فتحي أبو سهيل

يمكن لأي شخص في سوريا التأمين صحياً على نفسه، عبر شركات التأمين، ولكل شركة عروض معينة بهذا الخصوص، من ناحية القسط، والجهات التي تتعامل معها طبياً، ونسبة تغطية التأمين، بينما يدخل جميع العاملين الحكوميين في التأمين #الصحي الإلزامي، حيث يتم اقتطاع جزء من راتبهم بشكل شهري، مقابل الخدمة التي تغطي بعض (الأدوية، التحاليل، زيارة الأطباء، زيارة المشافي، الصور الطبية).

وبحسب آخر تعديلات على نظام التأمين الصحي للعاملين في الدولة، تتحمل شركة التأمين كل تكاليف زيارة الطبيب بنسبة 100%، ويحدد سقف التحمل لدى دخول المشفى بمبلغ لا يتجاوز 15 الف ليرة سورية على العامل.

سبب المشكلة

لكن، قطاع التأمين الصحي في #سوريا، يعاني العديد من المشاكل والمعوقات، وأولها #الفساد، فبسبب ارتفاع تكاليف الاستشفاء خلال سنوات الحرب، من زيارة طبيب أو مشافي أو أدوية، أو تحاليل مخبرية، أو تصوير، وغيرها، مقابل الحفاظ على ذات المبلغ المقتطع من الرواتب شهرياً، خُلقت فجوة بين عائدات التأمين، والمبالغ المنفقة عليه، مادفع العديد من شركات الخدمات الطبية للتهرب من بعض الأمراض والأدوية والتحاليل التي تغطيها، بحجج متنوعة.

ونتيجة للفجوة المذكورة، عزف بعض الأطباء والمشافي عن قبول معالجة مرضى التأمين الصحي بسبب مطالبتهم برفع أجورهم أكثر، والبعض الآخر لأسباب إدارية منها تأخر شركات الخدمات الصحية بدفع مستحقاتهم #المالية ضمن الأوقات المحددة لذلك، ليكون المتضرر الأول والأخير هو المريض، الذي بدأ يشارك بالتلاعب للحصول على حقه ولو بأساليب ملتوية.

اعتراف رسمي بالفساد

مدير عام المؤسسة العامة السورية للتأمين في حكومة النظام (إياد زهراء)، أكد مؤخراً، أن التأمين الصحي يحتاج إلى تشريع خاص وقانون مستقل ينظم طبيعة عمله ويحدد الجهات المشرفة والمنفذة له، للحد من حالات سوء الاستخدام والتجاوزات، مشيراً إلى أنه لا يمكن الاستمرار بواقع #العمل الحالي للتأمين الصحي بسبب اتساع حجم الإنفاق وضعف الموارد.

حديث زهراء اعتراف رسمي على الفساد الحاصل في #القطاع، حيث توزع نسبة التجاوزات وسوء الاستخدام للتأمين الصحي، على 50% لأطباء والمخابر ومراكز التصوير الشعاعي، و35% المؤمن له ونحو 15% تعود إلى شركات إدارة النفقات الطبية.

أوجه التلاعب

وبحسب ما استطلع “موقع الحل” حول أوجه التجاوزات التي يمكن اتباعها عبر سلسلة المرتبطين بنظام التأمين الصحي،  تبين أن أغلب حالات التلاعب وسوء الاستخدام لدى مزودي الخدمة من #الأطباء، تتم عبر معاينة غير مستحقي للخدمة عبر بطاقة أحد المستحقين وصرف #الأدوية له مقابل مبلغ معين، أو تسجيل فحوصات لم تتم ضمن ملف المريض، أو اجبار #المريض على اجراء صور ليس بحاجتها كون الطبيب يمتلك آلة تصوير في عيادته يمكن استثمارها، وخاصة أطباء #النسائية، أو توجيه المريض لتحاليل ليس بحاجتها بعد الاتفاق مع بعض المخابر على نسبة معينة.

وأيضاً، يقوم بعض الأطباء، بإيهام المريض أن الفحوصات التي أجريت لا تدخل ضمن التأمين، وعليه أن يدفع كل #المبلغ المتعارف عليه خارج التأمين الصحي، بينما يرفق الطبيب الفحوصات هذه ويرفعها للشركة ليتقاضى بدلها، وبالتالي يكون قد حصّل على المبلغ مرتين.

وأيضاً، وبكل سهولة، يمكن للمريض أن يتفق مع الطبيب، حينما يحتاج بعض #النقود، أن يسجل له دخولاً ومعاينة وهمية، وأن يصرف له دواءاً بقيمة مرتفعة، ليذهب المريض المزعوم إلى #الصيدلية المتعاقدة أيضاً، ويصرف الدواء على بطاقة التأمين، وبعدها يبيع الأدوية، أو يقوم بارجاعها للصيدلية ذاتها، محققاً مبلغاً جيداً.

كل الجهات المقدمة والمستفيدة من التأمين الصحي، يمكنها التلاعب وبسهولة وتحقيق عائدات ضخمة، حتى شركات التأمين يمكنها ذلك، عبر إخراج بعض #الأمراض خارج قطاع التأمين، أو بعض الأدوية المطلوبة بشكل كبير كالضغط والسكري، أو حصر خدماتها في مشافي وأطباء وصيادلة ومخابر بعيدة لتقليل عدد المستفيدين.

مزيداً من المشاكل

وتتعدد أوجه #الاحتيال في مجال التأمين الصحي الذي بلغ حجم الإنفاق عليه عام 2016 و2017 نحو 10 مليارات ليرة، في حين وصلت خسائر القطاع إلى حوالي 5 مليارات ليرة في كل عام من الأعوام المذكورة على حدى.

يقول مصدر في السورية للتأمين لـ لموقع “الحل”، إن “نسبة كبيرة من #الخسائر يكمن في حجم الفجوة بين الانفاق والواردات، وهذا يتمثل في عدد المؤمن عليهم الذي لا يتجاوز 800 الف مؤمن فقط، وهذا يتطلب فتح باب التأمين لعائلة #الموظفين في الدولة بدلاً من حصره في الموظف ذاته، مايزيد من الواردا”ت.

وأضاف، “هناك عدم تنسيق بين الجهات الشريكة في التأمين الصحي، كأن تقوم #المخابر برفع تسعيرة التحليل للوحدة المخبرية، دون التنسيق مع شركات التأمين، مايزيد العبئ عليها، ووزارة الصحة تقوم برفع أسعار الأدوية أيضاً دون دراسة نسبة الرفع، مايرتب على الشركات خسائر أكبر، حتى الأطباء رفعوا تسعيرة المعاينة، والمشافي الخاصة كذلك، حتى أصبح القطاع خاسراً بجدارة، مادفع #الشركات أيضاً لاتباع أساليب خاصة للتنصل من الخدمات المقدمة، وخفض غتطياته”ا.

ومن أهم عوامل الخسارة، هي عدم وجود رقابة فاعلة على جميع #المشتركين في الخدمة، وسهولة حصول تجاوزات وتراكم هذه التجاوزات عبر السنين.

دراسة للحل

يقول المصدر، إنه “هناك دراسات جدية، للتخلص من #العجز في هذا القطاع نتيجة حالات الفساد وعدم التنسيق والتجاوزات، منها اقتراح رفع نسبة التحمّل على #الأدوية والمخابر والإجراءات الشعاعية والإجراءات داخل المشفى من 10% إلى 25% ليتحمل المؤمن له جزء من التكلفة المتزايدة ويخفف من حالات سوء الاستخدام”.

ومن اقتراحات الحل أيضاً، الغاء الزيارات المتعددة للطبيب والصيديلي والمخبري ومنح الحق للمؤمن بـ12 زيارة إجمالية خلال العام فقط، واعتبار معاينة #الطبيب هي منشأ للخدمات الأخرى بحيث تكون الخدمات الأخرى مرتبطة بمعاينة الطبيب.

ومن ضمن الحلول المقترحة، الحد التأميني داخل #المشفى كحد مالي سنوي وليس لكل زيارة داخل المشفى، وإعطاء المؤسسة الصلاحية بإيقاف تغطية بعض الإجراءات حسب الحالة (أمراض الرشح- الآلام غير معروفة السبب وغيرها من الأعراض العامة) استناداً إلى معدل تكرار هذه التشاخيص والإجراءات.

لكن كل ماذكر، قد يرتب على المؤمن تكاليف اضافية، علماً أن الغلاء #المعيشي يضرب بالدرجة الأولى المواطن قبل أي أحد، مايدفع الأخير إلى ابتكار أساليب جديدة للتحايل على التأمين #الصحي، إن لم يتخذ اجراءات موازنة دقيقة لحجم راتبه والخدمات التي يجب أن تقدم له وفقاً للمدخول.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.