“كنت خائفة في بداية دخولهم  وسيطرتهم على المنطقة من قطع رزقي” تقول علياء البالغة من العمر 26 عاماً من سكان مدينة الميادين بريف ديرالزور الشرقي، وهي كوافيرة وتمتلك صالون تجميل نسائي في المدينة، معبّرةً عن خوفها من إغلاق داعش لصالونها ومنعها من مزاولة المهنة من قبل عناصر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” عند بدلية سيطرتهم على المنطقة.

تقول علياء في حديث لموقع الحل “إن الحياة في بداية  دخولهم  كانت طبيعة حيث استمر الزبائن بالقدوم  إلى الصالون للحصول على المكياج أو تصفيفات شعر متقنة لأجل مناسبة ما، لكن شعور الخوف من  إغلاق الصالون لم يغب لحظة عن بالي، لحين قيامهم بتشكيل مايسمى بجهاز #الحسبة الإسلامية، والتي وضعت النساء في أولى اهتماماتها، من حيث الملابس أو الحركة أو أي شيء تقوم به، حيث كل ذلك سيكون تحت رقابة صارمة” على حد قولها.

تتابع علياء حديثها “إن دورية من الحسبة يترأسها أبو عبدالله المغربي قامت بزيارة للصالون.. عندما رأيته للمرة الأولى بالكاد عرفت أنه رجل بسبب شعره الكثيف، كنت بالكاد أستطيع معرفة وجود رجل خلف كل ذلك الشعر”.

نتف الحواجب ممنوع

منع المغربي  استخدام اسم الصالون (الذي كان مؤنثاً ) كما منع استخدام صورة لامرأة تضع مكياجاً ثقيلاً كلافتة للصالون. فأجبروني على إزالتها، وعلقت علياء “لم يكن موضوعاً لنقاش، وبالطبع قلت نعم”. كما منع نتف الحواجب وصبغ الشعر والتاتو في ظل تطبيق التنظيم القاسي للشريعة الإسلامية، وفق الكوافيرة.

وذكرت علياء أن الإمساك بأي امرأة خارجة من صالون التجميل غير مغطاة بالكامل كان ينتج عنه تغريم الصالون بقيمة 600 دولار، بحسب المغربي، فيما كان المصير الأكثر قساوة بانتظار زوج المرأة، وكنوع من العقاب كان يخيّر بين الجلد أو حفر الخنادق بالقرب من المطار العسكري في الخطوط الأمامية للقتال أو تدمير القبور التي تعد شواهدها علامة وثنية عندهم.

زوجات عناصر داعش المهاجرات أكثر رواد الصالون

تتابع علياء حديثها، لم أتوقع أن التنظيم الذي يطالب النساء في مناطق سيطرته بارتداء الملابس الشرعية التي تغطيهن بالكامل بحيث تتعذر رؤية وجوههن وأيديهن، سوف يكون لديه نساء يداومن على التبرج وقص شعرهن وصبغه وفق أحدث صيحات الموضة، فأصبح غالبية الزبائن هن نساء عناصر التنظيم.

نساءٌ محلياتٌ ومهاجراتٌ، ولكنهن بالمجمل سخياتٌ عند دفع الحساب، وهكذا أصبح التنظيم الذي كنت أتخوف منه في بداية دخوله للمنطقة مصدر الرزق الأكبر بالنسبة لي.

تصف علياء مشاهد كانت تتكرر بشكل يومي  معها أثناء عملها في الصالون، قد تبدو غريباً بالنسبة للكثير، ففي مدينة الميادين والتي تعد مركز التنظيم في دير الزور، “يتكرر أن تقف سيارة دفع رباعي أو سيارة أخرى فارهة لأحد عناصر التنظيم أمام صالون للتجميل النسائي وتصفيف الشعر، وتنزل منها امرأةٌ يغطيها السواد حتى أخمص قدميها. يلحق بها زوجها ويكون في الغالب من الأجانب أو المهاجرين، ليتفق معي حول نوع التجميل الذي يريده لزوجته التي لا تعرف العربية في الغالب كونها أجنبية هي الأخرى”.

الفروقات بين نساء التنظيم الأنصار والمهاجرات

ترى علياء أن هناك فروقاً واضحةً بين نساء التنظيم الأنصار والمهاجرات من بلدان أخرى، واللواتي كنَ يتوافدن إلى صالون التجميل الذي تملكه، فـ “التونسيات هن الأرقى والأفضل من حيث طريقة اختيار نمط تجميلهن واهتمامهن بأنفسهن، بينما الأنصار يظهرن بمظهر أقل غنى من الأجنبيات المهاجرات”. وتضيفُ أن تصرفات معظم النساء المحليات هي تصرفات من “اغتنى بعد فقر” على حد قولها، وهو ما ينعكس على نمط تجميلهن وتصفيف شعرهن، إذ  يردنَ أن يقمنَ بكل شيء موجود في الصالون بشكل عشوائي، على حد وصفها.

تستذكرُ علياء كيف كانت تتصرف أم ريحانة الأنصارية في الصالون، محاولةً تقليد الموجودات فيه بعد أن تلقت أموالاً طائلةً جرّاء تزويج ابنتها إلى مهاجرٍ من إحدى البلدان الخليجية، حيث باتت تتصرف بتعالٍ وتصنعٍ وتطلّب، على عكس النساء المهاجرات، خصوصاً المقيمات سابقاً في أوروبا، واللواتي يتمتّعن بنظرة جمالية وذوق عالٍ، فهنَّ مطلعات على عالم التجميل وتصفيف الشعر بشكل أفضل من النساء المحليّات، وفق الكوافيرة.

ليس لهن صديق مقرب

عن علاقاتها بزوجات أو نساء التنظيم تقول علياء “إن هؤلاء ليس لهن صديق أو شخص مقرب، فولائهن لشخص واحد فقط هو #البغدادي، فعلاقاتي ومعرفتي بنساء منهن لم يقدم لي أي مزايا عن باقي المدنيين” وتضرب مثالاً بأن أحداً من نساء عناصر التنيظم لم تساعدها عندما كان زوجها معتقلاً بسبب تواجده خارج المسجد أثناء صلاة العصر.

عرائس التنظيم أكثر الوافدات للصالون

تقول علياء لموقع الحل “قمت بتجهيز الكثيرات من البنات اللواتي تزوجن من عناصر التنظيم، كما وقمت بتجهيز بعضهن أكثر من مرة بعد مقتل أزواجهن سريعاً في المعارك التي يشنها التنظيم على أكثر من جهة.. بعضهن كن يعرفن أن المقاتل الذي سيتزوجنه قد يقتل سريعاً، إلا أنهن لم يكن يثرن أية أهمية للموضوع، على اعتبار أنه حكم الله ولا اعتراض عليه”.

داعش يسمح بالعلاج التجميلي الذي لايغير في الشكل

لا يسمح التنظيم بعمليات التجميل غير العلاجية، تقول علياء، لكن سوق العلاج التجميلي الذي لا يغير في الشكل كان مزدهراً، فغالبية المحلات النسائية والصيدليات في المدينة ممتلئة بمواد التجميل وأدواته وغالبيتها بأسعار مرتفعة، حيث أن نساء التنظيم يدفعن بشكل مجزٍ لقاء ذلك.

من أين تُجلَب مستحضرات التجميل؟

كل شيء متوفر في المدينة، من مواد الكيرياتين والبوتكس والزنك الذي يستعمل لتجديد خلايا البشرة، إلى سائر أنواع مستحضرات الماكياج. بالإضافة إلى أنه يمكن الحصول على كل المستلزمات والمواد فور طلبها، وبإمكان النساء في التنظيم سواء المهاجرات أو المحليات الحصول على أصناف غالية من العطورات والبخور وماء زمزم ومستلزمات أخرى. وتتوافر هذه المواد في محل تجاري في وسط مدينة الرقة والتي كانت تعد عاصمة خلافتهم.. تختتم علياء.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.