حسام صالح

على الرغم من محاولتها تغيير اسمها وطريقة تعاملها مع الأوضاع والمتغيرات المتسارعة في #سوريا، إلا أن هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) لم تستطع التغيير من إيدلوجيتها وطريقة تعاطيها في المناطق الخاضعة لسيطرتها، فكانت نفور الحاضنة الشعبية لها المثال الأكبر على فشلها في تحقيق ماترمي إليه من تشكيل ما يسمى “الإمارة الإسلامية في بلاد الشام”، فلجأت إلى الترهيب ضد المدنيين والعسكرة والاقتتال مع الفصائل الأخرى بعد شعورها أن “البساط” بدأ ينحسب تدريجياً من تحتها، واستمالة الأتراك لباقي الفصائل ومحاصرة الهيئة وتراجع نطاق سيطرتها، ليقتصر على بعض أرياف ريف #حلب و #حماة ومدينة #إدلب المعقل الرئيسي لها.

حاولنا في هذا التقرير التواصل مع العديد من الناشطين للوقوف على ممارسات هيئة تحرير الشام وطريقة تعاملها في مدينة إدلب، إلا أن الخوف والتردد كان العنوان الأبرز في إجابتهم، لأن الاعتقال سيكون من مصير كل شخص يحاول استنكار أو التعاطي بسلبية مع الهيئة.

ممارسات داعشية بصورة مخففة

كغيرها من التنظيمات الجهادية عملت هيئة تحرير الشام على تشكيل ذراع مدني لها لتولي الشؤون المحلية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، فكانت “سواعد الخير” هي الاسم المدني للهيئة التي شكلتها العام الماضي.

يقول الناشط “أبو النور” من مدينة إدلب إن: “أهالي مدينة إدلب يشتكون من ممارسات مجموعة سواعد الخير، وتدخلها في كل صغيرة وكبيرة، فيقومون بملاحقة المحلات التجارية والمدنيين بحجة تطبيق الشريعة”، مضيفاً أن “الهيئة نشرت بياناً بالتزامن مع ذكرى تحرير مدينة إدلب، ذكرت فيه أنها تعمل على مشروع (إدلب الخير) وذلك للحفاظ على تضحيات المجاهدين، بحسب ما ورد في البيان”.

في السياق ذاته يقول عضو أحد المنظمات المدنية في قلب مدينة إدلب والذي فضل عدم ذكر اسمه لموقع الحل إن: “هيئة تحرير الشام أسست في الصيف الماضي مكتب شؤون المنظمات في الشمال السوري، والتي قالت إنه لتنظيم العمل الإنساني، إلا أنه في الحقيقة وسيلة لفرض الأتاوات والتحكم في جميع المساعدات التي تقدم من المنظمات الإغاثية”.

تقلص مناطق النفوذ

تعتبر مدينة إدلب المعقل الأكبر والأهم بالنسبة لهيئة تحرير الشام، بعد تراجع سيطرة المعارضة السورية بشكل عام على حساب تقدم قوات النظام المدعومة روسياً وإيرانياً، في مقابل ذلك، أصبحت مدينة إدلب هي وجهة مقاتلي الهيئة بعد عمليات التهجير التي يقوم بها النظام والتي كان آخرها الغوطة الشرقية، فتحولت بذلك وجهة الصراع على النفوذ من النظام إلى مابين الفصائل والتي كانت في مقدمتها هيئة تحرير الشام، إلا أنها تنبهت إلى الخطر الذي يحدق بها بعد توجه الفصائل للمشاركة في عملية غصن الزيتون.

موقع الحل تواصل مع مصدر  مقرب من حركة أحرار الشام، والذي أكد أن “هيئة تحرير الشام تحاول حالياً الهجوم على مدينة دارة عزة وجبل بركات والتي تعتبر نقاط تحكم بريف حلب الغربي، لأن السيطرة على تلك المناطق وخصوصاً جبل بركات يعتبر ورقة رابحة في يد زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني، إذا ما حاولت تركيا والفصائل التي تدعمها الهجوم على مواقعه في إدلب، ومحاولة طرده منها”.

وأضاف المصدر “خسرت الهيئة العديد من نقاطها خلال الاشتباكات الدائرة مع جبهة تحرير سوريا، في كل من ريف إدلب الجنوبي وجبل شحشبو وبعض المناطق في سهل الغاب وريفي حماه وحلب”، مشيراً إلى أن “حركتيّ الزنكي وأحرار الشام تعرفان تماماً أساليب هيئة تحرير الشام في القتال،وعزوف الكثير من المقاتلين عن المشاركة في هذا الاقتتال”.

ماذا عن الخلافات؟

برزت العديد من الخلافات في كل مرة تغير فيها “جبهة تحرير الشام” من منهجها وطريقة تعاملها منذ بداية انشقاقها عن تنظيم القاعدة، ما أدى لانشقاق عدد من القادة المبايعين لها، إضافة إلى ضعف القاعدة الشعبية للهيئة بعد ممارستها مع المدنيين من تضييق على المدارس والجامعات ونشاطات المجتمع المدني، بحجة مخالفة الشريعة.

عن هذا الموضوع يقول الناشط “أبو النور” إن “الهيئة خلال الفترة الماضية حاولت الالتفات إلى الأمور الإدارية والمدنية فشكلت حكومة الإنقاذ وإدارة الخدمات لتكون وسيلتها في جني الضرائب والأتاوات وملاحقة المدنيين في أمور حياتهم، فتكونت فئة من عناصر الهيئة غير راضية عن هذه التصرفات، منها فئة المتشددون الذين يقولون أن القتال ضد النظام والبغاة هو الهدف الرئيسي للهيئة وأن مكان العناصر على الجبهات وليس في المدن وبين المدنيين، إضافة إلى عمليات الاقتتال مع باقي الفصائل التي أضعفت من الهيئة”.

وتبقى معركة هيئة تحرير الشام في إدلب هي الأهم، لأنها ستصبح معركة وجود أو فناء بالنسبة لها، فتحاول حالياً تجميع صفوفها من جديد، بعد تزايد الضغط الدولي عليها بعد القضاء بشكل شبه كامل على تنظيم الدولة، وتزايد الضغط عليها من قبل الفصائل المدعومة من تركيا وبدء أنقرة بإرسال وفود عسكرية كان آخرها قبل أيام إلى الشمال السوري وخصوصاً خان شيخون واستطلاع المناطق لدراسة إقامة نقاط مراقبة جديدة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة