعض الأطفال في خدمة المطاعم والحدائق مقابل حصولهم على وجبة طعام أو مبالغ زهيدة، على الرغم من عملهم لساعات طويلة دون راحة”، وفق وصفه.

وبهذا فإنّ ظاهرة #عمالة_الأطفال تفتك بأطفال المنطقة بشكلٍ كبير، حيث اتفق الناشطون والعاملون في دمشق وريفها على آثارها السلبية، ونتائجها الكارثية على #الأطفال والمجتمع بشكلٍ عام، وتستمر هذه الظاهرة بالانتشار دون جهود واضحة للحد منها وإيقافها، من الجهات التي تسيطر على المنطقة، أو حتى من المنظمات والمؤسسات الدولية المعنية بالشؤون الإنسانية، والتي لا تقوم بمهامها المفترضة بهذا الخصوص، حيث لم يتم إجراء إحصائيات أو بحوث متعلقة بهذا الشأن نهائياً، الأمر الذي يعتبر مؤشراً سلبياً للغاية يساهم في تعقد الوضع الاجتماعي في ظل الحرب، بحسب ناشطين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.