قالت صحيفة لوموند الفرنسية في عددها الصادر بتاريخ 03/01/2018 أنه منذ سقوط الرقة العاصمة القديمة لتنظيم الدولة الإسلامية في تشرين الأول من العام الماضي، تم اعتقال العديد من الفرنسيات وغالباً مع أطفالهن من قبل #قوات_سورية_الديمقراطية المدعومة من قبل الولايات المتحدة. وبحسب مصادر اللوموند، فإنه يوجد على الأقل عشر معتقلات فرنسيات في مخيمات النازحين السوريين بخلاف ما تبقى من المدنيين الفارين من المعارك.

من ضمن المعتقلات الفرنسيات وفق الجريدة، إحدى رائدات الجهاد “إيميلي كونينغ” 33 عاماً. ذهبت إلى سوريا عام 2012، وهي مسجلة على قائمة الإرهاب السوداء منذ عام 2015 في الولايات المتحدة الأمريكية. توقيف هذه الجهادية أعلنته مصادر أمنية منذ يومين وتم تأكيده للوموند من قبل مصادر محلية  كذلك من قبل خالد عيسى ممثل كردستان سوريا في #باريس. فقد تم إلقاء القبض عليها خلال معارك جنوب الشدادي شمال – شرق سوريا في بداية كانون الأول من العام الماضي. وهي الآن محتجزة في مخيم للنازحين قرب #الحسكة ليس بعيداً عن الحدود التركية – السورية.

في إشارة إلى الحرج الذي تتعرض له السلطات الفرنسية بشأن هذا الموضوع، فإن اللوموند لم تتمكن من التأكد من صحة الخبر من أي مصدر رسمي توجهت له بالسؤال. فوزارة الداخلية ترمي بالكرة في ملعب وزارة الخارجية والتي بدورها تطلب الاتصال بوزارة العدل أو الداخلية. وفي نهاية اليوم، كان جواب قصر الإليزيه: “لا تعليق”!

كل حالة على حدة

تأني باريس بشأن هذا الملف آتٍ من تعقيداته. فقد أوجز إيمانويل #ماكرون سياسة الدولة الفرنسية بخصوص النساء والأطفال الفرنسيين المعتقلين في سوريا في تشرين الثاني المنصرم بعبارة: “ستتم معالجة كل حالة على حدة”. الأمر الذي يتماشى معه تماماً الجانب الكردي، حيث صرّح ممثل كردستان سوريا في باريس: “نحن قادرون على محاكمتهم في سوريا، أو إعادتهم للسلطات الفرنسية، سيتم احترام رغبة باريس”.

الكرة الآن في ملعب فرنسا. وبحسب إحدى الفرنسيات المعتقلات في سوريا “لم تتم زيارة أية معتقلة في مخيمنا من قبل ممثل عن الدولة الفرنسية ولا حتى تم الاستماع إليها من قبل المخابرات”. فكل فرنسي معتقل بالخارج يتمتع نظرياً بحق الزيارة من قبل القنصلية الفرنسية، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء يتناغم مع سمفونية وسياسة “كل حالة على حدة”.

وفي ضوء جهلهنّ بالمصير الذي ينتظرهن، فقد كتبت اثنتان من المعتقلات من قبل القوات الكردية إلى إيمانويل ماكرون في أول يوم من السنة الجديدة بهدف لفت انتباهه إلى وضعهن. حيث عرّفن عن أنفسهن “كضحايا” لبروباغندا الدولة الإسلامية، وطلبن إعادة ترحيلهن إلى فرنسا لتتم محاكمتهن هناك. إحداهن شابة وأم لطفلين تدعى ماري دوزي وقد ناشدت الرئيس الفرنسي كذلك عبر رسالة عن طريق محاميها.

إيميلي مونينغ: باسوناريا النقاب

هل من المرجح محاكمة الجهاديات الفرنسيات المعتقلات من قبل القوات الكردية في سورية أم في فرنسا؟ ما هي المعايير التي سيتم الاستناد إليها لتقرير مصيرهن؟ ما هي العناصر المادية التي سيتم الاستناد إليها؟ فكلهن لسن بالخطورة نفسها، كما أن كمية المعلومات التي جمعتها المخابرات عن أنشطتهن في سوريا تختلف من جهادية إلى أخرى. حالة إيميلي كونينغ المصنفة من أهم من قاموا بتجنيد الجهاديين، هي بلا شك الأكثر توثيقاً.

هي ابنة رجل أمن سابق، ولدت عام 1984 في قرية موربيهان بإقليم البروتون، وكانت من أوائل الفرنسيات اللواتي التحقن بتنظيم داعش. اعتنقت الإسلام بعمر السابعة عشرة. ناشطة سلفية منذ أيامها الأولى، حيث ارتدت النقاب والذي أصبح أحد قضايا حياتها. كانت معارضة لقانون عام 2010 الذي منع النقاب الكامل في الأماكن العامة. حيث أبرزت بعنف التزامها بالنقاب والذي نعتته “بالجلد الثاني” خلال مقابلة لها مع عالمة الاجتماع آنييس دو فيرو قبل مغادرتها إلى سوريا سنة 2012. قد كانت تنشر حينها مقاطع فيديو تهاجم فيه الأشخاص الذين لا يرتدون الحجاب أو رجل الشرطة الذي يطلب منها الكشف عن وجهها.

من النقاب إلى الجهاد

من وجهة نظرها، هذا الشعور بالاضطهاد كان الدافع الرئيسي لإقناعها بالالتحاق بسوريا. ففي محادثة تلفونية مع والد زوجها السابق في نهاية عام 2013، تعود إيميلي إلى تلك الفترة: “كان لدي مشاكل مع العدالة. فقد كنت ارتدي الحجاب الكامل وقد تم توقيفي عدة مرات وبعدها جمّدوا كل حساباتي. لقد ألحقوا بي الكثير من الضرر فقط بسبب ارتدائي الحجاب الكامل”.

لكن إيميلي كونينغ لم تلفت أنظار المخابرات إليها فقط بسبب ارتدائها النقاب، وإنما بسبب انضمامها لجماعة “فرسان الفخر الإسلامي” وهي مليشيات خاصة أسسها عام 2010 محمد الشملان والذي حُكم عليه بالسجن لمدة تسعة سنوات عام 2015.وقد تم حظر هذه الجماعة سنة 2012.

خلال السنوات التي قضتها في النشاط، شاركت إيميلي كونينغ في العديد من الأعمال قرب جامع لوريان حيث كانت تقوم بتوزيع مناشير تدعو إلى الجهاد. كما أنها شاركت في مظاهرات نظمها متشددون إسلاميون في باريس. وفي نهاية عام 2012، قررت إيميلي التخلي عن طفليها لتواصل معركتها في سوريا.

نشاطات إيميلي كونينغ لم تضعف على أرض “الخلافة”، فهي تعتبر من أهم من قاموا بتجنيد الجهاديين معتمدةً على البروباغاندا الجهادية. فكانت تنشر مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها مقطع نُشر على اليوتوب سنة 2013 تظهر فيه إيميلي وهي تطلق النار. في نفس العام، نشرت مقطعاً آخر توجهت من خلاله بكلمة إلى أطفالها في فرنسا متحدثة عن السلفية الجيدة.

في 12 حزيران من عام 2015، أصدر القضاء الفرنسي مذكرة توقيف بحق إيميلي كونينغ. وهي على القائمة السوداء للأمم المتحدة الخاصة بالأشخاص الأكثر خطورة، فهي متهمة بالقيام بنشاطات أصولية والتحريض على ارتكاب أفعال عنف ضد فرنسا. أحد أزواجها في سوريا ويدعى “أبو محمد” والمولود في مدينة نيم الفرنسية لقى حتفه سنة 2015. وبحسب والدتها، فإن  إيميلي قد وضعت هناك ثلاثة أطفال وهم معتقلون معها اليوم لدى القوات الكردية. ويطالب محاميها اليوم بإعادتها مع أطفالها الثلاثة إلى فرنسا لتتم محاكمتها على الأراضي الفرنسية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.