فتحي أبو سهيل

قد يستطيع المواطن السوري، أن يقول إن: مستوى المعيشة متدني والأسعار مرتفعة والراتب لا يكفي إلا لأيام قليلة من الشهر، لكن ربما لايعلم كم من الليرات قامت حكومة النظام بسلبها من جيبه دون أن يعلم، وهي من حقه.

راتب الموظف السوري سواء في القطاع #العام أو الخاص، يرجع بنسبة كبيرة منه إلى الحكومة، فموظف القطاع العام قد ينفق بحسب دراسات سابقة لـ”الحل” نحو ربع راتبه ضرائب وفواتير بشكل علني، لكن ماتجنيه حكومة النظام اليوم من السوريين ككل، وبشكل غير علني هو مبلغ الدعم الذي يفترض أن يحصل عليه السوريون على شكل مواد مدعومة السعر.

فكرة وهدف غير مطبقين

قبل الخوض بالعمليات الحسابية، يمكن القول إن أحد أهم أهداف الدعم الحكومي للمواد #الاستهلاكية، هو توفير مواد  أساسية أسعارها ليست في متناول الفئات الاجتماعية كلها، وتسدد ميزانية الحكومات الفرق بين سعر البيع والسعر الحقيقي للسلع، والسعر يُحدد وفقاً لمستويات #الدخل الدنيا، ويُسمى هذا النوع من الدعم بالدعم المباشر.

أي أن الحكومات غير القادرة على رفع #الرواتب بما يتناسب مع مستوى المعيشة على سبيل المثال، والتي ترغب بالحد من الفروقات الاجتماعية، تقوم بدعم بعض المواد الأساسية واليومية للمواطنين الذين يستحقون الدعم، وتقدمها بأسعار مخفضة جداً، تساهم برفع سوية معيشة هذه الشريحة، وتنعش بعض القطاعات الإنتاجية الرسمية، بتصريف منتجاتها عبر شرائها بالسعر المحدد قبل الدعم.

والدعم الحكومي هو آلية لحفظ التوازنات الإجتماعية عبر تقليص الفوارق في الدخل بما يساهم بالانتعاش #الاقتصادي الشامل ومقاربة مستويات الدخل لدى أغلب الفئات الاجتماعية.

لكن كل ماذكر أعلاه، اندثر خلال الأزمة، وبدأت حكومة النظام بسحب الدعم شيئاً فشيئاً رغم تدني مستوى الرواتب مقارنة بالغلاء الحاصل وانخفاض قيمة #الليرة أمام الدولار، ماساهم بتكريس فجوة طبقية اجتماعية واقتصادية.

ماهي المواد المدعومة

وتدعم حكومة النظام المواطنين بعدة مواد، تدرج سعرها بالارتفاع حتى قبل الحرب، وهي: السكر، الرز، البنزين، #الغاز، المازوت، الخبز، إضافة إلى الكهرباء، وتوسعت عام 2013 لتشمل الشاي والبرغل والسَمن والزيت النباتي، لكن على الورق فقط.

ومنذ عام 2012، والسوريون لا يحصلون على شيء من المواد #الغذائية المدعومة، بينما بقيت المحروقات متاحة ويمكن الحصول عليها لكن بعد سحب الدعم منها تقريباً، الأمر الذي وفّر على الخزينة مبالغ مالية لا بأس بها إلا أنها ألحقت أضراراً جسيمة بالوضع المعيشي لغالبية المواطنين #السوريين نتيجة ارتفاع أسعار تلك المواد لأكثر من عشرة أضعاف في أدنى حالاتها بالأسواق.

 

الجدول التالي يوضح المواد التي كانت مدعومة من حكومة النظام (باستثناء الكهرباء) عام 2010 وسعرها، مقارنة مع أسعارها اليوم:

المادة سعر الوحدة 2010 بالليرة السورية سعر الوحدة 2018 بالليرة السورية فرق السعر ارتفاعاً بالليرة السورية
الخبز 15 ل.س للربطة 50 ل. س للربطة 35 ل. س
سكر 10 ل. س للكيلو 400 ل. س للكيلو 390 ل. س
رز 10 ل.س للكيلو 450 ل. س للكيلو 440 ل. س
غاز 250 ل. س للجرة 2650 ل. س للجرة 2400 ل. س
مازوت 15 ل. س للتر 180 ل. س للتر 165 ل. س
بنزين 44 ل. س للتر 225 ل. س للتر 181 ل. س

 

وفيما يلي جدول يوضح الفرق بقيمة متوسط الراتب في سورية بين 2010 و2018

الراتب بالليرة بالدولار
2010 8 آلاف 177
2018 30 الف 65

 

ويتضح من الجدول أن راتب الموظف انخفض كقيمة حقيقية مقارنة بالدولار، بنحو 112 دولار، أي مايعادل: 51 ألف ليرة سورية اليوم، وهو أكثر من متوسط الراتب الحالي للموظفين (30 ألف ليرة). ويعادل أيضاً 5,000 ليرة سورية عام 2010 وهو مايساوي تقريباً 62% من الراتب حينها.

إذن، المواطن السوري، وقبل الخوض بأي عملية حسابية بخصوص الدعم، خسر ماقيمته تقريباً 50 ألف ليرة كان يجب أن تضاف إلى راتبه الحالي، ولو أضيفت تبقى غير كافية نتيجة التضخم بأسعار #السلع، والإيجارات وكل الأمور المعيشية.

كان المواطن السوري الواحد، يحصل على 12 كيلو سكر في السنة أي كيلو واحد شهرياً بالسعر المدعوم، و6 كيلو رز في العام، أي نصف كيلو رز شهرياً، و200 لتر مازوت للأسرة وسطياً في العام موزعة على 6 أشهر الشتاء، وبقي البنزين والغاز والخبز دون قيود بالكميات، وعلى هذا، كانت الأسرة من 5 أشخاص تحصل شهرياً على:

  • 5 كيلو رز
  • 5 كيلو سكر
  • 3 لتر مازوت شهرياً من أصل 200 لتر موزعة على 6 أشهر فقط.
  • نحو جرة واحدة غاز شهرياً
  • نحو 40 لتر بنزين شهرياً
  • نحو 16 ربطة خبز شهرياً بمعدل 4 كل أسبوع.

وفيما يلي مقارنة بين انفاق العائلة السورية على المواد المدعومة شهرياً مقارنة بالراتب بين 2010 و2018:

المادة متوسط الانفاق 2010 متوسط الانفاق 2018
الخبز 240 ل. س 800 ل. س
السكر 50 ل. س 2,000 ل. س
الرز 25 ل. س 1,125 ل. س
المازوت 500 ل. س 6,000 ل. س
الغاز 250 ل. س 2,650 ل. س
البنزين 1,760 9,000 ل. س
المجموع مع بنزين 2,825 ل. س 21,575 ل. س
المجموع بدون بنزين 1,075 ل. س 12,575 ل. س

 

ويوضح الجدول التالي نسبة انفاق العائلة السورية من راتب المعيل على الدعم بين عامي 2010 و2018:

العام المتبقي من الراتب مع بنزين المتبقي من الراتب دون بنزين نسبة الانفاق من الراتب مع بنزين نسبة الانفاق من الراتب دون بنزين
2010 5,175 ل. س 6,925 ل. س 35.3% 13.5%
2018 8,425 17,425 ل. س 72% 42 %

 

أي أن الموظف السوري ينفق حالياً لشراء المواد التي من المفترض أن تكون مدعومة لتساعده في رفع مستوى معيشته، مابين 42 – 72% من الراتب وقد تزيد أكثر مع اضافة الكهرباء، مايجعل القضية عكسية في ضرب قدرته على الاستمرار في الحياة بظل هذه المعادلة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.