حسام صالح

لم يكن يعرف “أحمد”، الشاب السوري الثلاثيني، أن #الزواج يحتاج إلى سنوات عديدة ليتمكن من إنجازه، ليس لصعوبته، فأحمد اجتاز حدود 6 دول مشياً على الأقدام وصعد #الجبال وعبر البحار للوصول إلى #أوروبا وتحديداً ألمانيا، لكنه في نفس الوقت عجز عن #الزواج لارتفاع تكاليفه في دولة لا يُعتبر فيها مهر #العروس شيئاً أساسياً، لكنه أصبح أمراً واقعاً لدى السوريين والعائلات اللاجئة هناك، فمهر الفتاة أصبح مقروناً بطريقة قدومها وكم أُنفق عليها، فأصبحت ظاهرة عامة لأبناء بلد أثرت #الحرب على الكثير من عاداتهم وتقاليدهم.

المهر بـ”اليورو”

يقول أحمد، وهو شاب من مدينة #دمشق وصل إلى ألمانيا بداية عام 2015 ويعيش بالقرب من مدينة برلين: “بعد عامين من وصولي إلى #ألمانيا بدأت أفكر في موضوع الزواج وأصبحت في السن المناسب، وتعلمت اللغة الألمانية وانخرطت بسوق #العمل، تعرفت على فتاة سورية تبلغ من العمر 23 عاماً، وذهبت حسب الأصول وطلبتها للزواج من والدها، فكان الجواب صادماً بكلمة (موافقين بس بدنا 12 ألف يورو) وهو مهر للفتاة وللحفاظ عليها في الغربة!”.

وتابع الشاب السوري، “شعرت بالصدمة من هول #المبلغ، ووالد الفتاة يعرف تماماً ما يتقاضاه اللاجئ السوري في ألمانيا، وهو يكاد لا يكفيه، خصوصاً ومعظم الشباب يرسلون لعائلاتهم مبلغاً من #المال يساعدهم على العيش في سوريا”، وأضاف ساخراً “العديد من أصدقائي جرى معهم نفس الموقف لكن بمبالغ متفاوتة، فقررنا تأجيل الفكرة لحين عودتنا إلى سوريا”.

تحدثنا إلى مجموعة من الشباب المتواجدين في دول اللجوء #الأوروبية، وكانت لهم قصص مشابهة، والذين أكدوا أن والد #الفتاة يقيّم مهر ابنته على أساس “كم كلفته للقدوم إلى أوروبا، والتي تتراوح بين 4 و15 ألف يورو”، كما يشترط بعض الآباء أن يكون مرتب الفتاة الشهري الذي تحصل عليه كمعونة للوالد ولا يحق للعريس المطالبة فيه بعد #الزواج، والبعض الآخر يطلب أن يُكتب باسم الفتاة عقاراً في سوريا في حال عدم توفر المهر المطلوب.

ويُقدّر عدد اللاجئين السوريين في عموم أوروبا بـ 550 ألف لاجئ سوري، معظمهم استقروا في ألمانيا، حسب إحصائية صادرة عن الحكومة #السورية المؤقتة عام 2016.

حقوق العروس

لم نكتفي بسؤال الشباب عن مسألة غلاء المهور، فتحدثنا إلى “هيفاء” وهي سيدة سورية خمسينية أم لفتاتين في سن #الزواج ويقيمن في النمسا، فتقول عن رأيها بالموضوع “نحن لا ننكر أن الكثير من العادات والتقاليد تغيرت، لكن مسألة #المهر أمر طبيعي وهي ليست عالية مقارنة بألمانيا، فالشاب الذي يعمل وحاصل على إقامة يتقاضى بين 1500 و2000 يورو، وبالتالي مبلغ 7 أو حتى 10 آلاف يورو لن يكسر ظهره” بحسب تعبيرها.

وأضافت “هناك سبب آخر لقيام بعض #العائلات برفع قيمة المهر، لا سيما وأننا في بلد غريب ولا نستطيع مثلاً أن نسأل عن شاب طلب يد ابنتي من مدينة #الرقة ونحن من دمشق، فيكون هذا المهر بمثابة ضمان لحقوق الفتاة، سيما وأن ظاهرة #الطلاق قد أصبحت شائعة بين السوريين هنا وسهلة للغاية”.

وتابعت هيفاء قائلةً: “للصراحة، السوريون هنا لا يملكون سلطة على بناتهم، وأكثر #الفتيات هنا لا ترغبن في فكرة الزواج، ويحاولن أن يبنين شخصياتهن في هذا البلد الذي يمنحهن الكثير من حقوقهن التي كانت غائبة في سوريا، وبالتالي فإن عدد الفتيات اللواتي يرغبن في الزواج قليل في أوروبا، وخصوصاً أن أغلب #اللاجئين من الشبان”.

وبحسب من التقيناهم، فإنه وفي حال تمت الموافقة على #المهر فيجب أن يقبضه أهل العروس قبل “كتب الكتاب”، الذي يقوم شيخ سوري أو تركي بعقده بين الطرفين، أو قبل تثبيته لدى السلطات الألمانية.

تكلفة الزواج

وفي مجمل سؤالنا لجميع من تحدثنا معهم عن تكلفة زواج #السوريين في أوروبا تراوحت الإجابات بحسب ما أصبح شائعاً كالآتي: “المهر وهو المرحلة الأولى ويتراوح بين 4 آلاف و 14 ألف يورو كمقدم ومثلهم كمؤخر، على أن يكون المقدم مقبوض والمؤخر غير مقبوض، وفيما يخص #الذهب فيتم الاتفاق عليه ويتراوح بين 2000 و5 آلاف يورو، وأيضاً هناك “ملبوس البدن” ويكون بتجهيز #العروس من حاجيات وثياب وهو بين 2000 و4 آلاف يورو، إضافة إلى تجهيز كماليات #المنزل كغرفة نوم جديدة وبعض الحاجيات الأخرى والتي تتراوح بين 1000 و4 آلاف يورو، وحفلة الزفاف وإن كانت متواضعة بين 1000 و1500 يورو”.

وعلى أساسه، قام موقع الحل السوري بحسبة بسيطة حول تكلفة #الزواج ككل، وذلك بحساب الحد الأدنى حيث بلغ 10 آلاف يورو، وبالتالي إذا كان #السوري في أوروبا يتقاضى معونة شهرية وسطياً 500 يورو فإنه يحتاج 4 سنوات لتأمين هذا المبلغ في حال قام بصرف نصف المرتب فقط، و حوالي 6 سنوات في حال صرفه 250 يورو وإرسال 100 يورو لأهله في #سوريا شهرياً، وفي حال كان #الشاب يعمل وكان دخله الشهري وسطياً 1200 يورو وقام بصرف نصف راتبه فإنه يحتاج إلى سنتين لتأمين #المبلغ، علماً أن نسبة قليلة من السوريين لا يتلقون معونة من السلطات الحكومية في بلدان اللجوء”.

النمط الغربي!

“الشبان السوريون أصبحوا يميلون للنمط #الغربي في الزواج” بهذه العبارة وضحت الخبيرة في علم النفس الاجتماعي (لبنى أبو المجد) والمقيمة في ألمانيا سبب عدم الإقبال على الزواج لدى السوريين في #أوروبا، لافتة إلى أن “حالات الزواج في الدول الأوروبية قليلة جداً، ويعود هذا لتغير العادات الاجتماعية وأن الزواج هو (سترة) للفتاة، خصوصاً وأنها أصبحت تملك استقلالية وتأخذ معونات ولها نفس حقوق #الشاب، وبالتالي مسألة الاعتماد عليه في العمل أو تخلص #الأسرة من ابنتهم لعدم قدرتهم المادية أصبحت من الماضي”.

وأضافت الخبيرة، أن “الشبان حالياً يفكرون بالزواج من #الأجانب وكذلك الفتيات أيضاً، حتى أن هناك تقارير وإحصاءات تقول إن حالات #الطلاق تخطت الـ 50% للسوريين في الدول الأوروبية، فأصبحت المسألة مخيفة لدى #الراغبين في تزويح بناتهم، وهذا بالطبع يؤثر على وجود السوريين ككتلة قوية متماسكة في المجتمعات #الأوروبية، بعكس #الأتراك الذين بنوا طابعهم الخاص في ألمانيا ومازالوا متمسكين بعاداتهم وتقاليدهم”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة