نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريراً تحدثت فيه عن النظام القضائي الذي يسيّر شؤون الحياة في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية الكردية في الشمال السوري، فيما سمته العدالة في مرحلة ما بعد سقوط الدولة الإسلامية في شمال شرق سوريا والتي تشكل بشكل خاص رداً على الضرورات الفورية للاستقرار السياسي.

وجاء في التقرير إن المعركة ضد #تنظيم_الدولة_الإسلامية تقترب من نهايتها في شمال شرق #سوريا، وبالتالي فإن على المنتصرين أن يطبّقوا عدالتهم على المهزومين. لكن إن كانت السيادة على المناطق التابعة سابقاً “للخليفة” قد تغيرت، فإنه ليس هناك في الوقت الحالي من سلطة مُعترف بها دولياً لتمارس سلطتها على الضفة اليسرى لنهر #الفرات. إن قوات سورية الديمقراطية ذات الأغلبية الكردية المتحالفة مع التحالف الدولية التي هزمت الجهاديين في هذا الجزء من ساحة المعركة، والتي تشكل الجناح العسكري لكيان سياسي بحكم الأمر الواقع لفيدرالية شمال سوريا، هي من يحكم ويدير بشكل مؤقت ومنتظم المناطق التي تسيطر عليها.

بالنتيجة فإن النظام القضائي الحالي في المناطق التي تسيطر عليها قوات سورية الديمقراطية هو عبارة عن تجميع مرن لمؤسسات ارتجالية نتيجة غياب السلطة المركزية، تتطابق مع المبادئ الإيديولوجية للقيادة الكردية؛ إضافة إلى هيئات التحكيم المحلية غير الرسمية. كما أن العدالة في مرحلة ما بعد تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة شمال شرق سوريا والتي تقع في منطقة رمادية من السياسة والقانون الدوليين، تستجيب أكثر إلى ضرورات الاستقرار الفورية منها إلى مبادئ العدالة الانتقالية الحقيقية. فقد تم الإفراج عن العديد من المجموعات السورية، سواءً التي كانت تقاتل إلى جانب تنظيم الدولة الإسلامية أو تلك التي كانت مجرد أداة تنفيذ تأتمر بأوامره، من قبل قوات سورية الديمقراطية وذلك بعد تحرير مدينة الرقة بالكامل في اكتوبر 2017. كذلك تم منح العديد من العفو الجماعي في الوقت الذي كان القتال لا يزال مستعراً بين الجهاديين وخصومهم.

ويُعزى هذا الضعف والتساهل النسبيين فيما يتعلق بالتعامل مع “الأذرع السورية الصغيرة للخليفة” في سوريا إلى محدودية الخدمات الأمنية التي تقدمها قوات سورية الديمقراطية في المناطق الشاسعة التي تسيطر عليها. في الوقت ذاته، فإن ذلك يستجيب للمتطلبات والمخاوف السياسية البارزة. وفي هذا الصدد، صرّح السيد فواز يوسف، عضو بارز في قوات سورية الديمقراطية، لصحيفة اللوموند: “لا يمكننا أن نسجن مجتمع بأسره!”. مضيفاً: “بعد الحرب لابد أن تأتي المصالحة”. كما يمكن لبعض الوجهاء المحليين أن يكفلوا بعض الأفراد وأن يتولوا تنظيم إعادة دمجهم في مجتمعهم الأصلي. وتعتبر هذه وسيلة ضمان السلام الاجتماعي التي اتخذتها قوات سورية الديمقراطية في المناطق التي سيطرت عليها مؤخراً والتي تعتبر ذات أغلبية عربية.

أما القضايا الأكثر خطورة فتتم إحالتها إلى “محاكم حماية الشعب” والتي تصدر أحكاماً بالسجن في أماكن اعتقال محلية. وفيما يتعلق بالأجانب الذين لا يخضعون لهيئات التحكيم المحلية، فإن محاكم مكافحة الإرهاب هي المختصة بمحاكمتهم.

وبحسب السيد نديم حوري، مدير برنامج مكافحة الإرهاب في منظمة هيومن رايتس ووتش، فإنه: “وباستثناء عدد من الجهاديين العراقيين، لم تتم محاكمة أي جهادي أجنبي حتى تاريخ اليوم من قبل محاكم مكافحة الإرهاب”. مضيفاً: “إن النظام القضائي في المناطق الكردية في سوريا لا يزال نظاماً بدائياً تم تشييده بالوسائل المحلية المتاحة وهو غير مجهّز بشكل كافٍ”.

وإن كانت عقوبة الإعدام مستبعدة في هذا النظام القضائي، فإن نظام الإجراءات لا يحتوي في الواقع على أي دور لمحامي الدفاع. كما أنه لا يوجد نظام رسمي للاستئناف. وهنا يؤكد مراقب هيومن رايتس ووتش: “نستطيع أن نتبيّن النوايا الحسنة من طرف السلطات الكردية التي تدرك أوجه القصور في نظامها القضائي، لكننا لا نزال بعيدين عن المعايير الدولية”. من جهته يبيّن السيد بدران جيا كرد، كادر سياسي في فيدرالية شمال سوريا، والذي تمكنت صحيفة اللوموند من التواصل معه بأن: “موقف فرنسا الذي يؤمن بأننا قادرون على محاكمة الإرهابيين على أراضينا هو شيء إيجابي، ولكننا نتوقع المزيد”. ويضيف: “نحن نتمنى تعاوناً ملموساً في مجال العدالة، لأن المساعدة الخارجية ستسمح لنا بتعزيز نظامنا القضائي والأمني لسجوننا”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.