نشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقالاً كتبه حسّان حسّان مفاده أن الخسائر الإقليمية للدولة الإسلامية في #سوريا و #العراق تعني أن أعضاء الدولة الإسلامية يشعلون أعمال تمرد طائفية في أماكن أخرى. فركّز الكاتب في مقاله على أعمال العنف التي ينفذها التنظيم ضد الشيعة والتي تشعل فتيل الحرب الطائفية بين التنظيم وإيران التي تفرض وجودها في الشرق الأوسط. فبدأ مقاله بالقول:

لقد سُحقت الخلافة في كل من سوريا والعراق من خلال الطائرات الحربية الأمريكية والسورية والروسية والجيوش الشعبية المدعومة من قبل إيران والقوات الكردية والجيوش المنطلقة من كلّ من دمشق وبغداد.

فيوم الخميس الماضي، قُتل العشرات من المدنيين في العاصمة الأفغانية في هجومٍ انتحاري استهدف مركزاً ثقافياً شيعياً في #كابول. كان الهجوم هو آخر الهجمات المستمرة من قبل أحد الفروع التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، وأثبت الهجوم بدوره مرونة التنظيم بالرغم من الحملة الشرسة المستمرة ضده في الشهور الأخيرة.

وبحسب ما نشرته قناة أعماق الإخبارية التابعة لداعش، فقد وقعت ثلاثة تفجيرات عنيفة في المجمع الذي يضم وكالة أنباء، ثم فجّر انتحاري نفسه بين الحشود في مركز تبيان الثقافي. ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 41 شخصاً وإصابة 90 آخرين.

وقد جاء الهجوم الأخير على الرغم من الحملة المكثفة التي تقوم بها الولايات المتحدة وأفغانستان لاجتثاث التهديدات المزدوجة المنبثقة عن داعش وطالبان بشكل خاص بعد تولي دونالد ترامب منصبه في كانون الثاني الماضي. وبالرغم من الإجراءات الأمنية والعسكرية المكثفة، تمكنت الدولة الإسلامية من إثارة الخوف في العاصمة الأفغانية بشأن قدرتها الدائمة على تنفيذ الهجمات.

وبحسب المقال’ فإن الولايات المتحدة استهدفت قاعدة عسكرية لداعش في #أفغانستان في شهر نيسان، لكنَّ حملتها التي لا تكل فشلت في استئصال التنظيم. فقد أشار خبراء ومسؤولون إلى جهود داعش الناجحة في تأسيس جذور لها داخل العاصمة وتجنيدها للعشرات من الأعضاء المحليين بما فيهم الأطفال.

فرع التنظيم في أفغانستان ينافس مقاتلي طالبان الذين لديهم صلات أعمق مع البلد، لكن داعش تمكن من تعميق وجوده. ويشير الهجوم الذي وقع داخل العاصمة إلى أن المجموعة تطورت بنجاح من منظمة يقودها أجانب إلى منظمة محلية متزايدة في الاتساع.

وبغض النظر عن استمرار التنظيم في أفغانستان، فإن طبيعة الهجوم الذي وقع يوم الخميس هو مرآة لما سيحصل عندما تفقد داعش خلافتها في سوريا والعراق. وفي بيانها عن الاعتداء، ادعت وسائل إعلام داعش أن المركز الثقافي تم تمويله ورعايته من قبل إيران، وأضاف البيان أن المركز الثقافي هو أحد أبرز مراكز التبشير للشيعة في أفغانستان، وأنه سوف يتم إرسال شباب أفغان إلى #إيران لتلقي دراسات أكاديمية على أيدي رجال دين إيرانيين.

سعت داعش إلى تسويق نفسها على أنها مدافع عن السنة في جميع أنحاء المنطقة، وكان اختيار الكلمات في بيانها يهدف إلى دفع تلك الرسالة. ومن المرجح أن يكون الموضوع الطائفي هو المحور الأساسي للمجموعة في السنوات القادمة، حيث إنها تتراجع من الخلافة إلى التمرد. ويساعد سردها الطائفي الجماعة على طرح “إيديولوجية متاخمة” من أفغانستان إلى سوريا عوضاً عن الخلافة التي يبدو أنها تلاشت. فبحسب المقال، رسالة التنظيم إلى أتباعه تفيد بأن ضحايا هجومها كانوا جنوداً محتملين في الجيش الذي تشكّله إيران في كل مكان.

إن تقديم التنظيم نفسه كخط دفاع أخير ضدّ إيران سيضمن أن يكون لعملياته المحلية موضوعاً إقليمياً عام حتى وإن خسر الخلافة. كان ذلك موضوعاً متكرراً منذ تصاعده في عام 2014، بحسب المقال. ولكن المجموعة ركزت بشكل متزايد على الطائفية، ليس فقط ضد الشيعة، إنما أيضاً ضد المسيحيين والأقليات الدينية الأخرى.

في تشرين الأول الماضي، أسفر هجوم انتحاري، نفذه أشخاص مرتبطون بالمجموعة، عن  مصرع   57 مصلّ على الأقل في مسجد للشيعة في كابول. وبحسب المقال، فإن تركيز داعش الطائفي يجعل استمرار وجوده مثيراً للقلق بشكل كبير بالنسبة للبلد والمنطقة ككل. كما أعلنت المجموعة _ بعد يوماً واحداً من هجوم كابول _ مسؤوليتها عن إطلاق نار مسلح على كنيسة للأقباط في القاهرة مما أسفر عم مقتل حوالي 12 شخصاُ.

خلاصة هذه الهجمات هي أن المجموعة يمكن أن تبقى فتّاكة بغض النظر عن انكماشها في سوريا والعراق. والواقع أن زوالها الإقليمي قد يؤدي إلى تفاقم حالات التمرد في أماكن أخرى. كما قد ظهرت مؤخراً تقارير تشير إلى هروب مسلحين من الخلافة المنهارة. فعلى سبيل المثال، ذكرت وكالة فرانس برس في وقت سابق أن المقاتلين الفرنسيين والجزائريين سافروا من سوريا إلى أفغانستان للانضمام إلى فرع داعش هناك. كما أوشت عن حالات مماثلة في مصر وليبيا، وقد حذّر مسؤول من الاتحاد الإفريقي من أن عدداً كبيراً من الـ 6000 مقاتل الذين غادروا إفريقيا إلى سوريا للانضمام إلى صفوف التنظيم عام 2014، قد يعودون إلى بلادهم.

يمكن لمثل هؤلاء المقاتلين أن يعيدوا إيقاد أعمال التمرد المتفرقة في كافة أنحاء المنطقة بطريقة لم يكن بإمكانهم فعلها عندما كان تركيز المجموعة في سوريا والعراق. وبقيت فروع داعش المنتشرة محدودة الحجم، ضعف بعضها حيث كان تجمع صغير للمسلحين. ويمكن أن يتغير ذلك مع خروج المقاتلين السالفين من سوريا والعراق لينتقلوا إلى بلدان أخرى في المنطقة حيث يسهل الوصل مع المنتسبين الحاليين أكثر مما لو سافروا إلى بلدانهم، كما هو الحال في أوربا وبريطانيا. ويشير المقال إلى أن المجموعة تزدهر على الاستقطاب والأقليات الدينية التي تقدم لها أهدافاً مرنة لقلب الناس ضد بعضهم البعض. كما تمكنها هذه الأهداف أيضاً من إعادة صب نفسها في معارضة القاعدة والمجموعات الإسلامية الأخرى. بالإضافة إلى الركود السياسي والصراعات المستمرة، سوف تستمر الطائفية في تزويد المجموعة بفرص النمو والازدهار في منطقة تعاني من الانقسامات العميقة وسط الدور المتنامي لإيران في الشرق الأوسط.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة