فتحي أبو سهيل
يبدو أن نعمة #الكهرباء التي منّ النظام بها على #المواطنين، قد انقلبت إلى نقمة، بعد أن صدم كثير من السوريين مؤخرا، بفواتير ضخمة لم يعتادوا عليها، ودون مبرر، فالاستهلاك لم يزداد بالشكل الذي يرتب عليهم تلك #المبالغ، بينما ترافقت #الفواتير الضخمة مع حملة وزارة الكهرباء التابعة لحكومة النظام، بتبديل العدادات القديمة بإلكترونية.

أبو صالح، وهو أب لـ 4 أولاد في مساكن #برزة بدمشق، كانت فاتورة استهلاكه للكهرباء خلال الحرب في سوريا، لا تزيد عن 3 – 4 آلاف ليرة سورية، حتى قامت شركة الكهرباء بتغيير الساعة ضمن حملة تركيب الساعات #الإلكترونية، لتقفز قيمة الفاتورة حتى 15 ألف ليرة سورية مرة واحدة.

سماسرة
يقول أبو صالح “حجة #الوزارة هي أن التيار الكهربائي متوفر 24 ساعة، ماقد يضاعف الفاتورة، علماً أنني أراقب الاستهلاك بشكل يومي، فلو كانت هذه الحجة صحيحة، لتضاعف الرقم إلى 6 – 8 آلاف، وليس 15 ألف ليرة سورية”، مضيفاً “استهلاك #المنزل لم يزد أكثر من 300 – 400 كيلو، فحالياً استهلاكي نحو 1700 كيلو واط ساعي، وهي وفق تسعيرة #الوزارة حوالي 6800 ليرة سورية بدون ضرائب ونحو 7500 مع ضرائب”.
وتسعّر الوزارة أول 600 كيلو واط بسعر ليرة واحدة للكيلو، ومن 601 – 1000 كيلو واط بـ 3 ليرات سورية للكيلو الواحد، ومن 1001 إلى 1500 كيلو واط بـ 6 ليرات سورية للكيلو الواحد، ومن 1501 إلى 2500 كيلو بـ10 ليرة سورية، ومن 2501 ومافوق بـ 29 ليرة لكل كيلو واط ساعي.

أبو صالح راجع شركة الكهرباء، وبعد أخذ ورد، وجد ضالته لدى أحد الموظفين، الذي طلب نحو 2000 ليرة فقط، ليقوم بتخفيض #الفاتورة له من 15 ألف ليرة سورية إلى 9 آلاف، علماً أن أبو صالح يعلم تماماً ما أنفق والفاتورة هي الشاهد.
لم يكن أبو صالح وحيداً بهذه المشكلة التي باتت تتفاقم خلال الفترة الأخيرة، حيث يقول سامي وهو متزوج حديثاً في جرمانا، إن “ساعة الكهرباء كانت داخل المنزل، وقامت الشركة بإخراجها إلى مدخل #البناء، وتم فحص كل الكابلات بحثاً عن سرقة ولم يجدوا شيئاً، لكن بعد هذه العملية، بدأت فواتير الكهرباء تأتي فوق الـ 10 آلاف #ليرة سورية، علماً ان الاستهلاك ذاته”.

سر الفواتير الخيالية
حاول سامي مراراً مع الشركة، وكان الحل دائماً #السمسار الذي يقوم بتخفيض الفاتورة مقابل نسبة معينة، وهنا يتساءل أبو صالح وسامي وغيرهم عن الآلية التي تتبعها وزارة التظام عند نقل أو تبديل الساعات والإجراءات التي تقوم بها، الذي عاد سلباً على المشتركين.

يقول أحد العاملين بقطاع الكهرباء والمقرب من شركة كهرباء دمشق إن “الشركة عندما تقوم بنقل أو تبديل #الساعة تكشف عن أدائها، وفي حال كان هناك خلل معين، ولو بسيط، تقوم باحتساب ماقد فات عليها من المشترك تقديرياً، وتقوم بتقسيطها على الفواتير اللاحقة”.

وتابع “المشكلة هي بالتقدير غير المبني على أساس واقعي، فهي تعتمد نظرياً على حجم الخلل، وتقديراً على حجم الإنفاق الذي يجب أن يكون من وجهة نظرها، وبالتالي تكون النتائج كارثية على المشتركين”.

أبو محمد تعرّض لذات المشكلة في منطقة #الدويلعة، وعندما تم تبديل ساعته التقليدية، تبين وجود خلل بها، وتم تغريمه بنحو 80 ألف ليرة سورية، علم بها عن طريق موظف ركّب له الساعة الجديدة #الالكترونية، لكن ذات الموظف عرض عليه تخفيض المبلغ لأكثر من النصف إلى 25 ألف ليرة فقط، مقابل 5 آلاف ليرة (برانية)، وماكان لأبو محمد إلا وأن يقبل.

وفعلاً، دفع أبو محمد 25 ألف ليرة وتم تركيب ساعته الجديدة، لكنه بدأ يلاحظ تضاعف قيمة #الفاتورة لأكثر من 4 أضعاف كل دورة، علماً أن استهلاكه هو ذاته.

وفي كانون الأول الماضي 2017، ضجّت مواقع التواصل #الاجتماعي بشخص من جبلة يدعى “عدنان خليل عيطة”، بلغت قيمة فاتورة الكهرباء الخاصة بمنزله مليون ليرة سورية.

ونشرت صفحة “أخبار جبلة لحظة بلحظة” حينها، صورة الشخص، الذي يعمل بائعاً للخضار في مدينة #جبلة، وحلّت مشكلته بعد انتشارها عبر استدعاء الشركة له دون توضيح ماحدث.

ويشرح العامل بقطاع الكهرباء مايجري، بأن #السماسرة من الموظفين، يقومون بخفض الفاتورة كل ماطلب منهم ذلك من الزبون مقابل مبلغ معين، لكنهم يقومون بتركيبها على #الفواتير اللاحقة، وهكذا تستمر فواتير المشتركين بالارتفاع بشكل دوري.

الأفظع

ماسبق كان في المناطق التي تسيطر عليها حكومة #النظام، لكن “الأفظع” بحسب أمجد (خ) من سكان #الحسينية بريف دمشق، والذي ترك منزله منذ بدء الأحداث هناك، وعاد إليها منذ حوالي العام تقريباً، والمفاجأة التي كانت تنتظره، فاتورة كهرباء بحوالي 500 ألف ليرة #سورية.

النائب في مجلس الشعب التابع للنظام (فاديا ديب)، أعلنت عن مشكلة أمجد (خ)، في اجتماع للمجلس بتاريخ 17/9/2017 والتي أشارت خلاله إلى أن عدداً من الأهالي فوجئوا عند عودتهم إلى منازلهم بفواتير #كهرباء وصلت إلى 800 ألف ليرة سورية.

لكن، اعلان النائبة، وحديث #المواطن لم يساعد بالضغط على الوزارة بنشر توضيح حول مايحدث، فكيف تكون فاتورة مواطن خارج منزله بمنطقة قطعت عنها الكهرباء لانها خارج السيطرة، نحو نصف مليون ليرة أو أكثر؟.

في تشرين الأول الماضي 2017، قال مصدر في وزارة الكهرباء، إن “موضوع فواتير الكهرباء والغرامات المترتبة على #المشتركين أصبح “ملازماً لنا في كل الاجتماعات الرسمية أو غير الرسمية مع الأهالي، إلا أنه يحتاج إلى مرسوم بعد دراسة حكومية مفصلة للموضوع”.

حديث المصدر يدل على عجز حكومة النظام، في حل #المشكلة حيث وصفها بأنها “غير واقعية”، محاولاً تبرير ماحدث بأنه جاء نتيجة “بقاء العديد من #المناطق لأكثر من خمس سنوات خارج السيطرة، إضافة إلى #الغرامات المالية التي ترتّبت على المشتركين”.

تبرير رسمي غير مقنع

الغرامات في الحالة الطبيعية للفواتير دون 2000 ليرة كقيمة #استهلاك، لا تتجاوز 250 ل. س وتبقى ضمن سعر ليرة سورية للكيلو واط الواحد، إلا أن دخول عداد #المشترك بشريحة استهلاك أعلى (أكثر من 2000) ليرة سورية يؤدي إلى ارتفاع الغرامات المالية إلى 20% من قيمة الاستهلاك الجاري، بحسب المصدر.

وأضاف المصدر، أن السبب الأهم من وجهة نظره لارتفاع قيمة الفواتير في المناطق #الساخنة التي اسيطرت عليها حكومة النظام من جديد، هو لجوء من وقعت #العدادات تحت سيطرتهم لاستهلاك كميات كبيرة من التيار الكهربائي في تشغيل منشآت كبيرة واستخدامها في #التدفئة وتسخين المياه، ما أدى إلى رفع سعر الكيلو واط من ليرة سورية إلى 29 ليرة سورية، إضافة إلى الغرامات المالية التي تصل إلى قيم كبيرة.

لكن تبرير المصدر الأخير غير منطقي وليس مقنعاً، كون المناطق التي خرجت عن السيطرة، قطع عنها التيار الكهربائي طيلت سنوات #الحرب، وقد يكون السبب في كل هذا بحسب أحد الاقتصاديين، محاولة حكومة النظام، جاهدة زيادة واردات الخزينة بشتى الأساليب حيث طولبت الشركة العامة لكهرباء ريف دمشق بداية العام الجاري، بتحقيق تحصيل مالي من المشتركين لخزينة #الدولة بمبلغ قدره 5.2 مليار ليرة سورية، بينما وصل مجمل ما حققته شركة ريف دمشق خلال عام 2017 يصل إلى 30 مليار ليرة سورية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.