فتحي أبو سهيل

تعج أسواق #دمشق بالمهربات، بأنواع مختلفة، قد تبدأ بالشوكولا والشيبس والبسكوت وقد لا تنتهي بالمخدرات، مادفع أعضاء مجلس الشعب في النظام السوري، إلى طرح قضية #التهريب في جلساته الأخيرة، كما فرد إعلام النظام للقضية مساحات كبيرة.

صحيفة “تشرين” التابعة لحكومة النظام، نشرت تحقيقاً عن القضية، ضمّ في طياته تصريحات تشير إلى تورط شخصيات نافذة في النظام بالتهريب، دون ذكر ذلك صراحة، حيث قال مراقب تمويني لم يذكر اسمه “دود الخل منه وفيه”، في رده على استفسار عمن يقف خلف دخول كل تلك المهربات إلى #الأسواق، وتابع “المسؤول عن تهريب #البضائع هي جهات لا تسري عليها أي رقابة”.

ذرائع غير مقنعة

تذرّع النظام سابقاً، بأن #الحدود غير المضبوطة هي السبب في نشاط التهريب، لكن ذلك لا يفسر آلية دخول تلك المهربات إلى المحافظات التي تطبق عليها حكومة النظام سيطرتها مثل #دمشق، حتى باتت متخمة بهذه المهربات من مناشئ مختلفة، وهو مايعزز حديث المراقب التمويني بأن “دود الخل منه وفيه”.

موقع “الحل” بدأ التقصي عن #القضية، ولم يكن مفاجئاً دور بعض الحواجز #الأمنية بتسهيل العملية مقابل مبالغ معينة، وتورط بعض الأمنيين بعملية التهريب، لكن المفاجئ كان عند البحث عن السلع المسموح استيرادها، والتي تؤكد أن الأدوات#الكهربائية من السلع المحظور منحها اجازات استيراد.

سوقا الكهرباء والسويقة، يعجان بالبضائع الأجنبية، سواء القادمة من #تركيا أو الصين أو ألمانيا أوغيرها من الدول الأوروبية، وهي بجملتها مهربة، ومعروضة للعلن، مايعني أن دوريات التموين والجمارك تغضّ البصر عن ذلك، وهنا يقول أحد أصحاب المحلات لـ “الحل” إن “مراقبي #الجمارك والتموين معروفين، ويحضرون شهرياً للحصول على حصتهم لغض البصر”.

وتابع “هذه #البضائع نشتريها بفواتير نظامية، ونحن كباعة مفرق ليس لنا علاقة بمصدرها، والمهم أننا نملك فواتير بها، فليذهبوا ليحاسبوا عمالقة التهريب، الذين صنعوا اقتصاداً للظل، ليس لخزينة الدولة علاقة بها ولا بأي جانب، سوى استفادة بعض المتنفذين منها شخصياً”.

ويشار هنا إلى أن دوريات حماية #المستهلك، لا تراقب المهربات بالسوق بشكل مباشر، فدورها ينسحر بالإطلاع على#الفواتير، وطالما امتلك بائع المفرق فواتير مختومة من المستودع المصدر، تكون أموره سليمة.

أكثر من ربع السوق مهرب من تركيا

تقول رئيسة جمعية حماية #المستهلك، (سراب عثمان)، إن نسبة المواد #الغذائية التركية المهربة في الأسواق السورية تصل حتى 25%، أي ربع الموجودات في السوق، هذا عدا عن المهربات الأخرى، بينما ترتفع نسبة وجود الأحذية والملابس التركية إلى 30%، أي أكثر من ربع الموجودات.

وتضيف “المهربات تعرض في محلات معروفة بالاسم في المناطق الراقية بدمشق، مثل الجسر الأبيض والمالكي بالنسبة لمحلات #الملابس، وفي منطقة باب الجابية ومساكن #برزة وصحنايا تتركز أغلبية المواد الغذائية المهربة”.

لكن، ليست كل #المهربات تركية، فهناك مهربات من دول صديقة لحكومة النظام كالصين، حيث يؤكد مصدر في وزارة التجارة #الداخلية وحماية المستهلك لـ”الحل”، إن نسبة كبيرة من المهربات صينية، رغم أن الاستيراد الرسمي منها يسير.

ويفسر المصدر ذلك بـ”التهرب من #الضرائب، والجمركة، وتحقيق نسبة ربح أسرع وأكبر”، مشيراً إلى أن “البضائع المهربة تنافس البضائع المحلية من ناحية السعر والجودة”.

التهريب شجّع صناعة المخدرات

ربما الأخطر في قضية التهريب، هي تهريب #الأدوية غير معروفة المنشأ، والمخدرات التي بات الحصول عليها أسهل من السابق، حيث أكد الرائد بإدارة مكافحة #المخدرات يوسف إبراهيم، مصادرة مواد أولية مهربة عام 2017، تستخدم بصناعة المخدرات تبلغ نحو طن و 346 كغ، وحوالي 850 غرام من مادة أمفيتامين المخدر، و612 كغ بودرة بيضاء يشتبه بأنها مواد مخدرة”.

حديث الرائد، يشير إلى وجود تطور ملفت في ملف #المخدرات بسوريا، وهو التوجه نحو التصنيع، بعد أن كانت سوريا إما ممراً لعبور مهربات المخدرات، أو سوقاً مستهلكاً.

وبحسب ابراهيم، تم تنظيم 5595 ضبط من مهربات المخدرات عام 2017، وصل فيها عدد المتهمين إلى 7113 ، إضافة إلى مصادرة كميات كبيرة من #الحشيش المخدر، بلغت طن و734 كغ و 665 غراماً، و13 كغ و459 غراماً من ا#لهيروئين المخدر، وكمية قليلة من الكوكائين”.

وأضاف الرائد بإدارة مكافحة المخدرات أن “الكميات المصادرة من الحبوب المخدرة مثل الكبتاغون وصلت إلى 8 ملايين و746 ألف حبة، والحبوب #الدوائية النفسية مليون و206 حبة تقريباً والعدد يزداد باستمرار”، مشيراً إلى أنها “من الأدوية التي أسيئ استخدامها، ولا تصرف إلا بموجب وصفة طبية”.

كل تلك الأرقام عبارة عن مهربات ضبطت من المخدرات، بينما التي لم تضبط أكثر، في حين تشير أرقام الادارة العامة للجمارك إلى نشاط كبير بالتهريب بشكل عام، حيث بلغ عدد القضايا المحققة بما فيها المصادرات خلال العام الماضي نحو 5,623 قضية بقيمة غرامات محصلة منها 5.622 مليار ليرة، في حين وصلت #الغرامات المحصلة من القضايا المحققة خلال 2016 إلى 4.316 مليار ليرة.

حتى الفواكه والمياه

ولم تسلم #الخضار والفواكه من التهريب، حيث أثارت قضية الموز اللبناني المهرب إلى الأسواق مؤخراً، جدلاً واسعاً بين التجار ووزارة التجارة، حيث استطاعت المهربات سد العجز الذي وقعت بها الوزارة من حيث عدم قدرتها على توريد الموز بشكل كافي ومنتظم.

وفي دراسة صدرت العام الماضي، بعنوان “أثر التهريب على الاقتصاد السوري”، تبين أن #التهريب يضيّع على الخزينة العامة كحد أدنى 600 مليار ليرة، ما بين التهريب في الاستيراد أو التصدير، وأن #الاقتصاد السوري خسر نحو 6 مليارات دولار خلال 2015 بسبب هذه الظاهرة السلبية.

وتشير التقديرات الرسمية إلى أن حجم #الصادرات السورية عام 2015 بلغ حوالي 600 مليون دولار، لكن التقديرات غير الرسمية تبين أن حجم الصادرات بلغ حوالي 1,8 مليار #دولار، أي أن 1,2 مليار دولار خرجت تهريباً (66% من الصادرات السورية خرجت بطرق غير مشروعة)، مثل: غنم العواس والخضار وغيرها.

ويشار إلى أنه هناك أصناف وسلع كثيرة مهربة في #الأسواق لم نأت على ذكرها، وهي عصية على الإحصاء كونها لا تقف عند نوعية معينة، فحتى المياه تم تهريبها العام الماضي من #فرنسا ولبنان، والفروج الذي انتشر بشكل كبير في حماة وحلب، والغنم الذي عبر الحدود #السورية إلى الخارج، واللحوم المجمدة التي دخلت البلاد، إضافة إلى الدخان المهرب الذي يدخل بطريقة ممنهجة، والعملة الصعبة التي تنتشر في السوق الموازي، إضافة إلى تهريب #السيارات، وأيضاً، تهريب الأعضاء البشرية والبشر الذي يحتاج إلى ملف خاص.

وتعتبر حمص بالدرجة الاولى من أكثر #المحافظات التي تعج بالمهربات، ثم حماة وحلب وبعدها دمشق وباقي المحافظات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.