حسام صالح  

“ركود وحركة” هكذا يمكن وصف سوق #العقارات في سوريا عموماً، مع تخبط واضح في الأسعار التي أثر فيها الهبوط الكبير في سعر الليرة السورية مقابل الدولار، إضافة إلى طبيعة #الحرب الممتدة منذ أكثر من 6 سنوات، وما يرتبط بها من سيطرة متعاقبة من قبل القوى المتصارعة على الأرض، فتارة يتم بيع #العقار بثمن زهيد وبعدها بعام يباع بأسعار مضاعفة، وبالعكس.

ومع كثرة الحديث عن رسم ملامح للحل السياسي في #سوريا، برزت في الأشهر القليلة الماضية أحاديث عن إعادة الإعمار، والتي أصبحت سوقاً خصبة بعد أن قدر #البنك الدولي تكلفة إعادة الاعمار بحوالي “200 مليار دولار”، فكان لابد على النظام الاستفادة لتحقيق السبق في هذا الموضوع من خلال إقرار قانون جديد حمل اسم “قانون البيوع العقارية”.

ويعني هذا #القانون، تحصل حكومة النظام على ضرائب عن كل عملية بيع تتم لأي عقار في سوريا، على الرغم من عدم استقرار سوق #العقارات والفوضى التي تعمه.

وأهم العيوب القانونية الموجودة في “قانون البيوع العقارية” ومدى استفادة النظام منه في رفد خزينته هي:

 حساب الضريبة؟

ويقصد به الضريبة التي تفرض على #العقارات المباعة مهما كانت صفة العقار المباع، والتي يتم تسجيلها في (السجل العقاري – السجل المؤقت- الكاتب بالعدل)، ويبقى السؤال هنا عندما يقوم شخص ببيع عقار، كيف يتم حساب الضريبة على عملية البيع؟.

قبل صدور القرار الجديد كانت تحتسب ضريبة البيوع #العقارية كنسبة مئوية من القيمة المالية والمدونة في سجلات الدوائر المالية، ولتبسيط الموضوع أكثر، إذا كنت تمتلك منزلاً وقمت ببيعه بمبلغ 60 ألف ليرة سورية (وهي القيمة التقديرية له لدى السجل العقاري في عام 1985) فإن الضريبة المترتبة عليه تكون 25% ، في حين أن العقارات والمنازل المسجلة بعد عام 1985 تكون قيمتها الضريببة 15% من قيمة العقار.

أما قانون البيوع العقارية الجديد، فيرى النظام أنه مجحفاً بحق خزينة الدولة، من باب أن “أكبر ضريبة مفروضة على عملية بيع شقة بحدها الأقصى للتخمين حالياً هو 22500 ل.س وهذا ما لا يمكن القبول به إذ أنه عملياً تباع آلاف الشقق بعشرات الملايين وربما مئات الملايين ولا تنال خزينة الدولة من هذه العمليات إلا هذا المبلغ الزهيد”.

ولذلك فإن مشروع القانون الجديد يعتمد على “تقسيم كل منطقة إلى ثلاث فئات هي جيدة ومتوسطة وضعيفة، ويتم تقسيم كل فئة من الفئات الثلاث إلى مناطق رئيسية ويحدد لها سعر ومناطق فرعية ويحدد لها سعر آخر، ويتم الاعتماد على هذه الأسعار عند احتساب الضريبة وبعدها تتم أتمتة النتائج من لجان مشتركة من (المالية– الوحدة الإدارية– نقابة المهندسين– المصالح العقارية– مقيمون عقاريون.. إلخ)، ويعتمد معدل وحيد قدره 1% للعقارات السكنية الجاهزة من القيم الرائجة المعتمدة، علماً أن هذه الأسعار لا تعتمد إلا عند البيع وليس لها أثر في تحديد مستوى #الأسعار سواء بالارتفاع أو بالهبوط.

آلية تطبيق “شبه مستحيلة”

ويرى أستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، فضل عدم الكشف عن اسمه، أن القانون الأخير يحوي الكثير من الثغرات والعيوب، موضحاً أن “العلة الكبيرة هي عدم إمكانية تطبيقه على أرض الواقع، فكيف يمكن للنظام أن يجري مسح شامل لعقارات #سوريا بأكملها في هذه الظروف، هناك مدن كاملة مدمرة وعقارات اختفت، فعلى أي أساس سيتم تخمين قيمة العقار”.

ويضيف الأستاذ في كلية الاقتصاد، في تصريح لـ”الحل السوري”، أنه “كما نعلم أن أسعار العقارات في سوريا أصبحت متغيرة، وتدخل في عملية التسعير حالياً عدة عوامل، كالاستقرار الأمني وسعر #الليرة السورية، ومدى الدمار الموجود في هذه المدينة والبنية التحتية لها إن كانت لاتزال صالحة للسكن أم لا، فكيف من الممكن أن أحدد سعر عقار بـ10 ملايين ليرة على سعر صرف 500 ليرة، ومن ثم بعد أشهر يصبح سعر الصرف 400 ليرة، في حين تبقى الضريبة محسوبة على سعر الصرف القديم”.

وتابع “اعتمد القانون 41 لعام 2005 على القيمة #المالية المعتمدة في الدوائر المالية، صحيح أنه قانون قديم ويعطي ثمن وهمي للعقار المباع، لكن هناك طرق أخرى غير التسعير الشامل، كما في الدول الأخرى، وهو فرض ضريبة على السعر الموجود على عقد البيع وهو السعر الرائج، ويتم تسجيله لدى الدوائر #العقارية ويكون الوحيد المعترف به”.

في المقابل تبرر وزارة #المالية التابعة لحكومة النظام، هذه العملية، بالتأكيد على أن “هناك لجان ستضع منهجية للعمل تعتمد على تصنيف أساسي للأراضي والعقارات بحسب موقعها سواء كان في المناطق التنظيمية أو العشوائية، إضافة إلى تصنيف المناطق إلى غنية ومتوسطة وفقيرة، وتحديد الأسعار بناء على ذلك”.

قانون يشعل أسعار العقارات!

وفي ذات السياق، يقول “أبو رضوان” صاحب مكتب عقاري في منطقة كفرسوسة بالعاصمة #دمشق، إن “هذا القانون سيشعل أسعار العقارات أكثر، لأن #الضرائب ستكون متلاحقة، ابتداءاً من الأراضي المعدة للبناء والعقارات نفسها، خصوصاً في المدن التي دمرت، فترتفع قيمة #المنزل الواحد وبالتالي سيكون هناك طرق غير قانونية للتحايل عليه”.

وأضاف “هناك أحاديث بدأت تدور حول عملية التحايل على هذا #القانون، كعمليات بيع وشراء غير رسمية، عن طريق عمل وكالة للشاري غير قابلة للعزل في العقار، أو عمل عقود أجار بين البائع والشاري وتكون مدتها 99 عاماً، وفي كل الأحوال سيتم التهرب من دفع هذه الضريبة”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.